المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الزمر: [الآية 71]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الزمر | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (75)
-الوجه الأول -الملائكة الحافون حول العرش ما لهم سباحة إلا في العماء الذي ظهر فيه العرش ، وهؤلاء الملائكة خلقهم اللّه تعالى من نور العرش الذي استوى عليه الرحمن ، فإنهم إليه يتوجهون وعليه يعولون ، وحوله يحومون وبه يطوفون ، وحيثما كانوا فإليه يشيرون ، فمتى حدث في الكون حادثة أو نزلت به نازلة ، رفعوا أيدي المسألة والتضرع إلى جهة عرشه ، يطلبون الشفا ويستعفون عن الخطا ، لأن موجد الكون لا جهة له يشار إليها ، ولا أينية له يقصدونها ، ولا كيفية له يعرفونها ، فلو لم يكن العرش جهة يتوجهون إليه للقيام بخدمته ، ولأداء طاعته ، لضلوا في طلبهم ، فهو سبحانه إنما أوجد العرش إظهارا لقدرته ، لا محلا لذاته ، وأوجد الوجود لا لحاجة إليه ، وإنما هو إظهار لأسمائه وصفاته
- الوجه الثاني -هذا العرش الذي تحف به الملائكة ما هو العرش الذي استوى عليه الرحمن ، فإن الثاني قد عمر الخلاء ، وإنما العرش الذي تحف به الملائكة هو العرش الذي يأتي اللّه به للفصل والقضاء يوم القيامة ، ولذلك تمم الآية بقوله «وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» عند الفراغ من القضاء ، فذلك العرش يوم القيامة تحمله الثمانية الأملاك ، وذلك بأرض المحشر ونسبة العرش إلى تلك الأرض نسبة الجنة إلى عرض الحائط في قبلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، من غير أن يوسع الضيق أو يضيق الواسع ، «وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ»
اعلم أن الحكم للرحمة ، ويوم القيامة يوم العدل في القضاء ، وإنما تأتي الرحمة في القيامة ليشهد الأمر ، حتى إذا انته حكم العدل وانقضت مدته في المحكوم عليه ، تولت الرحمة الحكم فيه إلى غير نهاية «وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» - إشارة - من قام باللام وحده ، ووقف على ما حصل عنده ، وجاوزه إلى مطلعه وحده ، ولم ير مثله ولا ضده ، وملك وعيده ووعده ، وأمن قربه وبعده ، وعرف أنه لا يأتي أحد بعده ، قال : الحمد للّه الذي صدقنا وعده – شرح
[إشارة :من قام باللام وحده ]
هذه الإشارة - قوله «من قام باللام وحده» يريد أن اللام للفناء ، فيكون القائم الحق لا هو ، لأنك تقول «الحمد للّه» فجعلته حامدا لنفسه ، قائما بحمده ، وإذا قلت «الحمد باللّه» فقد جعلت الباء للاستعانة ، فاللام له ، والباء لنا ،
ولذلك قال : العلماء لي والعارفون بي «1» - قوله «ووقف على ما حصل عنده» يعني تميزت له نفسه بما كشف الحق له من المراتب ، قوله «
ولم ير مثله ولا ضده» يعني لشغله بربه ، أو بموازنة نفسه مع ربه فيم وجّه عليها ، قوله «وملك وعيده ووعده» أي لم يؤثر فيه لا رغبة ولا رهبة ، أي لا صفة حكمت عليه ، فهو عبد ذات لا عبد صفة ، قوله «وأمن قربه وبعده»
أي لم يتأثر للأسماء المؤثرات في القرب والبعد ، وأما الوعد والوعيد فلآثار الأسماء ، وقوله «وعرف أنه لا يأتي أحد بعده» أي لا يأتي أحد بعد بأكمل من هذا المقام ، وإنما يتفاوتون في استصحابه أو عدم استصحابه ،
قال : الحمد للّه الذي صدقنا وعده .
------------
(75) الفتوحات ج 3 / 420 ، 431 - كتاب شجرة الكون - الفتوحات ج 2 / 436 - ج 3 / 492 - كتاب الإسراء - كتاب النجاةتفسير ابن كثير:
يخبر تعالى عن حال الأشقياء الكفار كيف يساقون إلى النار ؟ وإنما يساقون سوقا عنيفا بزجر وتهديد ووعيد ، كما قال تعالى : ( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ) [ الطور : 13 ] أي : يدفعون إليها دفعا . هذا وهم عطاش ظماء ، كما قال في الآية الأخرى : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) [ مريم : 86 ، 85 ] . وهم في تلك الحال صم وبكم وعمي ، منهم من يمشي على وجهه ، ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ) [ الإسراء : 97 ] .
