«وإذا قيل» أي قال فقراء الصحابة «لهم أنفقوا» علينا «مما رزقكم الله» من الأموال «قال الذين كفروا للذين آمنوا» استهزاءً بهم «أنطعم من لو يشاء الله أطعمه» في معتقدكم هذا «إن» ما «أنتم» في قولكم لنا ذلك مع معتقدكم هذا «إلا في ضلال مبين» بيَّن وللتصريح بكفرهم موقع عظيم.
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) وَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
[ الأمر الإلهي أمران ، بالواسطة وبرفع الوسائط ]
«إِنَّما أَمْرُهُ» الأمر أمران : أمر بواسطة ، وأمر برفع الوسائط ، فأمره سبحانه برفع الوسائط لا يتصوّر أن يعصى ، لأنه بكن ، إذ كن لا تقال إلا لمن هو موصوف بلم يكن ، وما هو موصوف بلم يكن ما يتصور منه الإباية ، وإذا كان الأمر الإلهي بالواسطة فلا يكون بكن ، فإنها من خصائص الأمر العدمي الذي لا يكون بواسطة ، وإنما يكون الأمر بما يدل على الفعل ، فيؤمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ،
فيقال له : أقم الصلاة ، وآت الزكاة ، فاشتق له من اسم الفعل اسم الأمر ، فيطيعه من شاء منهم ويعصيه من شاء منهم ، والإنسان لا يقدر على رفع ما تكون في نفسه ، فإن كن إنما تعلقت بما تكون في نفس الإنسان ، فكان الحكم لما تكون فيمن تكون ، فآمن ولا بد ، أو صلى ولا بد ، أو صام ولا بد ، على حسب ما تعطيه حقيقة الأمر الذي تعلق به كن ، وقد يرد أمر الواسطة ولا يرد الأمر الإلهي ، فلا يجد المخاطب آلة يفعل بها ، فيظهر كأنه عاص ، وإنما هو عاجز فاقد في الحقيقة ، لأنه ما تكون فيه ما أمر به أن يتكون عنه ، فلا أطوع من الخلق لأوامر الحق ، أي لقبول ما أمر الحق بتكوينه فيه ، ولكن لا يشعرون ، وليست الأوامر التي أوجبنا طاعتها ، إلا الأوامر الإلهية ، لا الأوامر الواردة على ألسنة الرسل ، فإن الآمر من الخلق طائع فيما أمر ، لأنه لو لم يؤمر بأن يأمر ما أمر ، فلو أن الذي أمره يسمع المأمور بذلك الأمر أمره لامتثل ،
فإن أمر اللّه لا يعصى إذا ورد بغير الوسائط ، فالأمر الإلهي لا يخالف الإرادة الإلهية ، فإنها داخلة في حدّه وحقيقته ،
وإنما وقع الالتباس من تسميتهم صيغة الأمر - وليست بأمر - أمرا ، والصيغة مرادة بلا شك ، فأوامر الحق إذا وردت على ألسنة المبلغين فهي صيغ الأوامر لا الأوامر ، فتعصى ، وقد يأمر الآمر بما لا يريد وقوع المأمور به ،
فما عصى أحد قط أمر اللّه «إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»
لم يكن للأعيان في حال عدمها شيء من النسب إلا السمع ، فكانت الأعيان مستعدة في ذواتها في حال عدمها لقبول الأمر الإلهي إذا ورد عليها بالوجود ، فلما أراد بها الوجود قال لها «كُنْ» فكانت وظهرت في أعيانها ، فكان الكلام الإلهي أول شيء أدركته من اللّه تعالى ، بالكلام الذي يليق به سبحانه ،
والأصل ثبوت العين لا وجودها ، ولم تزل بهذا النعت موصوفة ، وبقبولها سماع الخطاب إذا خوطبت منعوتة ، فهي مستعدة لقبول نعت الوجود ، مسارعة لمشاهدة المعبود ، فلما قال لها في حال عدمها «كُنْ» كانت ، فبانت بنفسها وما بانت
- بحث –
السماع الإلهي هو أول مراتب الكون ، وبه يقع الختام ، فأول وجود الكون بالسماع ، وآخر انتهائه من الحق السماع ، ويستمر النعيم في أهل النعيم والعذاب في أهل العذاب ، فأما في ابتداء كون كل مكوّن فإنما ظهر عن قول كن ، فأسمعه اللّه فامتثل ، فظهر عينه في الوجود وكان عدما ، فسبحان العالم بحال من قال له :كن فكان ، فأول شيء ناله الممكن مرتبة السماع الإلهي ، فإن كن صفة قول ، قال تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا) والسماع متعلقه القول . وأما في الانتهاء في حق الكفار (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) فخاطبهم وهم يسمعون ، وأما في حق أهل الجنة فبعد الرؤية والتجلي الذي هو أعظم النعم عندهم في علمهم ،
فيقول : [ هل بقي لكم شيء ؟ فيقولون : يا ربنا وأي شيء بقي لنا ؟
نجيتنا من النار ، وأدخلتنا الجنة ، وملكتنا هذا الملك ، ورفعت الحجاب بيننا وبينك فرأيناك ، وأي شيء بقي يكون عندنا أعظم مما نلناه ؟
فيقول سبحانه: رضاي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا ]
فأخبرهم بالرضا ودوامه وهم يسمعون ، فذلك أعظم نعيم وجدوه ، فختم بالسماع كما بدأ ، ثم استصحبهم السماع دائما ما بين بدايتهم وغاية مراتب نعيمهم ، فطوبى لمن كانت له أذن واعية لما يورده الحق في خطابه .
