الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة البقرة: [الآية 35]

سورة البقرة
وَقُلْنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿35﴾

تفسير الجلالين:

«وقلنا يا آدم اسكن أنت» تأكيد للضمير المستتر ليعطف عليه «وزوجك» حواء بالمد وكان خلقها من ضلعه الأيسر «الجنة وكلا منها» أكلاً «رغداً» واسعا لاحجر فيه «حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة» بالأكل منها وهى الحنطة أو الكرم أو غيرهما «فتكونا» فتصيرا «من الظالمين» العاصين.

تفسير الشيخ محي الدين:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)

أصل التكاليف مشتق من الكلف وهي المشقات «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» وهو ما آتاها من التمكن الذي هو وسعها ، فقد خلق سبحانه لنا التمكن من فعل بعض الأعمال ، نجد ذلك من نفوسنا ولا ننكره ، وهي الحركة الاختيارية ، كما جعل سبحانه فينا المانع من بعض الأفعال الظاهرة فينا ، ونجد ذلك من نفوسنا ، كحركة المرتعش الذي لا اختيار للمرتعش فيها ، وبذلك القدر من التمكن الذي يجده الإنسان في نفسه صح أن يكون مكلفا ، ولا يحقق الإنسان بعقله لما ذا يرجع ذلك التمكن ، هل لكونه قادرا أو لكونه مختارا ؟ وإن كان مجبورا في اختياره ، ولا يمكن رفع الخلاف في هذه المسألة ، فإنها من المسائل المعقولة ولا يعرف الحق فيها إلا بالكشف ، وإذا بذلت النفس الوسع في طاعة اللّه لم يقم عليها حجة ،

فإن اللّه أجلّ أن يكلف نفسا إلا وسعها ، ولذلك كان الاجتهاد في الفروع والأصول «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» لما كانت النفوس ولاة الحق على الجوارح ، والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه ، مطيعة بكل وجه ، والنفوس ليست كذلك ، فإذا عملت لغير عبادة لا يقبل العمل من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة ، لكن من حيث أن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة ، فإنها تجزى به تلك الجارحة ، فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شيء إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة ، وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد ، والجوارح لا تجزى بها لأنها ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات ، فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها ، فإن جارت النفوس فعليها ، وللجوارح رفع الحرج ، بل لهم الخير الأتم ، وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح ، لذلك قال تعالى : «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فميز اللّه بين الكسب والاكتساب باللام وعلى ، وهذه الآية بشرى من اللّه حيث جعل المخالفة اكتسابا والطاعة كسبا ، فقال : «لَها ما كَسَبَتْ» فأوجبه لها .

وقال في المعصية والمخالفة : «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فما أوجب لها الأخذ بما اكتسبته ، فالاكتساب ما هو حق لها فتستحقه ، فتستحق الكسب ولا تستحق الاكتساب ، والحق لا يعامل إلا بالاستحقاق ، والعفو من اللّه يحكم على الأخذ بالجريمة «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا» اعلم أن الرحمة أبطنها اللّه في النسيان الموجود في العالم ، وأنه لو لم يكن لعظم الأمر وشق ، وفيما يقع فيه التذكر كفاية ، وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين اللّه في موطن التكليف ، إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم اللّه فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة ، فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من اللّه حيث يشهده ويراه ، والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب ، قال صلّى اللّه عليه وسلم:

إن اللّه إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم ، حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا ، وقال صلّى اللّه عليه وسلم : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، فلا يؤاخذهم اللّه به في الدنيا ولا في الآخرة ، فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل ، وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب ، واختلفوا في الحكم ، وكذلك في الخطأ على قدر ما شرع الشارع في

أشخاص المسائل ، مثل الإفطار ناسيا في رمضان وغير ذلك من المسائل ، فإن اللّه تعالى الذي شرع المعصية والطاعة وبيّن حكمهما ، رفع حكم الأخذ بالمعصية في حق الناسي والمخطئ «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ» وهذا تعليم من الحق لنا أن نسأله في أن لا يقع منه في المستقبل ما لم يقع في الحال ، «وَاعْفُ عَنَّا» أي كثر خيرك لنا وقلل بلاءك عنا ، أي قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر ، فإن العفو من الأضداد يطلق بإزاء الكثرة والقلة ، وليس إلا عفوك عن خطايانا التي طلبنا منك أن تسترنا عنها حتى لا تصيبنا ، وهو قولنا : «وَاغْفِرْ لَنا» أي استرنا من المخالفات حتى لا تعرف مكاننا فتقصدنا «وَارْحَمْنا» برحمة الامتنان ورحمة الوجوب ، أي برحمة الاختصاص.

------------

(286) التنزلات الموصلية - الفتوحات ج 1 / 341 - ج 2 / 381 - ج 3 / 348 ، 123 ، 511 - ج 2 / 535 ، 684 - ج 3 / 381 - ج 1 / 435 ، 434

تفسير ابن كثير:

يقول الله تعالى إخبارا عما أكرم به آدم : بعد أن أمر الملائكة بالسجود له ، فسجدوا إلا إبليس : إنه أباحه الجنة يسكن منها حيث يشاء ، ويأكل منها ما شاء رغدا ، أي : هنيئا واسعا طيبا .

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه ، من حديث محمد بن عيسى الدامغاني ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ميكائيل ، عن ليث ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر : قال : قلت : يا رسول الله ؛ أريت آدم ، أنبيا كان ؟ قال : نعم ، نبيا رسولا كلمه الله قبلا فقال : ( اسكن أنت وزوجك الجنة ) .

وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم ، أهي في السماء أم في الأرض ؟ والأكثرون على الأول [ وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض ] ، وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف ، إن شاء الله تعالى ، وسياق الآية يقتضي أن حواء خلقت قبل دخول آدم الجنة ، وقد صرح بذلك محمد بن إسحاق ، حيث قال : لما فرغ الله من معاتبة إبليس ، أقبل على آدم وقد علمه الأسماء كلها ، فقال : ( يا آدم أنبئهم بأسمائهم ) إلى قوله : ( إنك أنت العليم الحكيم ) قال : ثم ألقيت السنة على آدم - فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم ، عن ابن عباس وغيره - ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر ، ولأم مكانه لحما ، وآدم نائم لم يهب من نومه ، حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء ، فسواها امرأة ليسكن إليها . فلما كشف عنه السنة وهب من نومه ، رآها إلى جنبه ، فقال - فيما يزعمون والله أعلم - : لحمي ودمي وروحي . فسكن إليها . فلما زوجه الله ، وجعل له سكنا من نفسه ، قال له قبلا ( يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )

ويقال : إن خلق حواء كان بعد دخوله الجنة ، كما قال السدي في تفسيره ، ذكره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : أخرج إبليس من الجنة ، وأسكن آدم الجنة ، فكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليه ، فنام نومة فاستيقظ ، وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ، فسألها : ما أنت ؟ قالت : امرأة . قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي . قالت له الملائكة - ينظرون ما بلغ من علمه - : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء . قالوا : ولم سميت حواء ؟ قال : إنها خلقت من شيء حي . قال الله : ( يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما )

وأما قوله : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) فهو اختبار من الله تعالى وامتحان لآدم . وقد اختلف في هذه الشجرة : ما هي ؟

فقال السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس : الشجرة التي نهي عنها آدم - عليه السلام - هي الكرم . وكذا قال سعيد بن جبير ، والسدي ، والشعبي ، وجعدة بن هبيرة ، ومحمد بن قيس .

وقال السدي - أيضا - في خبر ذكره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) هي الكرم . وتزعم يهود أنها الحنطة .

وقال ابن جرير وابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ، حدثنا أبو يحيى الحماني ، حدثنا النضر أبو عمر الخراز ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الشجرة التي نهي عنها آدم - عليه السلام - هي السنبلة .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا ابن عيينة وابن المبارك ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : هي السنبلة .

وقال محمد بن إسحاق ، عن رجل من أهل العلم ، عن حجاج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : هي البر .

وقال ابن جرير : وحدثني المثنى بن إبراهيم ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا القاسم ، حدثني

رجل من بني تميم ، أن ابن عباس كتب إلى أبي الجلد يسأله عن الشجرة التي أكل منها آدم ، والشجرة التي تاب عندها آدم . فكتب إليه أبو الجلد : سألتني عن الشجرة التي نهي عنها آدم ، عليه السلام ، وهي السنبلة ، وسألتني عن الشجرة التي تاب عندها آدم وهي الزيتونة .

وكذلك فسره الحسن البصري ، ووهب بن منبه ، وعطية العوفي ، وأبو مالك ، ومحارب بن دثار ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى .

وقال محمد بن إسحاق ، عن بعض أهل اليمن ، عن وهب بن منبه : أنه كان يقول : هي البر ، ولكن الحبة منها في الجنة ككلى البقر ، ألين من الزبد وأحلى من العسل .

وقال سفيان الثوري ، عن حصين ، عن أبي مالك : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) قال : النخلة .

وقال ابن جرير ، عن مجاهد : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) قال : تينة . وبه قال قتادة وابن جريج .

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : كانت الشجرة من أكل منها أحدث ، ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث ، وقال عبد الرزاق : حدثنا عمر بن عبد الرحمن بن مهرب قال : سمعت وهب بن منبه يقول : لما أسكن الله آدم وزوجته الجنة ، ونهاه عن أكل الشجرة ، وكانت شجرة غصونها متشعب بعضها من بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهي الثمرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته .

فهذه أقوال ستة في تفسير هذه الشجرة .

قال الإمام العلامة أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله : والصواب في ذلك أن يقال : إن الله جل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة ، دون سائر أشجارها ، فأكلا منها ، ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين ؟ لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ولا من السنة الصحيحة . وقد قيل : كانت شجرة البر . وقيل : كانت شجرة العنب ، وقيل : كانت شجرة التين . وجائز أن تكون واحدة منها ، وذلك علم ، إذا علم ينفع العالم به علمه ، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به ، والله أعلم . [ وكذلك رجح الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره وغيره ، وهو الصواب ] .


تفسير الطبري :