وقوله : ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ) أي : بمجرد وصولهم إليها فتحت لهم أبوابها سريعا ، لتعجل لهم العقوبة ، ثم يقول لهم خزنتها من الزبانية - الذين هم غلاظ الأخلاق ، شداد القوى على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل - : ( ألم يأتكم رسل منكم ) أي : من جنسكم تتمكنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم ، ( يتلون عليكم آيات ربكم ) أي : يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه ، ( وينذرونكم لقاء يومكم هذا ) أي : ويحذرونكم من شر هذا اليوم ؟ فيقول الكفار لهم : ( بلى ) أي : قد جاءونا وأنذرونا ، وأقاموا علينا الحجج والبراهين ، ( ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ) أي : ولكن كذبناهم وخالفناهم ، لما سبق إلينا من الشقوة التي كنا نستحقها حيث عدلنا عن الحق إلى الباطل ، كما قال تعالى مخبرا عنهم في الآية الأخرى : ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) [ الملك : 8 - 10 ] ، أي : رجعوا على أنفسهم بالملامة والندامة ( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) [ الملك : 11 ] أي : بعدا لهم وخسارا .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
لما ذكر تعالى حكمه بين عباده، الذين جمعهم في خلقه ورزقه وتدبيره، واجتماعهم في الدنيا، واجتماعهم في موقف القيامة، فرقهم تعالى عند جزائهم، كما افترقوا في الدنيا بالإيمان والكفر، والتقوى والفجور، فقال: { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ } أي: سوقا عنيفا، يضربون بالسياط الموجعة، من الزبانية الغلاظ الشداد، إلى شر محبس وأفظع موضع، وهي جهنم التي قد جمعت كل عذاب، وحضرها كل شقاء، وزال عنها كل سرور، كما قال تعالى: { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } أي: يدفعون إليها دفعا، وذلك لامتناعهم من دخولها.
ويساقون إليها { زُمَرًا } أي: فرقا متفرقة، كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها، وتشاكل سعيها، يلعن بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض. { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا } أي: وصلوا إلى ساحتها { فُتِحَتْ } لهم أي: لأجلهم { أَبْوَابُهَا } لقدومهم وقِرًى لنزولهم.
{ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } مهنئين لهم بالشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي، وموبخين لهم على الأعمال التي أوصلتهم إلى هذا المحل الفظيع: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } أي: من جنسكم تعرفونهم وتعرفون صدقهم، وتتمكنون من التلقي عنهم؟. { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } التي أرسلهم اللّه بها، الدالة على الحق اليقين بأوضح البراهين.
{ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } أي: وهذا يوجب عليكم اتباعهم والحذر من عذاب هذا اليوم، باستعمال تقواه، وقد كانت حالكم بخلاف هذه الحال؟
{ قَالُوا } مقرين بذنبهم، وأن حجة اللّه قامت عليهم: { بَلَى } قد جاءتنا رسل ربنا بآياته وبيناته، وبينوا لنا غاية التبيين، وحذرونا من هذا اليوم. { وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } أي: بسبب كفرهم وجبت عليهم كلمة العذاب، التي هي لكل من كفر بآيات اللّه، وجحد ما جاءت به المرسلون، فاعترفوا بذنبهم وقيام الحجة عليهم.
تفسير البغوي
( وسيق الذين كفروا إلى جهنم ) سوقا عنيفا ، ) ( زمرا ) أفواجا بعضها على إثر بعض ، كل أمة على حدة قال أبو عبيدة والأخفش : " زمرا " أي : جماعات في تفرقة ، واحدتها زمرة . ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ) السبعة وكانت مغلقة قبل ذلك ، قرأ أهل الكوفة " فتحت ، وفتحت " بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتشديد على التكثير ( وقال لهم خزنتها ) توبيخا وتقريعا لهم ، ( ألم يأتكم رسل منكم ) من أنفسكم ( يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت ) وجبت ، ( كلمة العذاب على الكافرين ) وهو قوله عز وجل : " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " ( هود - 119 ) .
الإعراب:
(وَسِيقَ) الواو حرف عطف وماض مبني للمجهول (الَّذِينَ) نائب فاعل والجملة معطوفة على ما قبلها (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (إِلى جَهَنَّمَ) متعلقان بسيق (زُمَراً) حال (حَتَّى) ابتدائية (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة (جاؤُها) ماض وفاعله ومفعوله والجملة في محل جر بالإضافة (فُتِحَتْ) ماض مبني للمجهول والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها (أَبْوابُها) نائب فاعل (وَقالَ) حرف عطف وماض (لَهُمْ) متعلقان بالفعل (خَزَنَتُها) فاعل (أَلَمْ) حرف استفهام تقريري ولم حرف جازم (يَأْتِكُمْ) مضارع مجزوم والكاف مفعوله (رُسُلٌ) فاعل والجملة مقول القول (مِنْكُمْ) متعلقان بصفة رسل المحذوفة (يَتْلُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صفة ثانية (عَلَيْكُمْ) متعلقان بالفعل (آياتِ) مفعول به (رَبِّكُمْ) مضاف إليه وجملة قال معطوفة لا محل لها (وَيُنْذِرُونَكُمْ) الواو حرف عطف ومضارع مرفوع والواو فاعله والكاف مفعوله الأول (لِقاءَ) مفعول به ثان (يَوْمِكُمْ) مضاف إليه (هذا) صفة يومكم والجملة معطوفة على ما قبلها (قالُوا) ماض وفاعله والجملة مستأنفة (بَلى) حرف جواب (وَلكِنْ) حرف عطف ولكن حرف استدراك مهمل (حَقَّتْ كَلِمَةُ) ماض وفاعله (الْعَذابِ) مضاف إليه (عَلَى الْكافِرِينَ) متعلقان بحقت والجملة مقول القول