------------
(82) الفتوحات ج 2 /
588 - ج 4 /
424 ، 430 - ج 1 /
168 ، 741 -ح 3 / 4
وقوله : ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ) أي : وإذا أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحاويج من المسلمين ( قال الذين كفروا للذين آمنوا ) أي : عن الذين آمنوا من الفقراء ، أي : قالوا لمن أمرهم من المؤمنين بالإنفاق محاجين لهم فيما أمروهم به : ( أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ) أي : وهؤلاء الذين أمرتمونا بالإنفاق عليهم ، لو شاء الله لأغناهم ولأطعمهم من رزقه ، فنحن نوافق مشيئة الله فيهم ، ( إن أنتم إلا في ضلال مبين ) أي : في أمركم لنا بذلك .
قال ابن جرير : ويحتمل أن يكون من قول الله للكفار حين ناظروا المسلمين وردوا عليهم ، فقال لهم : ( إن أنتم إلا في ضلال مبين ) ، وفي هذا نظر .
قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} قال قتادة : يعني {اتقوا ما بين أيديكم} أي من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم، {وما خلفكم} من الآخرة. ابن عباس وابن جبير ومجاهد {ما بين أيديكم} ما مضى من الذنوب، {وما خلفكم} ما يأتي من الذنوب. الحسن {ما بين أيديكم} ما مضى من أجلكم {وما خلفكم} ما بقي منه. وقيل: {ما بين أيديكم} من الدنيا، {وما خلفكم} من عذاب الآخرة؛ قال سفيان. وحكى عكس هذا القول الثعلبي عن ابن عباس. قال: {ما بين أيديكم} من أمر الآخرة وما عملوا لها، {وما خلفكم} من أمر الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بها. وقيل: {ما بين أيديكم} ما ظهر لكم {وما خلفكم} ما خفي عنكم. والجواب محذوف، والتقدير : إذا قيل لهم ذلك أعرضوا؛ دليله قول بعد {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} فاكتفى بهذا عن ذلك. قوله تعالى: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله} أي تصدقوا على الفقراء. قال الحسن : يعني اليهود أمروا بإطعام الفقراء. وقيل : هم المشركون قال لهم فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أعطونا ما زعمتم من أموالكم أنها لله؛ وذلك قوله: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا} [
الأنعام : 136] فحرموهم وقالوا : لو شاء الله أطعمكم - استهزاء - فلا نطعمكم حتى ترجعوا إلى ديننا. قالوا {أنطعم} أي أنرزق {من لو يشاء الله أطعمه} كان بلغهم من قول المسلمين : أن الرازق هو الله. فقالوا هزءا : أنرزق من لو يشاء الله أغناه. وعن ابن عباس : كان بمكة زنادقة، فإذا أمروا بالصدقة على المساكين قالوا : لا والله! أيفقره الله ونطعمه نحن. وكانوا يسمعون المؤمنين يعلقون أفعال الله تعالى بمشيئته فيقولون : لو شاء الله لأغنى فلانا؛ ولو شاء الله لأعز، ولو شاء الله لكان كذا. فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين، وبما كانوا يقولونه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى. وقيل : قالوا هذا تعلقا بقول المؤمنين لهم{أنفقوا مما رزقكم الله} أي فإذا كان الله رزقنا فهو قادر على أن يرزقكم فلم تلتمسون الرزق منا؟. وكان هذا الاحتجاج باطلا؛ لأن الله تعالى إذا ملك عبدا مالا ثم أوجب عليه فيه حقا فكأنه انتزع ذلك القدر منه، فلا معنى للاعتراض. وقد صدقوا في قولهم : لو شاء الله أطعمهم ولكن كذبوا في الاحتجاج. ومثله قوله: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا} [
الأنعام : 148]، وقوله: {قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [
المنافقون : 1]. {إن أنتم إلا في ضلال مبين} قيل هو من قول الكفار للمؤمنين؛ أي في سؤال المال وفي اتباعكم محمدا. قال معناه مقاتل وغيره. وقيل : هو من قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم. وقيل من قول الله تعالى للكفار حين ردوا بهذا الجواب. وقيل : إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يطعم مساكين المسلمين فلقيه أبو جهل فقال : يا أبا بكر أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال : نعم. قال : فما باله لم يطعمهم؟ قال : ابتلى قوما بالفقر، وقوما بالغنى، وأمر الفقراء بالصبر، وأمر الأغنياء بالإعطاء. فقال : والله يا أبا بكر ما أنت إلا في ضلال أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء وهو لا يطعمهم ثم تطعمهم أنت؟ فنزلت هذه الآية، ونزل قوله تعالى: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى} [
الليل : 5 - 6] الآيات. وقيل : نزلت الآية في قوم من الزنادقة، وقد كان فيهم أقوام يتزندقون فلا يؤمنون بالصانع واستهزءوا بالمسلمين بهذا القول؛ ذكره القشيري والماوردي. قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد} لما قيل لهم: {اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} قالوا: {متى هذا الوعد} وكان هذا استهزاء منهم أيضا أي لا تحقيق لهذا الوعيد، قال الله تعالى: {ما ينظرون} أي ما ينتظرون {إلا صيحة واحدة} وهي نفخة إسرافيل {تأخذهم وهم يخصمون} أي يختصمون في أمور دنياهم فيموتون في مكانهم؛ وهذه نفخة الصعق. وفي {يخصمون} خمس قراءات : قرأ أبو عمرو وابن كثير {وهم يخصمون} بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد. وكذا روى ورش عن نافع. فأما أصحاب القراءات وأصحاب نافع سوى ورش فرووا عنه {يخصمون} بإسكان الخاء وتشديد الصاد على الجمع ببن ساكنين. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة {وهم يخصمون} بإسكان الخاء وتخفيف الصاد من خصمه. وقرأ عاصم والكسائي {وهم يخصمون} بكسر الخاء وتشديد الصاد، ومعناه يخصم بعضهم بعضا. وقيل : تأخذهم وهم عند أنفسهم يختصمون في الحجة أنهم لا يبعثون. وقد روى ابن جبير عن أبي بكر عن عاصم، وحماد عن عاصم كسر الياء والخاء والتشديد. قال النحاس : القراءة الأولى أبينها، والأصل فيها يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فنقلت حركتها إلى الخاء. وفي حرف أبي {وهم يختصمون} - وإسكان الخاء لا يجوز، لأنه جمع بين ساكنين وليس أحدهما حرف مد ولين. وقيل : أسكنوا الخاء على أصلها، والمعنى يخصم بعضهم بعضا فحذف المضاف، وجاز أن يكون المعنى يخصمون مجادلهم عند أنفسهم فحذف المفعول. قال الثعلبي : وهي قراءة أبي بن كعب. قال النحاس : فأما {يخصمون} فالأصل فيه أيضا يختصمون، فأدغمت التاء في الصاد ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين. وزعم الفراء أن هذه القراءة أجود وأكثر؛ فترك ما هو أولى من إلقاء حركة التاء على الخاء واجتلب لها حركة أخرى وجمع بين ياء وكسرة، وزعم أنه أجود وأكثر. وكيف يكون أكثر وبالفتح قراءة الخلق من أهل مكة وأهل البصرة وأهل المدينة! وما روي عن عاصم من كسر الياء والخاء فللإتباع. وقد مضى هذا في {البقرة} في {يخطف أبصارهم} [
البقرة : 20] وفي {يونس} {يهدِّي} [
