«إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» من أمر الدين.
وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ فَلا يُبْصِرُونَ (27)
[ جميع الحواس لا تخطئ أبدا ]
إن العين لا تخطئ أبدا ، لا هي ولا جميع الحواس ، فإن إدراك الحواس إدراك ذاتي ، ولا تؤثر العلل الظاهرة العارضة في الذاتيات ، وإدراك العقل على قسمين : إدراك ذاتي هو فيه كالحواس لا يخطئ ، وإدراك غير ذاتي ، وهو ما يدركه بالآلة التي هي الفكر وبالآلة التي هي الحس ، فالخيال يقلد الحس فيما يعطيه ، والفكر ينظر في الخيال فيجد الأمور مفردات فيحب أن ينشئ منها صورة يحفظها العقل ، فينسب بعض المفردات إلى بعض ، فقد يخطئ في النسبة الأمر على ما هو عليه وقد يصيب ، فيحكم العقل على ذلك الحد فيخطئ ، فالعقل مقلد ، ولهذا اتصف بالخطإ ، وقد حصرت الآيات في السمع والبصر ، فإما شهود وإما خبر .
------------
(27) الفتوحات ج 2 /
628 - ج 3 /
351
( إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) أي : من الاعتقادات والأعمال .
قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه} أي فلا تكن يا محمد في شك من لقاء موسى؛ قال ابن عباس. وقد لقيه ليلة الإسراء. قتادة : المعنى فلا تكن في شك من أنك لقيته ليلة الإسراء. والمعنى واحد. وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة، وستلقاه فيها. وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب بالقبول؛ قال مجاهد والزجاج. وعن الحسن أنه قال في معناه {ولقد آتينا موسى الكتاب} فأوذي وكذب، فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى؛ فالهاء عائدة على محذوف، والمعنى من لقاء ما لاقى. النحاس : وهذا قول غريب، إلا أنه من رواية عمرو بن عبيد. وقيل في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم فلا تكن في مرية من لقائه؛ فجاء معترضا بين {ولقد آتينا موسى الكتاب} وبين {وجعلناه هدى لبني إسرائيل}. والضمير في {وجعلناه} فيه وجهان : أحدهما : جعلنا موسى؛ قاله قتادة. الثاني : جعلنا الكتاب؛ قاله الحسن. {وجعلنا منهم أئمة} أي قادة وقدوة يقتدى بهم في دينهم. والكوفيون يقرؤون "أئمة" النحاس : وهو لحن عند جميع النحويين؛ لأنه جمع بين همزتين في كلمه واحدة، وهو من دقيق النحو. وشرحه : أن الأصل "أأْمِمَة" ثم ألقيت حركة الميم على الهمزة وأدغمت الميم، وخففت الهمزة الثانية لئلا يجتمع همزتان، والجمع بين همزتين في حرفين بعيد؛ فأما في حرف واحد فلا يجوز إلا تخفيف الثانية نحو قولك : آدم وآخر. ويقال : هذا أوم من هذا وأيّم؛ بالواو والياء. وقد مضى هذا في "التوبة" والله تعالى أعلم. {يهدون بأمرنا} أي يدعون الخلق إلى طاعتنا. "بأمرنا" أي أمرناهم بذلك. وقيل: "بأمرنا" أي لأمرنا؛ أي يهدون الناس لديننا. ثم قيل : المراد الأنبياء عليهم السلام؛ قاله قتادة. وقيل : المراد الفقهاء والعلماء. {لما صبروا} قراءة العامة {لما} بفتح اللام وتشديد الميم وفتحها؛ أي حين صبروا. وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب {لما صبروا} أي لصبرهم جعلناهم أئمة. واختاره أبو عبيد اعتبارا بقراءة ابن مسعود {بما صبروا} بالباء. وهذا الصبر صبر على الدين وعلى البلاء. وقيل : صبروا عن الدنيا. {إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة} أي يقضي ويحكم بين المؤمنين والكفار، فيجازي كلا بما يستحق. وقيل : يقضي بين الأنبياء وبين قومهم؛ حكاه النقاش.
إن ربك -أيها الرسول- يقضي بين المؤمنين والكافرين من بني إسرائيل وغيرهم يوم القيامة بالعدل فيما اختلفوا فيه من أمور الدين، ويجازي كل إنسان بعمله بإدخال أهلِ الجنةِ الجنةَ وأهلِ النارِ النارَ.
وثَمَّ مسائل اختلف فيها بنو إسرائيل، منهم من أصاب فيها الحق، ومنهم من أخطأه خطأ، أو عمدًا، واللّه تعالى { يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } وهذا القرآن يقص على بني إسرائيل، بعض الذي يختلفون فيه، فكل خلاف وقع بينهم، ووجد في القرآن تصديق لأحد القولين، فهو الحق، وما عداه مما خالفه، باطل.
"إن ربك هو يفصل"، يقضي، "بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون".
(إِنَّ رَبَّكَ) إن واسمها (هُوَ) ضمير فصل (يَفْصِلُ) مضارع فاعله مستتر والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها (بَيْنَهُمْ) ظرف مكان (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ظرف زمان مضاف إلى القيامة (فِيما) متعلقان بالفعل يفصل (كانُوا) كان واسمها (فِيهِ) متعلقان بما بعدهما (يَخْتَلِفُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر كانوا وجملة كانوا.. صلة لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Inna rabbaka huwa yafsilu baynahum yawma alqiyamati feema kanoo feehi yakhtalifoona
Lo! thy Lord will judge between them on the Day of Resurrection concerning that wherein they used to differ.
Şüphe yok ki Rabbin, kıyamet gününde, ayrılığa düştükleri şeyler hakkında, aralarında hükmedecek.
Ton Seigneur, c'est Lui qui décidera entre eux, au Jour de la Résurrection, de ce sur quoi ils divergeaient.
Gewiß, dein HERR ist Derjenige, Der zwischen ihnen am Tag der Auferstehung richten wird über das, worüber sie uneins zu sein pflegten.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة السجدة (As-Sajda - The Prostration) |
ترتيبها |
32 |
عدد آياتها |
30 |
عدد كلماتها |
374 |
عدد حروفها |
1523 |
معنى اسمها |
سَجَدَ: خَضَعَ، ومِنْهُ سُجُودُ الصَّلاةِ، وَالمُرَادُ (بِالسَّجْدَةِ): سَجْدَةُ التِّلاوَةِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (السَّجْدَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةِ، وَسُورَةَ (المَضَاجِعِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى فِي الكَونِ وفِي الخَلْقِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءَتُها فَجْرَ الجُمُعَةِ، فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ و ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ ...١﴾». (رَوَاهُ البُخارِيّ وَمُسْلِم).
تُستَحَبُّ قِراءَتُهَا كُلَّ لَيلَةٍ قَبلَ النَّومِ، فعَنْ جَابِـرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَى يَقرَأَ: ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ ...١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن شُبْهَةِ اخْتِلاقِ القُرْآنِ وَتَوْجِيهُ النَّبِيِّ ﷺ تِجَاهِهَا، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ٣٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (لُقْمَانَ): لَمَّا خَتَمَ سُبْحَانَهُ سُورَةَ (لُقْمَانٍ) بِذِكْرِ مَفَاتِيحِ الْغَيبِ الخَمسَةِ مُجْمَلَة؛ جَاءَ بَيَانُها فِي (السَّجْدَةِ). |