قوله تعالى‏{‏وقلنا يا آدم اسكن‏}‏ لا خلاف أن الله تعالى أخرج إبليس عند كفره وأبعده عن الجنة، وبعد إخراجه قال لآدم‏:‏ اسكن، أي لازم الإقامة واتخذها مسكنا، وهو محل السكون‏.‏ وسكن إليه يسكن سكونا‏.‏ والسكن‏:‏ النار، قال الشاعر‏:‏ قد قومت بسكن وأدهان والسكن‏:‏ كل ما سكن إليه‏.‏ والسكين معروف سمي به لأنه يسكن حركة المذبوح، ومنه المسكين لقلة تصرفه وحركته‏.‏ وسكان السفينة عربي، لأنه يسكنها عن الاضطراب‏.‏ في قوله تعالى‏{‏اسكن‏}‏ تنبيه على الخروج، لأن السكنى لا تكون ملكا، ولهذا قال بعض العارفين‏:‏ السكنى تكون إلى مدة ثم تنقطع، فدخولهما في الجنة كان دخول سكنى لا دخول إقامة‏.‏ قلت‏:‏ وإذا كان هذا فيكون فيه دلالة على ما يقول الجمهور من العلماء‏:‏ إن من أسكن رجلا مسكنا له أنه لا يملكه بالسكنى، وأن له أن يخرجه إذا انقضت مدة الإسكان‏.‏ وكان الشعبي يقول‏:‏ إذا قال الرجل داري لك سكنى حتى تموت فهي له حياته وموته، وإذا قال‏:‏ داري هذه اسكنها حتى تموت فإنها ترجع إلى صاحبها إذا مات‏.‏ ونحو من السكنى العمرى، إلا أن الخلاف في العمرى أقوى منه في السكنى‏.‏ وسيأتي الكلام في العمرى في هود إن شاء الله تعالى‏.‏ قال الحربي‏:‏ سمعت ابن الإعرابي يقول‏:‏ لم يختلف العرب في أن هذه الأشياء على ملك أربابها ومنافعها لمن جعلت له العمرى والرقبى والإفقار والإخبال والمنحة والعرية والسكنى والإطراق‏.‏ وهذا حجة مالك وأصحابه في أنه لا يملك شيء من العطايا إلا المنافع دون الرقاب، وهو قول الليث بن سعد والقاسم بن محمد، ويزيد بن قسيط‏.‏ والعمرى‏:‏ هو إسكانك الرجل في دار لك مدة عمرك أو عمره‏.‏ ومثله الرقبى‏:‏ وهو أن يقول‏:‏ إن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبلك فهي لك، وهي من المراقبة‏.‏ والمراقبة‏:‏ أن يرقب كل واحد منهما موت صاحبه، ولذلك اختلفوا في إجازتها ومنعها، فأجازها أبو يوسف والشافعي، وكأنها وصية عندهم‏.‏ ومنعها مالك والكوفيون، لأن كل واحد منهم يقصد إلى عوض لا يدري هل يحصل له، ويتمنى كل واحد منهما موت صاحبه‏.‏ وفي الباب حديثان أيضا بالإجازة والمنع ذكرهما ابن ماجة في سننه، الأول رواه جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏العمرى جائزة لمن أعمرها والرقبى جائزة لمن أرقبها‏)‏ ففي هذا الحديث التسوية بين العمرى والرقبى في الحكم‏.‏ الثاني رواه ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا رقبى فمن أرقب شيئا فهو له حياته ومماته‏)‏‏.‏ قال‏:‏ والرقبى أن يقول هو للآخر‏:‏ مني ومنك موتا‏.‏ فقوله‏:‏ ‏(‏لا رقبى‏)‏ نهي يدل على المنع، وقوله‏:‏ ‏(‏من أرقب شيئا فهو له‏)‏ يدل على الجواز، وأخرجهما أيضا النسائي‏.‏ وذكر عن ابن عباس قال‏:‏ العمرى والرقبى سواء‏.‏ وقال ابن المنذر‏:‏ ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏العمرى جائزة لمن أعمرها والرقبى جائزة لمن أرقبها‏)‏‏.‏ فقد صحح الحديث ابن المنذر، وهو حجة لمن قال بأن العمرى والرقبى سواء‏.‏ وروي عن علي وبه قال الثوري وأحمد، وأنها لا ترجع إلى الأول أبدا، وبه قال إسحاق‏.‏ وقال طاوس‏:‏ من أرقب شيئا فهو سبيل الميراث‏.‏ والإفقار مأخوذ من فقار الظهر‏.‏ أفقرتك ناقتي‏:‏ أعرتك فقارها لتركبها‏.‏ وأفقرك الصيد إذا أمكنك من فقاره حتى ترميه‏.‏ ومثله الإخبال، يقال‏:‏ أخبلت فلانا إذا أعرته ناقة يركبها أو فرسا يغزو عليه، قال زهير‏:‏ هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا والمنحة‏:‏ العطية‏.‏ والمنحة‏:‏ منحة اللبن‏.‏ والمنيحة‏:‏ الناقه أو الشاة يعطيها الرجل آخر يحتلبها ثم يردها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم‏)‏‏.‏‏"‏ رواه أبو أمامة، أخرجه الترمذي والدارقطني وغيرهما‏"‏، وهو صحيح‏.‏ والإطراق‏:‏ إعارة الفحل، استطرق فلان فلانا فحله‏:‏ إذا طلبه ليضرب في إبله، فأطرقه إياه، ويقال‏:‏ أطرقني فحلك أي أعرني فحلك ليضرب في إبلي‏.‏ وطرق الفحل الناقة يطرق طروقا أي قعا عليها‏.‏ وطروقة الفحل‏:‏ أنثاه، يقال‏:‏ ناقة طروقة الفحل للتي بلغت أن يضربها الفحل‏.‏ قوله تعالى‏{‏أنت وزوجك‏}‏ ‏{‏أنت‏}‏ تأكيد للمضمر الذي في الفعل، ومثله ‏{‏فاذهب أنت وربك‏}‏‏.‏ ولا يجوز اسكن وزوجك، ولا اذهب وربك، إلا في ضرورة الشعر، كما قال‏:‏ قلت إذ أقبلت وزهر تهادى كنعاج الملا تعسفن رملا ف ‏{‏زهر‏}‏ معطوف على المضمر في ‏{‏أقبلت‏}‏ ولم يؤكد ذلك المضمر‏.‏ ويجوز في غير القرآن على بعد‏:‏ قم وزيد‏.‏ قوله تعالى‏{‏وزوجك‏}‏ لغة القرآن ‏{‏زوج‏}‏ بغير هاء، وقد جاء في‏"‏ صحيح مسلم‏"‏‏{‏زوجة‏}‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فجاء فقال‏:‏ ‏(‏يا فلان هذه زوجتي فلانة‏)‏‏:‏ فقال يا رسول الله، من كنت أظن به فلم أكن أظن بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم‏)‏‏.‏ وزوج آدم عليه السلام هي حواء عليها السلام، وهو أول من سماها بذلك حين خلقت من ضلعه من غير أن يحس آدم عليه السلام بذلك، ولو ألم بذلك لم يعطف رجل على امرأته، فلما انتبه قيل له‏:‏ من هذه‏؟