المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 100]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة آل عمران | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل
489
سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .
------------
(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482تفسير ابن كثير:
يحذر تعالى عباده المؤمنين عن أن يطيعوا طائفة من الذين أوتوا الكتاب ، الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله ، وما منحهم به من إرسال رسوله كما قال تعالى : ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ) [ البقرة : 109 ] وهكذا قال هاهنا : ( إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) ثم قال
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
تفسير الآيات من 98 الى 101 :ـ يوبخ تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى على كفرهم بآيات الله التي أنزلها الله على رسله، التي جعلها رحمة لعباده يهتدون بها إليه، ويستدلون بها على جميع المطالب المهمة والعلوم النافعة، فهؤلاء الكفرة جمعوا بين الكفر بها وصد من آمن بالله عنها وتحريفها وتعويجها عما جعلت له، وهم شاهدون بذلك عالمون بأن ما فعلوه أعظم الكفر الموجب لأعظم العقوبة { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون } فلهذا توعدهم هنا بقوله: { وما الله بغافل عما تعملون } بل محيط بأعمالكم ونياتكم ومكركم السيء، فمجازيكم عليه أشر الجزاء لما توعدهم ووبخهم عطف برحمته وجوده وإحسانه وحذر عباده المؤمنين منهم لئلا يمكروا بهم من حيث لا يشعرون، فقال: { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين } وذلك لحسدهم وبغيهم عليكم، وشدة حرصهم على ردكم عن دينكم، كما قال تعالى: { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } ثم ذكر تعالى السبب الأعظم والموجب الأكبر لثبات المؤمنين على إيمانهم، وعدم تزلزلهم عن إيقانهم، وأن ذلك من أبعد الأشياء، فقال: { وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله } أي: الرسول بين أظهركم يتلو عليكم آيات ربكم كل وقت، وهي الآيات البينات التي توجب القطع بموجبها والجزم بمقتضاها وعدم الشك فيما دلت عليه بوجه من الوجوه، خصوصا والمبين لها أفضل الخلق وأعلمهم وأفصحهم وأنصحهم وأرأفهم بالمؤمنين، الحريص على هداية الخلق وإرشادهم بكل طريق يقدر عليه، فصلوات الله وسلامه عليه، فلقد نصح وبلغ البلاغ المبين، فلم يبق في نفوس القائلين مقالا ولم يترك لجائل في طلب الخير مجالا، ثم أخبر أن من اعتصم به فتوكل عليه وامتنع بقوته ورحمته عن كل شر، واستعان به على كل خير { فقد هدي إلى صراط مستقيم } موصل له إلى غاية المرغوب، لأنه جمع بين اتباع الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله وبين الاعتصام بالله.
تفسير البغوي
( ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ) قال زيد بن أسلم : إن شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخا عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين - مر على نفر من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون ، فغاظه ما رأى من ألفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة ، قال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار ، فأمر شابا من اليهود كان معه فقال : اعمد إليهم واجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله ، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار ، وكان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس مع الخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج ، ففعل وتكلم فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب ، أوس بن قبطي أحد بني حارثة من الأوس ، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج ، فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم والله رددتها الآن جذعة ، وغضب الفريقان جميعا وقالا : قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة ، وهي حرة فخرجوا إليها ، وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم . فقال صلى الله عليه وسلم : يا معشر المسلمين أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، وألف بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا ، الله الله !! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية .
( يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) قال جابر : فما رأيت قط يوما أقبح أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم ، ثم قال الله تعالى على وجه التعجب :
الإعراب:
(يا أَيُّهَا) أي منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بيا النداء وها حرف تنبيه (الَّذِينَ) اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع بدل (آمَنُوا) فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول (إِنْ) شرطية جازمة (تُطِيعُوا) فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل، وهو فعل الشرط (فَرِيقًا) مفعوله (مِنَ الَّذِينَ) متعلقان بمحذوف صفة لفريقا (أُوتُوا الْكِتابَ) فعل ماض مبني للمجهول، الواو نائب فاعل، وهو المفعول الأول والمفعول الثاني الكتاب (يَرُدُّوكُمْ) جواب الشرط مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل والكاف مفعول به (بَعْدَ) ظرف متعلق بكافرين أو بالفعل قبله (إِيمانِكُمْ) مضاف إليه (كافِرِينَ) حال منصوبة بالياء، أو مفعول به ثان، والجملة لا محل لها لأنها لم تقترن بالفاء أو بإذا الفجائية.