قال تعالى: «فكفروا به» بالكتاب الذي جاءهم وهو القرآن الأشرف من ذلك الكتب «فسوف يعلمون» عاقبة كفرهم.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)
والحمد للّه أي عواقب الثناء إذ كل ما جاءوا به إنما قصدوا به الثناء على اللّه ، فعواقب
[ إشارة : الحمد للّه ]
الثناء على اللّه بما نزه نفسه عنه وبما نزهه العباد به ، فإن الحمد العاقب ، فعواقب الثناء ترجع إلى اللّه ، وعاقب الأمر آخره «رَبِّ الْعالَمِينَ» من حيث ثبوته في ربوبيته بما يستحقه الرب من النعوت المقدسة ، وهو سيد العالم ومربيهم ومغذيهم ومصلحهم ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، ومن سياق الآيات دل على أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حمد اللّه رب العالمين عقيب نصره وظفره بخيبر ، فهو حمد نعمة - إشارة - «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» جاءت في أول سورة الفاتحة ، وفي وسط سورة يونس ، وفي آخر سورة الصافات ، فعمت الطرفين والواسطة .
(38) سورة ص مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(182) الفتوحات ج 3 /
537 ، 196
وقوله : ( وإن كانوا ليقولون . لو أن عندنا ذكرا من الأولين . لكنا عباد الله المخلصين ) أي : قد كانوا يتمنون قبل أن تأتيهم يا محمد لو كان عندهم من يذكرهم بأمر الله ، وما كان من أمر القرون الأولى ، ويأتيهم بكتاب الله ، كما قال تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ) [ فاطر : 42 ] ، وقال : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين . أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) [ الأنعام : 156 ، 157 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( فكفروا به فسوف يعلمون ) ، وعيد أكيد وتهديد شديد ، على كفرهم بربهم - سبحانه وتعالى - وتكذيبهم - رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
عاد إلى الإخبار عن قول المشركين، أي كانوا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إذا عيروا بالجهل قالوا: {لو أن عندنا ذكرا من الأولين} أي لو بعث إلينا نبي ببيان الشرائع لاتبعناه. ولما خففت {إن} دخلت على الفعل ولزمتها اللام فرقا بين النفي والإيجاب. والكوفيون يقولون: {إن} بمعنى ما واللام بمعنى إلا. وقيل : معنى {لو أن عندنا ذكرا} أي كتابا من كتب الأنبياء. {لكنا عباد الله المخلصين} أي لو جاءنا ذكر كما جاء الأولين لأخلصنا العبادة لله. {فكفروا به} أي بالذكر. والفراء يقدره على حذف، أي فجاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالذكر فكفروا به. وهذا تعجيب منهم، أي فقد جاءهم نبي وأنزل عليهم كتاب فيه بيان ما يحتاجون إليه فكفروا وما وفوا بما قالوا. {فسوف يعلمون} قال الزجاج : يعلمون مغبة كفرهم.
فلما جاءهم ذكر الأولين، وعلم الآخرين، وأكمل الكتب، وأفضل الرسل، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، كفروا به، فسوف يعلمون ما لهم من العذاب في الآخرة.
وهم كَذَبَة في ذلك، فقد جاءهم أفضل الكتب فكفروا به، فعلم أنهم متمردون على الحق { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } العذاب حين يقع بهم، ولا يحسبوا أيضا أنهم في الدنيا غالبون.
( فكفروا به ) أي : فلما أتاهم ذلك الكتاب كفروا به ، ) ( فسوف يعلمون ) هذا تهديد لهم .
(فَكَفَرُوا) الفاء حرف عطف وماض وفاعله (بِهِ) متعلقان بكفروا (فَسَوْفَ) الفاء حرف استئناف وسوف حرف استقبال (يَعْلَمُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة مستأنفة
Traslation and Transliteration:
Fakafaroo bihi fasawfa yaAAlamoona
Yet (now that it is come) they disbelieve therein; but they will come to know.
Derken kitap geldi de inanmadılar ona, yakında ne olacaklarını bilecekler.
Ils y ont mécru et ils sauront bientôt.
So betrieben sie Kufr an ihn. So werden sie noch wissen.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الصافات (As-Saffat - Those who set the Ranks) |
ترتيبها |
37 |
عدد آياتها |
182 |
عدد كلماتها |
865 |
عدد حروفها |
3790 |
معنى اسمها |
الصَّافَّاتُ: جَمْعُ (الصَّافَّةُ)، وَالمُرَادُ (بِالصَّافَّاتِ): المَلائِكَةُ تَصُفُّ لِرَبِّهَا فِي السَّمَاءِ كَصُفُوفِ المُصَليِّنَ فِي الصَّلاةِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الصَّافَّاتِ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الذَّبْحِ) |
مقاصدها |
امْتِنَانُ اللهِ تعَالَى علَى عِبَادِهِ بِنِعْمَةِ الْخَلْقِ وَالرُّسُلِ، وَرَدُّ شُبُهَاتِ المُكَذِّبِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
خَصَّهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بِن عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ النَّسائِي) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الصَّافَّاتِ) بِآخِرِهَا: تَنْزِيهُ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ مِنْ شُبْهَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ فِي أَوّلِ السُّورَةِ: ﴿ إِنَّ إِلَٰهَكُمۡ لَوَٰحِدٞ ٤﴾، وَرَدَّ عَلَيهِمْ فِي خِتَامِهَا فَقَالَ: ﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ١٨٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الصَّافَّاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (يسٓ): خُتِمَتْ (يسٓ) بِسَعَةِ مُلْكِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: ﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٨٣﴾، وافتُتِحَتِ (الصَّافَّاتُ) بذَلِكَ فَقَالَ: ﴿رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ ٥﴾. |