‏ قال‏:‏ امرأة قيل‏:‏ وما اسمها‏؟‏ قال‏:‏ حواء، قيل‏:‏ ولم سميت امرأة‏؟‏ قال‏:‏ لأنها من المرء أخذت، قيل‏:‏ ولم سميت حواء‏؟‏ قال‏:‏ لأنها خلقت من حي‏.‏ روي أن الملائكة سألته عن ذلك لتجرب علمه، وأنهم قالوا له‏:‏ أتحبها يا آدم‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قالوا لحواء‏:‏ أتحبينه يا حواء‏؟‏ قالت‏:‏ لا، وفي قلبها أضعاف ما في قلبه من حبه‏.‏ قالوا‏:‏ فلو صدقت امرأة في حبها لزوجها لصدقت حواء‏.‏ وقال ابن مسعود وابن عباس‏:‏ لما أسكن آدم الجنة مشى فيها مستوحشا، فلما نام خلقت حواء من ضلعه القصرى من شقه الأيسر ليسكن إليها ويأنس بها، فلما انتبه رآها فقال‏:‏ من أنت‏؟‏ قالت‏:‏ امرأة خلقت من ضلعك لتسكن إلي، وهو معنى قوله تعالى‏{‏هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها‏}‏ ‏.‏ قال العلماء‏:‏ ولهذا كانت المرأة عوجاء، لأنها خلقت من أعوج وهو الضلع‏.‏ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن المرأة خلقت من ضلع - في رواية‏:‏ وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه - لن تستقيم لك على طريقة واحدة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها‏)‏‏.‏ وقال الشاعر‏:‏ هي الضلع العوجاء ليست تقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى أليس عجيبا ضعفها واقتدارها ومن هذا الباب استدل العلماء على ميراث الخنثى المشكل إذا تساوت فيه علامات النساء والرجال في اللحية والثدي والمبال بنقص الأعضاء‏.‏ فإن نقصت أضلاعه عن أضلاع المرأة أعطي نصيب رجل - روي ذلك عن علي رضي الله عنه - لخلق حواء من أحد أضلاعه، وسيأتي في المواريث بيان هذا إن شاء الله تعالى‏.‏ قوله تعالى‏{‏الجنة ‏}‏الجنة‏:‏ البستان، وقد تقدم القول فيها‏.‏ ولا التفات لما ذهبت إليه المعتزلة والقدرية من أنه لم يكن في جنة الخلد وإنما كان في جنة بأرض عدن‏.‏ واستدلوا على بدعتهم بأنها لو كانت جنة الخلد لما وصل إليه إبليس، فإن الله يقول‏{‏لا لغو فيها ولا تأثيم‏}‏ ‏.‏ وقال ‏{‏لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا‏} ‏ُ ‏.‏ وقال‏{‏لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما‏.‏ إلا قيلا سلاما‏}‏ ُ ‏.‏ وأنه لا يخرج منها أهلها لقوله‏{‏وما هم منها بمخرجين‏} ‏ ‏.‏ وأيضا فإن جنة الخلد هي دار القدس، قدست عن الخطايا والمعاصي تطهيرا لها‏.‏ وقد لغا فيها إبليس وكذب، وأخرج منها آدم وحواء بمعصيتهما‏.‏ قالوا‏:‏ وكيف يجوز على آدم مع مكانه من الله وكمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد والملك الذي لا يبلى‏؟‏ فالجواب‏:‏ أن الله تعالى عرف الجنة بالألف واللام، ومن قال‏:‏ أسأل الله الجنة، لم يفهم منه في تعارف الخلق إلا طلب جنة الخلد‏.‏ ولا يستحيل في العقل دخول إبليس الجنة لتغرير آدم، وقد لقي موسى آدم عليهما السلام فقال له موسى‏:‏ أنت أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجنة، فأدخل الألف واللام ليدل على أنها جنة الخلد المعروفة، فلم ينكر ذلك آدم، ولو كانت غيرها لرد على موسى، فلما سكت آدم على ما قرره موسى صح أن الدار التي أخرجهم الله عز وجل منها بخلاف الدار التي أخرجوا إليها‏.‏ وأما ما احتجوا به من الآي فذلك إنما جعله الله فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة، ولا يمتنع أن تكون دار الخلد لمن أراد الله تخليده فيها وقد يخرج منها من قضي عليه بالفناء‏.‏ وقد أجمع أهل التأويل على أن الملائكة يدخلون الجنة على أهل الجنة ويخرجون منها، وقد كان مفاتيحها بيد إبليس ثم انتزعت منه بعد المعصية، وقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ثم خرج منها وأخبر بما فيها وأنها هي جنة الخلد حقا‏.‏ وأما قولهم‏:‏ إن الجنة دار القدس وقد طهرها الله تعالى من الخطايا فجهل منهم، وذلك أن الله تعالى أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة وهي الشام، وأجمع أهل الشرائع على أن الله تعالى قدسها وقد شوهد فيها المعاصي والكفر والكذب ولم يكن تقديسها مما يمنع فيها المعاصي، وكذلك دار القدس‏.‏ قال أبو الحسن بن بطال‏:‏ وقد حكى بعض المشايخ أن أهل السنة مجمعون على أن جنة الخلد هي التي أهبط منها آدم عليه السلام، فلا معنى لقول من خالفهم‏.‏ وقولهم‏:‏ كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد، فيعكس عليهم ويقال‏:‏ كيف يجوز على آدم وهو في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد في دار الفناء هذا ما لا يجوز على من له أدنى مسكة من عقل، فكيف بآدم الذي هو أرجح الخلق عقلا، على ما قال أبو أمامة على ما يأتي‏.‏ قوله تعالى‏{‏وكلا منها رغدا حيث شئتما‏}‏ قراءة الجمهور ‏{‏رغدا‏}‏ بفتح الغين‏.‏ وقرأ النخعي وابن وثاب بسكونها‏.‏ والرغد‏:‏ العيش الدار الهني الذي لا عناء فيه، قال‏:‏ بينما المرء تراه ناعما يأمن الأحداث في عيش رغد ويقال‏:‏ رغد عيشهم ورغد بضم الغين وكسرها‏.‏ وأرغد القوم‏:‏ أخصبوا وصاروا في رغد من العيش‏.