المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة غافر: [الآية 78]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة غافر | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)
لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (74) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (77)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79)
وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82)
فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ
مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)
[ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا . . .» الآية :]
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهو العلم بوجود الرب أنه ربنا ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ، ولا يحشر إلا مؤمنا ، فلا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن علم وعيان محقق ، لا مرية فيه ولا شك ، من العلم باللّه والإيمان به خاصة ، هذا هو الذي يعمّ ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» ولا بأس أشد من الموت ، فما بقي إلا هل ينفعه ذلك الإيمان أم لا ؟ فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، فما رفع العقوبة عنهم إلا من اختصه اللّه ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ،
ويؤيد ذلك قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا)
حين رأوا البأس (كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
فهذا معنى قولنا «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ،
أما الاستثناء هنا فلا حكم على اللّه في خلقه ، وأما نفع ذلك الإيمان في المآل فإن ربك فعال لما يريد ، ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ، ومتى شاء ، فقوله تعالى : «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» هو موضع استشهادنا ، فحقت كلمة اللّه وجرت سنته في عباده ، أن الإيمان في ذلك الوقت لا يدفع عن المؤمن العذاب الذي أنزله بهم في ذلك الوقت ، إلا قوم يونس ، كما لا ينفع السارق توبته عند الحاكم فيرفع عنه حد القطع ، ولا الزاني مع توبته عند الحاكم ، مع علمنا بأنه تاب بقبول التوبة عند اللّه ، وحديث ماعز في ذلك صحيح أنه تاب توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم ؛ ومع هذا لم يدفع عنه الحد ، بل أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برجمه ، كذلك كل من آمن باللّه عند رؤية البأس من الكفار ، إن الإيمان لا يرفع البأس عنهم مع قبول اللّه إيمانهم في الدار الآخرة ، فيلقونه ولا ذنب لهم ، فإنهم ربما لو عاشوا بعد ذلك اكتسبوا أوزارا ، فالرجعة إلى اللّه عند رؤية البأس وحلول العذاب نافعة في الآخرة
وإن لم يكشف عنهم العذاب في الدنيا ، وما اختص قوم يونس إلا بالكشف عنهم في الحياة الدنيا عند رجعتهم ، فيكون معنى قوله «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» يعني في الدنيا ، فإن اللّه يقول : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فقول اللّه تعالى في هذه الآية كلام محقق في غاية الوضوح ، فإن النافع هو اللّه ، فما نفعهم إلا اللّه «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» يعني الإيمان عند رؤية البأس غير المعتاد ، وليس في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ، ولا أن الإيمان لا يقبل ، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته ، إلا قوم يونس : «وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ» فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ،
إلا أنا استروحنا من قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
(41) سورة فصّلت مكيّة
------------
(85) الفتوحات ج 3 / 383 ، 318 ، 383 ، 318 ، 533 ، 165 - ج 2 / 276 - ج 3 / 383تفسير ابن كثير:
ثم قال مسليا له : ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ) كما قال في " سورة النساء " سواء ، أي : منهم من أوحينا إليك خبرهم وقصصهم مع قومهم كيف كذبوهم ثم كانت للرسل العاقبة والنصرة ، ( ومنهم من لم نقصص عليك ) وهم أكثر ممن ذكر بأضعاف أضعاف ، كما تقدم التنبيه على ذلك في سورة النساء ، ولله الحمد والمنة .
وقوله : ( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) أي : ولم يكن لواحد من الرسل أن يأتي قومه بخارق للعادات ، إلا أن يأذن الله له في ذلك ، فيدل ذلك على صدقه فيما جاءهم به ، ( فإذا جاء أمر الله ) وهو عذابه ونكاله المحيط بالمكذبين ( قضي بالحق ) فينجو المؤمنون ، ويهلك الكافرون ; ولهذا قال : ( وخسر هنالك المبطلون )
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
أي: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا } كثيرين إلى قومهم، يدعونهم ويصبرون على أذاهم. { مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ } خبرهم { وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } وكل الرسل مدبرون، ليس بيدهم شيء من الأمر.
وما كان لأحد منهم { أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ } من الآيات السمعية والعقلية { إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } أي: بمشيئته وأمره، فاقتراح المقترحين على الرسل الإتيان بالآيات، ظلم منهم، وتعنت، وتكذيب، بعد أن أيدهم اللّه بالآيات الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به. { فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ } بالفصل بين الرسل وأعدائهم، والفتح. { قُضِىَ } بينهم { بِالْحَقِّ } الذي يقع الموقع، ويوافق الصواب بإنجاء الرسل وأتباعهم، وإهلاك المكذبين، ولهذا قال: { وَخَسِرَ هُنَالِكَ } أي: وقت القضاء المذكور { الْمُبْطِلُونَ } الذين وصفهم الباطل، وما جاءوا به من العلم والعمل، باطل، وغايتهم المقصودة لهم، باطلة، فَلْيَحْذَر هؤلاء المخاطبون، أن يستمروا على باطلهم، فيخسروا، كما خسر أولئك، فإن هؤلاء لا خير منهم، ولا لهم براءة في الكتب بالنجاة.
تفسير البغوي
( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ) خبرهم في القرآن ، ( ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) بأمر الله وإرادته ، ( فإذا جاء أمر الله ) قضاؤه بين الأنبياء والأمم ، ( قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون ) .
الإعراب:
(وَلَقَدْ) الواو حرف قسم وجر واللام واقعة في جواب القسم وقد حرف تحقيق (أَرْسَلْنا رُسُلًا) ماض وفاعله ومفعوله والجملة جواب قسم لا محل لها (مِنْ قَبْلِكَ) متعلقان بصفة محذوفة لرسلا (مِنْهُمْ) متعلقان بخبر مقدم محذوف (مِنْ) مبتدأ (قَصَصْنا) ماض وفاعله والجملة صلة (عَلَيْكَ) متعلقان بالفعل (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ) معطوف على ما قبله (عَلَيْكَ) متعلقان بالفعل (وَما) الواو حرف استئناف وما نافية (كانَ) ماض ناقص (لِرَسُولٍ) متعلقان بخبر كان المقدم (أَنْ يَأْتِيَ) مضارع منصوب بأن والمصدر المؤول في محل رفع اسم كان (بِآيَةٍ) متعلقان بيأتي (إِلَّا) حرف حصر (بِإِذْنِ) متعلقان بخبر كان المحذوف (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (فَإِذا) الفاء حرف استئناف وإذا ظرفية شرطية غير جازمة (جاءَ) ماض (أَمْرُ) فاعل (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة في محل جر بالإضافة (قُضِيَ) ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر والجملة جواب شرط غير جازم (بِالْحَقِّ) متعلقان بحال محذوفة (وَخَسِرَ) معطوف على ما قبله (هُنالِكَ) اسم إشارة في محل نصب على الظرفية المكانية (الْمُبْطِلُونَ) فاعل مرفوع بالواو.