يونس : 35]. وقال عكرمة في قوله جل وعز: {إلا صيحة واحدة} قال : هي النفخة الأولى في الصور. وقال أبو هريرة : ينفخ في الصور والناس في أسواقهم : فمن حالب لقحة، ومن ذارع ثوبا، ومن مار في حاجة. و""روى نعيم عن أبي هريرة"" قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فلا يطويانه حتى تقوم الساعة، والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم الساعة، والرجل يخفض ميزانه فما يرفعه حتى تقوم الساعة، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما يبتلعها حتى تقوم الساعة). وفي حديث عبدالله بن عمرو : (وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله - قال - فيصعق ويصعق الناس) الحديث. {فلا يستطيعون توصية} أي لا يستطيع بعضهم أن يوصي بعضا لما في يده من حق. وقيل : لا يستطيع أن يوصي بعضهم بعضا بالتوبة والإقلاع؛ بل يموتون في أسواقهم ومواضعهم. {ولا إلى أهلهم يرجعون} إذا ماتوا. وقيل : إن معنى {ولا إلى أهلهم يرجعون} لا يرجعون إليهم قولا. وقال قتادة: {ولا إلى أهلهم يرجعون} أي إلى منازلهم؛ لأنهم قد أعجلوا عن ذلك.
وإذا قيل للكافرين: أنفقوا من الرزق الذي مَنَّ به الله عليكم، قالوا للمؤمنين مُحْتجِّين: أنطعم من لو شاء الله أطعمه؟ ما أنتم -أيها المؤمنون- إلا في بُعْدٍ واضح عن الحق، إذ تأمروننا بذلك.
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ } أي: من الرزق الذي منَّ به اللّه عليكم، ولو شاء لسلبكم إياه، { قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا } معارضين للحق، محتجين بالمشيئة: { أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ } أيها المؤمنون { إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } حيث تأمروننا بذلك.
وهذا مما يدل على جهلهم العظيم، أو تجاهلهم الوخيم، فإن المشيئة، ليست حجة لعاص أبدا، فإنه وإن كان ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكن، فإنه تعالى مكَّن العباد، وأعطاهم من القوة ما يقدرون على فعل الأمر واجتناب النهي، فإذا تركوا ما أمروا به، كان ذلك اختيارا منهم، لا جبرا لهم ولا قهرا.
( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ) أعطاكم الله ( قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم ) أنرزق ( من لو يشاء الله أطعمه ) وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة : أنفقوا على المساكين مما زعمتم من أموالكم أنه لله ، وهو ما جعلوا لله من حروثهم وأنعامهم ، قالوا : أنطعم : أنرزق من لو يشاء الله رزقه ، ثم لم يرزقه مع قدرته عليه ، فنحن نوافق مشيئة الله فلا نطعم من لم يطعمه الله ، وهذا مما يتمسك به البخلاء ، يقولون : لا نعطي من حرمه الله . وهذا الذي يزعمون باطل ; لأن الله أغنى بعض الخلق وأفقر بعضهم ابتلاء ، فمنع الدنيا من الفقير لا بخلا ، وأمر الغني بالإنفاق لا حاجة إلى ماله ، ولكن ليبلو الغني بالفقير فيما فرض له في مال الغني ، ولا اعتراض لأحد على مشيئة الله وحكمه في خلقه ( إن أنتم إلا في ضلال مبين ) يقول الكفار للمؤمنين : ما أنتم إلا في خطأ بين في اتباعكم محمدا - صلى الله عليه وسلم - وترك ما نحن عليه .
(وَإِذا) الواو حرف عطف وإذا ظرفية شرطية (قِيلَ) ماض مبني للمجهول والجملة في محل جر بالإضافة (لَهُمْ) متعلقان بقيل (أَنْفِقُوا) أمر وفاعله والجملة في محل رفع نائب فاعل قيل (مِمَّا) متعلقان بأنفقوا (رَزَقَكُمُ اللَّهُ) ماض ومفعوله وفاعله والجملة صلة (قالَ) ماض (الَّذِينَ) اسم موصول فاعل (كَفَرُوا) ماض وفاعل والجملة صلة (لِلَّذِينَ) متعلقان بقال (آمَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (أَنُطْعِمُ) الهمزة حرف استفهام ونطعم فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن (مَنْ) مفعول به والجملة مقول القول (لَوْ) شرطية (يَشاءُ) مضارع (اللَّهُ) فاعل والجملة صلة (أَطْعَمَهُ) ماض ومفعوله والجملة جواب لو لا محل لها.