‏ وهو منصوب على الصفة لمصدر محذوف، وحيثُ وحيثَ وحيثِ، وحوثَ وحوثِ وحاث، كلها لغات، ذكرها النحاس وغيره‏.‏ قوله تعالى‏{‏ولا تقربا هذه الشجرة‏}‏ أي لا تقرباها بأكل، لأن الإباحة فيه وقعت‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ سمعت الشاشي في مجلس النضر ‏(1) يقول‏:‏ إذا قيل لا تقرب بفتح الراء كان معناه لا تلبس بالفعل، وإذا كان ‏(‏بضم الراء‏)‏ فإن معناه لا تدن منه‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ قرب الشيء يقرب قربا أي دنا‏.‏ وقربته بالكسر أقربه قربانا أي دنوت منه‏.‏ وقربت أقرب قرابة - مثل كتبت أكتب كتابة - إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة، والاسم القرب‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ قلت لأعرابي‏:‏ ما القرب‏؟‏ فقال‏:‏ سير الليل لورد الغد‏.‏ وقال ابن عطية‏:‏ قال بعض الحذاق‏:‏ إن الله تعالى لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظ يقتضي الأكل وما يدعو إليه العرب وهو القرب‏.‏ قال ابن عطية‏:‏ وهذا مثال بين في سد الذرائع‏.‏ وقال بعض أرباب المعاني قوله‏{‏ولا تقربا‏}‏ إشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجنة، وأن سكناه فيها لا يدوم، لأن المخلد لا يحظر عليه شيء ولا يؤمر ولا ينهى‏.‏ والدليل على هذا قوله تعالى ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏ ‏.‏ فدل على خروجه منها‏.‏ قوله تعالى‏{‏هذه الشجرة‏}‏ الاسم المبهم ينعت بما فيه الألف واللام لا غير، كقولك‏:‏ مررت بهذا الرجل وبهذه المرأة وهذه الشجرة‏.‏ وقرأ ابن محيصن‏{‏هذي الشجرة‏}‏ بالياء وهو الأصل، لأن الهاء في هذه بدل من ياء ولذلك انكسر ما قبلها، وليس في الكلام هاء تأنيث قبلها كسرة سواها، وذلك لأن أصلها الياء‏.‏ والشجرة والشجرة والشيرة، ثلاث لغات وقرئ ‏{‏الشجرة‏}‏ بكسر الشين‏.‏ والشَجرة والشِجرة‏:‏ ما كان على ساق من نبات الأرض‏.‏ وأرض شجيرة وشجراء أي كثيرة الأشجار، وواد شجير، ولا يقال‏:‏ واد أشجر‏.‏ وواحد الشجراء شجرة، ولم يأت من الجمع على هذا المثال إلا أحرف يسيرة‏:‏ شجرة وشجراء، وقصبة وقصباء، وطرفة وطرفاء، وحلفة وحلفاء‏.‏ وكان الأصمعي يقول في واحد الحلفاء‏:‏ حلفة، بكسر اللام مخالفة لأخواتها‏.‏ وقال سيبويه‏:‏ الشجراء واحد وجمع، وكذلك القصباء والطرفاء والحلفاء‏.‏ والمشجرة‏:‏ موضع الأشجار‏.‏ وأرض مشجرة، وهذه الأرض أشجر من هذه أي أكثر شجرا، قال الجوهري‏.‏ التاسعة‏:‏ واختلف أهل التأويل في تعيين هذه الشجرة التي نهي عنها فأكل منها، فقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وجعدة بن هبيرة‏:‏ هي الكرم، ولذلك حرمت علينا الخمر‏.‏ وقال ابن عباس أيضا وأبو مالك وقتادة‏:‏ هي السنبلة، والحبة منها ككلى البقر، أحلى من العسل وألين من الزبد، قاله وهب بن منبه‏.‏ ولما تاب الله على آدم جعلها غذاء لبنيه‏.‏ وقال ابن جريج عن بعض الصحابة‏:‏ هي شجرة التين، وكذا روى سعيد عن قتادة، ولذلك تعبر في الرؤيا بالندامة لآكلها من أجل ندم آدم عليه السلام على أكلها، ذكره السهيلي‏.‏ قال ابن عطية‏:‏ وليس في شيء من هذا التعيين ما يعضده خبر، وإنما الصواب أن يعتقد أن الله تعالى نهى آدم عن شجرة فخالف هو إليها وعصى في الأكل منها‏.‏ وقال القشيري أبو نصر‏:‏ وكان الإمام والدي رحمه الله يقول‏:‏ يعلم على الجملة أنها كانت شجرة المحنة‏.‏ واختلفوا كيف أكل منها مع الوعيد المقترن بالقرب وهو قوله تعالى‏{‏فتكونا من الظالمين‏}‏، فقال قوم أكلا من غير التي أشير إليها فلم يتأولا النهي واقعا على جميع جنسها، كأن إبليس غره بالأخذ بالظاهر قال ابن العربي‏:‏ وهي أول معصية عصي الله بها على هذا القول‏.‏ قال‏{‏وفيه دليل على أن من حلف ألا يأكل من هذا الخبز فأكل من جنسه حنث‏.‏ وتحقيق المذاهب فيه أن أكثر العلماء قالوا‏:‏ لا حنث فيه‏.‏ وقال مالك وأصحابه‏:‏ إن اقتضى بساط اليمين تعيين المشار إليه لم يحنث بأكل جنسه، وإن اقتضى بساط اليمين أو سببها أو نيتها الجنس حمل عليه وحنث بأكل غيره، وعليه حملت قصة آدم عليه السلام فإنه نهي عن شجرة عينت له وأريد بها جنسها، فحمل القول على اللفظ دون المعنى‏.‏ وقد اختلف علماؤنا في فرع من هذا، وهو أنه إذا حلف ألا يأكل هذه الحنطة فأكل خبزا منها على قولين، قال في الكتاب‏:‏ يحنث، لأنها هكذا تؤكل‏.‏ وقال ابن المواز‏:‏ لا شيء عليه، لأنه لم يأكل حنطة وإنما أكل خبزا فراعى الاسم والصفة‏.‏ ولو قال في يمينه‏:‏ لا آكل من هذه الحنطة لحنث بأكل الخبز المعمول منها وفيما اشترى بثمنها من طعام وفيما أنبتت خلاف‏.‏ قال آخرون‏:‏ تأولا النهي على الندب‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ وهذا وإن كان مسألة من أصول الفقه فقد سقط ذلك ههنا، لقوله‏{‏فتكونا من الظالمين‏}‏ ‏.‏ فقرن النهي بالوعيد، وكذلك قوله سبحانه‏{‏فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏} ‏ .‏ وقال ابن المسيب‏:‏ إنما أكل آدم بعد أن سقته حواء الخمر فسكر وكان في غير عقله‏.