المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة غافر: [الآية 18]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة غافر | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)
لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (74) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (77)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79)
وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82)
فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ
مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)
[ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا . . .» الآية :]
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهو العلم بوجود الرب أنه ربنا ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ، ولا يحشر إلا مؤمنا ، فلا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن علم وعيان محقق ، لا مرية فيه ولا شك ، من العلم باللّه والإيمان به خاصة ، هذا هو الذي يعمّ ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» ولا بأس أشد من الموت ، فما بقي إلا هل ينفعه ذلك الإيمان أم لا ؟ فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، فما رفع العقوبة عنهم إلا من اختصه اللّه ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ،
ويؤيد ذلك قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا)
حين رأوا البأس (كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
فهذا معنى قولنا «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ،
أما الاستثناء هنا فلا حكم على اللّه في خلقه ، وأما نفع ذلك الإيمان في المآل فإن ربك فعال لما يريد ، ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ، ومتى شاء ، فقوله تعالى : «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» هو موضع استشهادنا ، فحقت كلمة اللّه وجرت سنته في عباده ، أن الإيمان في ذلك الوقت لا يدفع عن المؤمن العذاب الذي أنزله بهم في ذلك الوقت ، إلا قوم يونس ، كما لا ينفع السارق توبته عند الحاكم فيرفع عنه حد القطع ، ولا الزاني مع توبته عند الحاكم ، مع علمنا بأنه تاب بقبول التوبة عند اللّه ، وحديث ماعز في ذلك صحيح أنه تاب توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم ؛ ومع هذا لم يدفع عنه الحد ، بل أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برجمه ، كذلك كل من آمن باللّه عند رؤية البأس من الكفار ، إن الإيمان لا يرفع البأس عنهم مع قبول اللّه إيمانهم في الدار الآخرة ، فيلقونه ولا ذنب لهم ، فإنهم ربما لو عاشوا بعد ذلك اكتسبوا أوزارا ، فالرجعة إلى اللّه عند رؤية البأس وحلول العذاب نافعة في الآخرة
وإن لم يكشف عنهم العذاب في الدنيا ، وما اختص قوم يونس إلا بالكشف عنهم في الحياة الدنيا عند رجعتهم ، فيكون معنى قوله «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» يعني في الدنيا ، فإن اللّه يقول : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فقول اللّه تعالى في هذه الآية كلام محقق في غاية الوضوح ، فإن النافع هو اللّه ، فما نفعهم إلا اللّه «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» يعني الإيمان عند رؤية البأس غير المعتاد ، وليس في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ، ولا أن الإيمان لا يقبل ، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته ، إلا قوم يونس : «وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ» فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ،
إلا أنا استروحنا من قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
(41) سورة فصّلت مكيّة
------------
(85) الفتوحات ج 3 / 383 ، 318 ، 383 ، 318 ، 533 ، 165 - ج 2 / 276 - ج 3 / 383تفسير ابن كثير:
يوم الآزفة هو : اسم من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لاقترابها ، كما قال تعالى : ( أزفت الآزفة . ليس لها من دون الله كاشفة ) [ النجم : 57 ، 58 ] وقال ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] ، وقال ( اقترب للناس حسابهم ) [ الأنبياء : 1 ] وقال ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] وقال ( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ) [ الملك : 27 ] .
وقوله : ( إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ) [ أي ساكتين ] ، قال قتادة : وقفت القلوب في الحناجر من الخوف ، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها . وكذا قال عكرمة ، والسدي ، وغير واحد .
ومعنى ) كاظمين ) أي : ساكتين ، لا يتكلم أحد إلا بإذنه ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ : 38 ] .
وقال ابن جريج : ( كاظمين ) أي : باكين .
وقوله : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) أي : ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ، ولا شفيع يشفع فيهم ، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ } أي: يوم القيامة التي قد أزفت وقربت، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها، { إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } أي: قد ارتفعت وبقيت أفئدتهم هواء، ووصلت القلوب من الروع والكرب إلى الحناجر، شاخصة أبصارهم. { كَاظِمِينَ } لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا وكاظمين على ما في قلوبهم من الروع الشديد والمزعجات الهائلة.
{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أي: قريب ولا صاحب، { وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } لأن الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك، ولو قدرت شفاعتهم، فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم، فلا يقبلها.
تفسير البغوي
( وأنذرهم يوم الآزفة ) يعني : يوم القيامة ، سميت بذلك ؛ لأنها قريبة إذ كل ما هو آت قريب ، نظيره قوله عز وجل : " أزفت الآزفة " ( النجم - 57 ) أي : قربت القيامة ( إذ القلوب لدى الحناجر ) وذلك أنها تزول عن أماكنها من الخوف حتى تصير إلى الحناجر ، فلا هي تعود إلى أماكنها ، ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا ويستريحوا ، ) ( كاظمين ) مكروبين ممتلئين خوفا وحزنا ، والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حتى يضيق به . ( ما للظالمين من حميم ) قريب ينفعهم ، ( ولا شفيع يطاع ) فيشفع فيهم .
الإعراب:
(وَأَنْذِرْهُمْ) حرف استئناف وأمر فاعله مستتر والهاء مفعوله الأول (يَوْمَ) مفعوله الثاني (الْآزِفَةِ) مضاف إليه (إِذِ) بدل من يوم (الْقُلُوبُ) مبتدأ (لَدَى) ظرف مكان متعلق بالخبر المحذوف (الْحَناجِرِ) مضاف إليه (كاظِمِينَ) حال منصوبة والجملة في محل جر بالإضافة (ما) نافية (لِلظَّالِمِينَ) متعلقان بخبر مقدم محذوف (مِنْ) حرف جر زائد (حَمِيمٍ) مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ مؤخر (وَلا شَفِيعٍ) معطوف على من حميم والجملة مستأنفة (يُطاعُ) مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر والجملة صفة لشفيع