(إِنْ أَنْتُمْ) إن حرف نفي وأنتم مبتدأ (إِلَّا) حرف حصر (فِي ضَلالٍ) خبر والجملة مقول القول (مُبِينٍ) صفة.
Traslation and Transliteration:
Waitha qeela lahum anfiqoo mimma razaqakumu Allahu qala allatheena kafaroo lillatheena amanoo anutAAimu man law yashao Allahu atAAamahu in antum illa fee dalalin mubeenin
And when it is said unto them: Spend of that wherewith Allah hath provided you, those who disbelieve say unto those who believe: Shall we feed those whom Allah, if He willed, would feed? Ye are in naught else than error manifest.
Ve onlara, Allah'ın, sizi rızıklandırdığı şeylerin bir kısmını hayır yoluna harcayın dendi mi kafir olanlar, inananlara derler ki: Dileseydi Allah doyururdu onu, biz mi doyuralım? Siz, ancak apaçık bir sapıklık içindesiniz.
Et quand on leur dit: «Dépensez de ce qu'Allah vous a attribué», ceux qui ont mécru disent à ceux qui ont cru: «Nourrirons-nous quelqu'un qu'Allah aurait nourri s'Il l'avait voulu? Vous n'êtes que dans un égarement évident».
Und als ihnen gesagt wurde: "Gebt vom Rizq, das ALLAH euch gewährte." Sagten diejenigen, die Kufr betrieben haben, zu denjenigen, die den Iman verinnerlichten: "Sollen wir etwa denjenigen speisen, welchen ALLAH gespeist hätte, wenn ER wollte?! Ihr befindet euch doch nur in einem eindeutigen Irrtum."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة يس (Ya-Sin - Ya Sin) |
ترتيبها |
36 |
عدد آياتها |
83 |
عدد كلماتها |
733 |
عدد حروفها |
2988 |
معنى اسمها |
(يسٓ): حَرْفَانِ لا يَعْلَمُ مَعْنَاهُمَا إِلاَّ اللهُ كَبَقِيَّةِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ فِي مُفْتَتَحِ بَعْضِ السُّوَر |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمُفْتَتَحِ حُرُوفِ (يسٓ) دُونَ غَيرِهَا مِن سُوَرِ القُرْآنِ؛ فَسُمِّيَت بِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (يسٓ)، وَلَمْ تَثْبُتْ تَسْمِيَتُهَا بِـ(قَلْبِ القُرْآنِ)، وَ(الدَّافِعَةِ) و(القَاضِيَةِ) وَغَيْرِهَا |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ الأَرْكَانِ الثَّلاثَةِ للسُّورِ المَكِّيَّةِ، وهِيَ (وَحْدَانِيَّةُ اللهِ تَعَالَى، وَالرِّسَالَةُ، وَالبَعْثُ وَالنُّشُورُ) |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُولِهَا جُمـلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَـحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ فِيهَا حَدِيثٌ سِوَى أَثَرٍ موْقُوفٍ عَلَىَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (يسٓ)، حِينَ يُصْبِحُ، أُعْطِيَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي صَدْرِ لَيْلِهِ، أُعْطِيَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ» (أَثَرٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الدَّارَمِيّ |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (يسٓ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مَسْأَلَةِ إِحْيَاءِ المَوتَى، فَقَالَ فِي أوَّلِهَا: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ ...١٢﴾، وَقَالَ في أَوَاخِرِهَا: ﴿قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (يسٓ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (فَاطِرٍ): لَمَّا دَعَا اللهُ تعَالَى المُشْرِكِينَ إِلَى الاعْتِبَارِ بِالأُمَمِ السَّابِقَةِ فِي أَوَاخِرِ (فَاطِرٍ)؛ بِقَولِهِ: ﴿أَوَ لَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ ...٤٤﴾، ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلا عَلَى عَاقِبَةِ بَعْضِهِم فِي أَوَائِلِ (يسٓ)؛ فَقَالَ: ﴿وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ ١٣﴾... الآيَاتِ. |