‏ وكذلك قال يزيد بن قسيط، وكانا يحلفان بالله أنه ما أكل من هذه الشجرة وهو يعقل‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ وهذا فاسد نقلا وعقلا، أما النقل فلم يصح بحال، وقد وصف الله عز وجل خمر الجنة فقال‏{‏لا فيها غول‏}‏‏.‏ وأما العقل فلأن الأنبياء بعد النبوة معصومون عما يؤدي إلى الإخلال بالفرائض واقتحام الجرائم‏.‏ قلت‏:‏ قد استنبط بعض العلماء نبوة آدم عليه السلام قبل إسكانه الجنة من قوله تعالى‏{‏فلما أنبأهم بأسمائهم‏} ‏ُ ‏.‏فأمره الله تعالى أن ينبئ الملائكة بما ليس عندهم من علم الله جل وعز‏.‏ وقيل‏:‏ أكلها ناسيا، ومن الممكن أنهما نسيا الوعيد‏.‏ قلت‏:‏ وهو الصحيح لإخبار الله تعالى في كتابه بذلك حتما وجزما فقال‏{‏ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما‏} ‏ .‏ ولكن لما كان الأنبياء عليهم السلام يلزمهم من التحفظ والتيقظ لكثرة معارفهم وعلو منازلهم ما لا يلزم غيرهم كان تشاغله عن تذكر النهي تضييعا صار به عاصيا، أي مخالفا‏.‏ قال أبو أمامة‏:‏ لو أن أحلام بني آدم منذ خلق الله الخلق إلى يوم القيامة وضعت في كفة ميزان ووضع حلم آدم في كفة أخرى لرجحهم، وقد قال الله تعالى‏{‏ولم نجد له عزما‏}‏‏.‏ قلت‏:‏ قول أبي أمامة هذا عموم في جميع بني آدم‏.‏ وقد يحتمل أن يخص من ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه كان أوفر الناس حلما وعقلا‏.‏ وقد يحتمل أن يكون المعنى لو أن أحلام بني آدم من غير الأنبياء‏.‏ والله أعلم‏.‏ قلت‏:‏ والقول الأول أيضا حسن، فظنا أن المراد العين وكان المراد الجنس، كقول النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذ ذهبا وحريرا فقال‏:‏ ‏(‏هذان حرامان على ذكور أمتي‏)‏‏.‏ وقال في خبر آخر‏:‏ ‏(‏هذان مهلكان أمتي‏)‏‏.‏ وإنما أراد الجنس لا العين‏.‏ يقال‏:‏ إن أول من أكل من الشجرة حواء بإغواء إبليس إياها - على ما يأتي بيانه - وإن أول كلامه كان معها لأنها وسواس المخدة، وهي أول فتنة دخلت على الرجال من النساء، فقال‏:‏ ما منعتما هذه الشجرة إلا أنها شجرة الخلد، لأنه علم منهما أنهما كانا يحبان الخلد، فأتاهما من حيث أحبا - حبك الشيء يعمي ويصم - فلما قالت حواء لآدم أنكر عليها وذكر العهد، فألح على حواء وألحت حواء على آدم، إلى أن قالت‏:‏ أنا آكل قبلك حتى إن أصابني شيء سلمت أنت، فأكلت فلم يضرها، فأتت آدم فقالت‏:‏ كل فإني قد أكلت فلم يضرني، فأكل فبدت لهما سوآتهما وحصلا في حكم الذنب، لقول الله تعالى‏{‏ولا تقربا هذه الشجرة‏}‏ فجمعهما في النهي، فلذلك لم تنزل بها العقوبة حتى وجد المنهي عنه منهما جميعا، وخفيت على آدم هذه المسألة، ولهذا قال بعض العلماء‏:‏ إن من قال لزوجتيه أو أمتيه‏:‏ إن دخلتما الدار فأنتما طالقتان أو حرتان، إن الطلاق والعتق لا يقع بدخول إحداهما‏.‏ وقد اختلف علماؤنا في ذلك على ثلاثة أقوال، قال ابن القاسم‏:‏ لا تطلقان ولا تعتقان إلا باجتماعهما في الدخول، حملا على هذا الأصل وأخذا بمقتضى مطلق اللفظ‏.‏ وقاله سحنون‏.‏ وقال ابن القاسم مرة أخرى‏:‏ تطلقان جميعا وتعتقان جميعا بوجود الدخول من إحداهما، لأن بعض الحنث حنث، كما لو حلف ألا يأكل هذين الرغيفين فإنه بحنث بأكل أحدهما بل بأكل لقمة منهما‏.‏ وقال أشهب‏:‏ تعتق وتطلق التي دخلت وحدها، لأن دخول كل واحدة منهما شرطا في طلاقها أو عتقها‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ وهذا بعيد، لأن بعض الشرط لا يكون شرطا إجماعا‏.‏ قلت‏:‏ الصحيح الأول، وإن النهي إذا كان معلقا على فعلين لا تتحقق المخالفة إلا بهما، لأنك إذا قلت‏:‏ لا تدخلا الدار، فدخل أحدهما ما وجدت المخالفة منهما، لأن قول الله تعالى ‏{‏ولا تقربا هذه الشجرة‏}‏ ‏.‏ نهي لهما ‏{‏فتكونا من الظالمين‏}‏ ‏.‏ جوابه، فلا يكونا من الظالمين حتى يفعلا، فلما أكلت لم يصبها شيء، لأن المنهي عنه ما وجد كاملا‏.‏ وخفي هذا المعنى على آدم فطمع ونسي هذا الحكم، وهو معنى قوله تعالى‏{‏ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي‏} ‏ ‏.‏ وقيل‏:‏ نسي قوله‏{‏إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏} ‏ ‏.‏ والله أعلم‏.‏ واختلف العلماء في هذا الباب هل وقع من الأنبياء - صلوات الله عليهم أجمعين - صغائر من الذنوب يؤاخذون بها ويعاتبون عليها أم لا - بعد اتفاقهم على أنهم معصومون من الكبائر ومن كل رزيلة فيها شين ونقص إجماعا عند القاضي أبي بكر، وعند الأستاذ أبي إسحاق أن ذلك مقتضى دليل المعجزة، وعند المعتزلة أن ذلك مقتضى دليل العقل على أصولهم - ، فقال الطبري وغيره من الفقهاء والمتكلمين والمحدثين‏:‏ تقع الصغائر منهم‏.‏ خلافا للرافضة حيث قالوا‏:‏ إنهم معصومون من جميع ذلك، واحتجوا بما وقع من ذلك في التنزيل وثبت من تنصلهم من ذلك في الحديث، وهذا ظاهر لا خفاء فيه‏.