المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة فصلت: [الآية 47]
سورة فصلت | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)
«أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ» فإنه تعالى أبان لنا في هذه الإحالة عن أحسن الطرق في العلم به ، فتبين لنا أنه الحق ، وأنه على كل شيء شهيد ، وقال في حق من عدل عن هذا النظر بالنظر فيه تعالى ابتداء «أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ» فلو رجعوا إلى ما دعاهم إليه من النظر في نفوسهم ، لم يكونوا في مرية من لقاء ربهم [ من عرف نفسه عرف ربه ] ثم تمم وقال : «أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ»
- الوجه الأول -وأراد هنا شيئية الوجود لا شيئية الثبوت ، فإن الأمر هناك لا يتصف بالإحاطة ، فكل ما سوى اللّه لا يمكنه الخروج من قبضة الحق ، فهو موجدهم ، فارجع بالنظر والاستقبال إلى ما منه خرجت ، فإنه لا أين لك غيره ، وانظر فيه تجده محيطا بك مع كونه مستقبلك ، فقد جمع بين الإطلاق والتقييد
- الوجه الثاني -لما كان ظهور الحق في الآيات وفي الأنفس هو الذي تبين له بالآيات تمم وقال : «إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ» من العالم «مُحِيطٌ» والإحاطة بالشيء تستر ذلك الشيء ، فيكون الظاهر المحيط لا ذلك الشيء ، وصار ذلك الشيء وهو العالم في المحيط كالروح للجسم ، والمحيط كالجسم للروح ، الواحد شهادة وهو المحيط الظاهر والآخر غيب وهو المستور بهذه الإحاطة وهو عين العالم ، ولما كان الحكم للموصوف بالغيب في الظاهر الذي هو الشهادة ، وكانت أعيان شيئيات العالم على استعدادات في أنفسها ، حكمت على الظاهر فيها بما تقتضيه حقائقها ، فظهرت صورها في المحيط وهو الحق ، فقيل عرش وكرسي وأفلاك
وأملاك وعناصر ومولدات وأحوال تعرض ، وما ثم إلا اللّه
- الوجه الثالث - «أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ» أي له في كل شيء إحاطة بما في ذلك المعلوم عليه ، إذا كانت الباء بمعنى في.
(42) سورة الشّورى مكيّة
------------
(54) الفتوحات ج 4 / 68 - ج 1 / 406 - ج 2 / 151 - ج 3 / 300تفسير ابن كثير:
ثم قال : ( إليه يرد علم الساعة ) أي : لا يعلم ذلك أحد سواه ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر لجبريل وهو من سادات الملائكة - حين سأله عن الساعة ، فقال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " ، وكما قال تعالى : ( إلى ربك منتهاها ) [ النازعات : 44 ] ، وقال ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) [ الأعراف : 187 ] .
وقوله : ( وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) أي : الجميع بعلمه ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وقد قال تعالى : ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) [ الأنعام : 59 ] ، وقال جلت عظمته : ( يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار ) [ الرعد : 8 ] ، وقال ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) [ فاطر : 11 ] .
وقوله : ( ويوم يناديهم أين شركائي ) أي : يوم القيامة ينادي الله المشركين على رءوس الخلائق : أين شركائي الذين عبدتموهم معي ؟ ( قالوا آذناك ) أي : أعلمناك ، ( ما منا من شهيد ) أي : ليس أحد منا اليوم يشهد أن معك شريكا ،
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
هذا إخبار عن سعة علمه تعالى واختصاصه بالعلم الذي لا يطلع عليه سواه فقال: { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ } أي: جميع الخلق ترد علمهم إلى الله تعالى، ويقرون بالعجز عنه، الرسل، والملائكة، وغيرهم.
{ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا } أي: وعائها الذي تخرج منه، وهذا شامل لثمرات جميع الأشجار التي في البلدان والبراري، فلا تخرج ثمرة شجرة من الأشجار، إلا وهو يعلمها علما تفصيليًا.
{ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى } من بني آدم وغيرهم، من أنواع الحيوانات، إلا بعلمه { وَلَا تَضَعُ } أنثى حملها { إِلَّا بِعِلْمِهِ } فكيف سوَّى المشركون به تعالى، من لا علم عنده ولا سمع ولا بصر؟.
{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } أي: المشركين به يوم القيامة توبيخًا وإظهارًا لكذبهم، فيقول لهم: { أَيْنَ شُرَكَائِيَ } الذين زعمتم أنهم شركائي، فعبدتموهم، وجادلتم على ذلك، وعاديتم الرسل لأجلهم؟ { قَالُوا } مقرين ببطلان إلهيتهم، وشركتهم مع الله: { آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ } أي: أعلمناك يا ربنا، واشهد علينا أنه ما منا أحد يشهد بصحة إلهيتهم وشركتهم، فكلنا الآن قد رجعنا إلى بطلان عبادتها، وتبرأنا منها.
تفسير البغوي
( إليه يرد علم الساعة ) أي : علمها إذا سئل عنها مردود إليه لا يعلمه غيره ، ( وما تخرج من ثمرات من أكمامها ) قرأ أهل المدينة والشام وحفص : " ثمرات " ، على الجمع ، وقرأ الآخرون " ثمرة " على التوحيد ، ( من أكمامها ) أوعيتها ، واحدها : كم . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يعني الكفرى قبل أن تنشق . ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) إلا بإذنه . يقول : يرد إليه علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنتاج . ( ويوم يناديهم ) ينادي الله المشركين ، ( أين شركائي ) الذين كنتم تزعمون أنها آلهة ، ( قالوا ) يعني المشركين ، ( آذناك ) أعلمناك ، ( ما منا من شهيد ) أي : من شاهد بأن لك شريكا لما عاينوا العذاب تبرءوا من الأصنام .
الإعراب:
(إِلَيْهِ) جار ومجرور متعلقان بيرد (يُرَدُّ) مضارع مبني للمجهول (عِلْمُ) نائب فاعل (السَّاعَةِ) مضاف إليه والجملة مستأنفة (وَما) الواو حرف عطف وما نافية (تَخْرُجُ) مضارع (مِنْ) حرف جر زائد (ثَمَراتٍ) مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل تخرج (مِنْ أَكْمامِها) متعلقان بتخرج والجملة معطوفة على ما قبلها لا محل لها (وَما) ما نافية (تَحْمِلُ) مضارع (مِنْ أُنْثى) من حرف جر زائد وأنثى مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل تحمل والجملة معطوفة على ما قبلها (وَلا تَضَعُ) معطوفة على ما قبلها (إِلَّا) حرف حصر (بِعِلْمِهِ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال أي مقرونا بعلمه (وَيَوْمَ) الواو استئنافية وظرف زمان متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر وهو مفعول به (يُنادِيهِمْ) مضارع ومفعوله وفاعل مستتر والجملة في محل جر بالإضافة (أَيْنَ) اسم استفهام في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف خبر مقدم (شُرَكائِي) مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية مفعول به ثان ليناديهم (قالُوا) ماض وفاعله والجملة مستأنفة (آذَنَّاكَ) ماض وفاعله ومفعوله والجملة مقول القول (ما) نافية (مِنَّا) متعلقان بخبر مقدم (مِنْ شَهِيدٍ) من حرف جر زائد وشهيد مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ مؤخر