‏ وقال جمهور من الفقهاء من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي‏:‏ إنهم معصومون من الصغائر كلها كعصمتهم من الكبائر أجمعها، لأنا أمرنا باتباعهم في أفعالهم وآثارهم وسيرهم أمرا مطلقا من غير التزام قرينة، فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن الاقتداء بهم، إذ ليس كل فعل من أفعالهم يتميز مقصده من القربة والإباحة أو الحظر أو المعصية، ولا يصح أن يؤمر المرء بامتثال أمر لعله معصية، لا سيما على من يرى تقديم الفعل على القول إذا تعارضا من الأصوليين‏.‏ قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني‏:‏ واختلفوا في الصغائر، والذي عليه الأكثر أن ذلك غير جائز عليهم، وصار بعضهم إلى تجويزها، ولا أصل لهذه المقالة‏.‏ وقال بعض المتأخرين ممن ذهب إلى القول الأول‏:‏ الذي ينبغي أن يقال إن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ونسبها إليهم وعاتبهم عليها، وأخبروا بها عن نفوسهم وتنصلوا منها وأشفقوا منها وتابوا، وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة لا يقبل التأويل جملتها وإن قبل ذلك أحادها، وكل ذلك مما لا يزري بمناصبهم، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم على جهة الندور وعلى جهة الخطأ والنسيان، أو تأويل دعا إلى ذلك فهي بالنسبة إلى غيرهم حسنات وفي حقهم سيئات، ‏(2)‏ إلى مناصبهم وعلو أقدارهم، إذ قد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه السائس، فأشفقوا من ذلك في موقف القيامة مع علمهم بالأمن والأمان والسلامة‏.‏ قال‏:‏ وهذا هو الحق‏.‏ ولقد أحسن الجنيد حيث قال‏:‏ حسنات الأبرار سيئات المقربين‏.‏ فهم - صلوات الله وسلامه عليهم - وإن كان قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم فلم يخل ذلك بمناصبهم ولا قدح في رتبهم، بل قد تلافاهم واجتباهم وهداهم ومدحهم وزكاهم واختارهم واصطفاهم، صلوات الله عليهم وسلامه‏.‏ قوله تعالى‏{‏فتكونا من الظالمين‏}‏ فتكونا عطف على ‏{‏تقربا‏}‏ فلذلك حذفت النون‏.‏ وزعم الجرمي أن الفاء هي الناصبة، وكلاهما جائز‏.‏ الظلم أصله وضع الشيء في غير موضعه‏.‏ والأرض المظلومة‏:‏ التي لم تحفر قط ثم حفرت‏.‏ قال النابغة‏:‏ وقفت فيها أصيلا لا وأسائلها عيت جوابا وما بالربع من أحد إلا الأواري لأيا ما أبينها والنؤيَ كالحوض بالمظلومة الجلد ويسمى ذلك التراب الظليم‏.‏ قال الشاعر‏:‏ فأصبح في غبراء بعد إشاحة على العيش مردود عليها ظليمها وإذا نحر البعير من غير داء به فقد ظلم، ومنه‏:‏‏.‏‏.‏ ظلامون للجزر ويقال‏:‏ سقانا ظليمة طيبة، إذا سقاهم اللبن قبل إدراكه‏.‏ وقد ظلم وطبه، إذا سقى منه قبل أن يروب ويخرج زبده‏.‏ واللبن مظلوم وظليم‏.‏ قال‏:‏ وقائلة ظلمت لكم سقائي وهل يخفى على العكد الظليم ورجل ظليم‏:‏ شديد الظلم‏.‏ والظلم‏:‏ الشرك، قال الله تعالى‏{‏إن الشرك لظلم عظيم‏} \\\\\\\\\\\\\\\\قوله تعالى ‏{‏وكلا منها رغدا‏}‏ حذفت النون من ‏{‏كلا‏}‏ لأنه أمر، وحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، وحذفها شاذ‏.‏ قال سيبويه‏:‏ من العرب من يقول أأكل، فيتم‏.‏ يقال منه‏:‏ أكلت الطعام أكلا ومأكلا‏.‏ والأكلة بالفتح المرة الواحدة حتى تشبع‏.‏ والأكلة بالضم اللقمة، تقول‏:‏ أكلت أكلة واحدة، أي لقمة، وهي القرصة أيضا‏.‏ وهذا الشيء أكلة لك، أي طعمة لك‏.‏ والأكل أيضا ما أكل‏.‏ ويقال‏:‏ فلان ذو أكل إذا كان ذا حظ من الدنيا ورزق واسع‏.‏ ‏{‏رغدا‏}‏ نعت لمصدر محذوف، أي أكلا رغدا‏.‏ قال ابن كيسان‏:‏ ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال‏.‏ وقال مجاهد‏{‏رغدا‏}‏ أي لا حساب عليهم‏.‏ والرغد في اللغة‏.‏ الكثير الذي لا يعنيك، ويقال‏:‏ أرغد القوم، إذا وقعوا في خصب وسعة‏.‏ وقد تقدم هذا المعنى‏.‏ ‏{‏حيث‏}‏ مبنية على الضم، لأنها خالفت أخواتها الظروف في أنها لا تضاف، فأشبهت قبل وبعد إذا أفردتا فضمت‏.‏ قال الكسائي‏:‏ لغة قيس وكنانة الضم، ولغة تميم الفتح‏.‏ قال الكسائي‏:‏ وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض، وينصبونها في موضع النصب، قال الله تعالى‏{‏سنستدرجهم من حيث لا يعلمون‏}‏.‏ وتضم وتفتح‏.‏ ‏{‏ولا تقربا هذه الشجرة ‏}‏الهاء من ‏{‏هذه‏}‏ بدل من ياء الأصل، لأن الأصل هذي‏.‏ قال النحاس‏:‏ ولا أعلم في العربية هاء تأنيث مكسورا ما قبلها إلا هاء ‏{‏هذه‏}‏ ومن العرب من يقول‏:‏ هاتا هند، ومنهم من يقول‏:‏ هاتي هند‏.‏ وحكى سيبويه‏:‏ هذه هند، بإسكان الهاء‏.‏ وحكى الكسائي عن العرب‏:‏ ولا تقربا هذي الشجرة‏.‏ وعن شبل ابن عباد قال‏:‏ كان ابن كثير وابن محيصن لا يثبتان الهاء في ‏{‏هذه‏}‏ في جميع القرآن‏.‏ وقراءة الجماعة ‏{‏رغدا‏}‏ بفتح الغين‏.‏ وروي عن ابن وثاب والنخعي أنهما سكّنا الغين‏.‏ وحكى سلمة عن الفراء قال يقال‏:‏ هذه فعلت وهذي فعلت، بإثبات ياء بعد الذال‏.‏ وهذِ فعلت، بكسر الذال من غير إلحاق ياء ولا هاء‏.‏ وتا فعلت‏.‏ قال هشام ويقال‏:‏ تا فعلت‏.‏ وأنشد‏:‏ خليلي لولا ساكن الدار لم أقم بتا الدار إلا عابر ابن سبيل قال ابن الأنباري‏:‏ وتا بإسقاط ها بمنزلة ذي بإسقاط ها من هذي، وبمنزلة ذه بإسقاط ها من هذه‏.‏ وقد قال الفراء‏:‏ من قال هذ قامت لا يسقط ها، لأن الاسم لا يكون على ذال واحدة‏. أضف سطرا ساقطا

التفسير الميسّر:

وقال الله: يا آدم اسكن أنت وزوجك حواء الجنة، وتمتعا بثمارها تمتعًا هنيئًا واسعًا في أي مكان تشاءان فيها، ولا تقربا هذه الشجرة حتى لا تقعا في المعصية، فتصيرا من المتجاوزين أمر الله.

تفسير السعدي

لما خلق الله آدم وفضله; أتم نعمته عليه; بأن خلق منه زوجة ليسكن إليها; ويستأنس بها; وأمرهما بسكنى الجنة; والأكل منها رغدا; أي: واسعا هنيئا، { حَيْثُ شِئْتُمَا } أي: من أصناف الثمار والفواكه; وقال الله له: { إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } { وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ } نوع من أنواع شجر الجنة; الله أعلم بها، وإنما نهاهما عنها امتحانا وابتلاء [أو لحكمة غير معلومة لنا] { فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } دل على أن النهي للتحريم; لأنه رتب عليه الظلم.


تفسير البغوي

قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} وذلك أن آدم لم يكن له في الجنة من يجانسه فنام نومة فخلق الله زوجته حواء من قصيراء من شقه الأيسر، وسميت حواء لأنها خلقت من حي، خلقها الله عز وجل من غير أن أحس به آدم ولا وجد له ألماً، ولو وجد ألماً لما عطف رجل على امرأة قط فلما هب من نومه رآها جالسة عند رأسه (كأحسن ما في) خلق الله فقال لها: من أنتِ؟، قالت: زوجتك خلقني الله لك تسكن إلي وأسكن إليك.

{وكلا منها رغداً} واسعاً كثيراً.

{حيث شئتما} كيف شئتما ومتى شئتما وأين شئتما.

{ولا تقربا هذه الشجرة} يعني للأكل، وقال بعض العلماء: وقع النهي على جنس من الشجر.

وقال آخرون: على شجرة مخصوصة، واختلفوا في تلك الشجرة.

قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومقاتل: "هي السنبلة".

وقال ابن مسعود: "هي شجرة العنب".

وقال ابن جريج: "شجرة التين".

وقال قتادة: "شجرة العلم وفيها من كل شيء".

وقال علي رضي الله عنه: "شجرة الكافور".

{فتكونا} فتصيرا.

{من الظالمين} أي: الضارين بأنفسكما بالمعصية.

وأصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه.


الإعراب:

(وَقُلْنا) الجملة معطوفة على قلنا الأولى.

(يا آدَمُ) منادى.

(اسْكُنْ) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت والجملة مقول القول.

(أَنْتَ) ضمير منفصل في محل رفع توكيد للفاعل المستتر.

(وَزَوْجُكَ) الواو عاطفة، زوجك اسم معطوف على الضمير المستتر، والكاف في محل جر بالإضافة.

(الْجَنَّةَ) مفعول به.

(وَكُلا) الواو عاطفة، كلا فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بألف الاثنين، والألف فاعل. والجملة معطوفة على ما قبلها.

(مِنْها) متعلقان بكلا.

(رَغَدًا) صفة لمفعول مطلق محذوف وتقديره كلا أكلا رغدا ويجوز إعرابه نائب مفعول مطلق.

(حَيْثُ) مفعول فيه ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق بالفعل كلا.

(شِئْتُما) فعل ماض والتاء فاعل، وما للتثنية، والجملة في محل جر بالإضافة.

(وَلا) والواو عاطفة، لا ناهية جازمة.

(تَقْرَبا) فعل مضارع مجزوم بحذف النون، والألف فاعل.

(هذِهِ) اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب مفعول به، والهاء للتنبيه.

(الشَّجَرَةَ) بدل من اسم الإشارة منصوب.

(فَتَكُونا) الفاء فاء السببية، تكونا فعل مضارع ناقص منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية، وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والألف اسمها.

(مِنَ الظَّالِمِينَ) متعلقان بخبر محذوف.

---

Traslation and Transliteration:

Waqulna ya adamu oskun anta wazawjuka aljannata wakula minha raghadan haythu shituma wala taqraba hathihi alshshajarata fatakoona mina alththalimeena

بيانات السورة

اسم السورة سورة البقرة (Al-Baqara - The Cow)
ترتيبها 2
عدد آياتها 286
عدد كلماتها 6144
عدد حروفها 25613
معنى اسمها (البَقَرَةُ) مِنْ أَصْنَافِ بَهِيمَةِ الأَنعَامِ، وهِيَ: (الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ)
سبب تسميتها انفِرَادُ السُّورَةِ بذِكْرِ قِصَّةِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (البَقَرَةِ)، وتُلقَّبُ بِـ(سَنَامِ القُرْآنِ)، و(فُسْطَاطِ القُرْآنِ)، وَ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها الاسْتِجَابَةُ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَالامْتِثَالُ الكَامِلُ لَهُ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها بَرَكَةٌ عَجِيبَةٌ لِقَارِئِهَا، قَالَ ﷺ: «اقْرَؤُوا البَقَرَةَ؛ فَإِنَّ أَخذَها بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). عِلَاجٌ مِنَ السِّحْرِ وَالْعَينِ وَالحَسَدِ، قَالَ ﷺ: «وَلَا يَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ؛ أَيِ: السَّحَرَةُ». (رَوَاهُ مُسْلِم). طَارِدَةٌ لِلشَّيَاطِينِ، قَالَ ﷺ: «وَإِنَّ البَيْتَ الَّذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ لَا يدخُلُهُ شَيطَانٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (البَقَرَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَاتِ المُتَّقِينَ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ﴾ ... الآيَاتِ، وقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ﴾... الآيَاتِ.. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (البَقَرَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الفَاتِحَةِ): لَمَّا قَالَ العَبْدُ فِي خِتَامِ (الفَاتِحَةِ): ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦﴾. قِيلَ لَهُ فِي فَاتِحَةِ (البَقَرَةِ): ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ٢﴾ هُوَ مَطْلُوبُكَ وَفِيهِ حَاجَتُكَ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!