«وإذا غشيهم» أي علا الكفار «موجٌ كالظلل» كالجبال التي تُظل من تحتها «دعوا الله مخلصين له الدين» أي الدعاء بأن ينجيهم أي لا يدعون معه غيره «فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد» متوسط بين الكفر والإيمان، ومنهم باق على كفره «وما يجحد بآياتنا» ومنها الإنجاء من الموج «إلا كل ختارٍ» غدار «كفورٍ» لنعم الله تعالى.
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)
قوله تعالى: " وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ» فإنه الخالق ما فيها وهو قوله تعالى (يَعْلَمُ السِّرَّ)
* فإنالسرالنكاح .
(32) سورة السّجدة مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(34) الفتوحات ج 2 /
412
ثم قال : ( وإذا غشيهم موج كالظلل ) أي : كالجبال والغمام ، ( دعوا الله مخلصين له الدين ) ، كما قال تعالى : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) [ الإسراء : 67 ] ، وقال ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) [ العنكبوت : 65 ] .
ثم قال : ( فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ) قال مجاهد : أي كافر . كأنه فسر المقتصد هاهنا بالجاحد ، كما قال تعالى : ( فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) [ العنكبوت : 65 ] .
وقال ابن زيد : هو المتوسط في العمل .
وهذا الذي قاله ابن زيد هو المراد في قوله : ( فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) [ فاطر : 32 ] ، فالمقتصد هاهنا هو : المتوسط في العمل . ويحتمل أن يكون مرادا هنا أيضا ، ويكون من باب الإنكار على من شاهد تلك الأهوال والأمور العظام والآيات الباهرات في البحر ، ثم بعدما أنعم عليه من الخلاص ، كان ينبغي أن يقابل ذلك بالعمل التام ، والدؤوب في العبادة ، والمبادرة إلى الخيرات . فمن اقتصد بعد ذلك كان مقصرا والحالة هذه ، والله أعلم .
وقوله : ( وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) : فالختار : هو الغدار . قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، ومالك عن زيد بن أسلم ، وهو الذي كلما عاهد نقض عهده ، والختر : أتم الغدر وأبلغه ، قال عمرو بن معديكرب :
وإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر
وقوله : ( كفور ) أي : جحود للنعم لا يشكرها ، بل يتناساها ولا يذكرها .
قوله تعالى: {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال مقاتل : كالجبال. وقال الكلبي : كالسحاب؛ وقاله قتادة : جمع ظلة؛ شبه الموج بها لكبرها وارتفاعها. قال النابغة في وصف بحر : يماشيهن أخضر ذو ظلال ** على حافاته فلق الدنان وإنما شبه الموج وهو واحد بالظل وهو جمع؛ لأن الموج يأتي شيئا بعد شيء ويركب بعضه بعضا كالظلل. وقيل : هو بمعنى الجمع، وإنما لم يجمع لأنه مصدر. وأصله من الحركة والازدحام؛ ومنه : ماج البحر، والناس يموجون. قال كعب : فجئنا إلى موج من البحر وسطه ** أحابيش منهم حاسر ومقنع وقرأ محمد ابن الحنفية: "موج كالظلال" جمع ظل. {دعوا الله مخلصين له الدين} موحدين له لا يدعون لخلاصهم سواه؛ وقد تقدم. {فلما نجاهم} يعني من البحر. {إلى البر فمنهم مقتصد} قال ابن عباس : موف بما عاهد عليه الله في البحر. النقاش : يعني عدل في العهد، وفي في البر بما عاهد عليه الله في البحر. وقال الحسن: "مقتصد" مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة. وقال مجاهد: "مقتصد" في القول مضمر للكفر. وقيل : في الكلام حذف؛ والمعنى : فمنهم مقتصد ومنهم كافر. ودل على المحذوف قوله تعالى: {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} الختار : الغدار. والختر : أسوأ الغدر. قال عمرو بن معد يكرب : فإنك لو رأيت أبا عمير ** ملأت يديك من غدر وختر وقال الأعشى : بالأبلق الفرد من تيماء منزله ** حصن حصين وجار غير ختار قال الجوهري : الختر الغدر؛ يقال : ختره فهو ختار. الماوردي : وهو قول الجمهور. وقال عطية : إنه الجاحد. ويقال : ختر يختِر ويختُر (بالضم والكسر) خترا؛ ذكره القشيري، وجحد الآيات إنكار أعيانها. والجحد بالآيات إنكار دلائلها.
وإذا ركب المشركون السفن وعَلَتْهم الأمواج مِن حولهم كالسحب والجبال، أصابهم الخوف والذعر من الغرق ففزعوا إلى الله، وأخلصوا دعاءهم له، فلما نجاهم إلى البر فمنهم متوسط لم يقم بشكر الله على وجه الكمال، ومنهم كافر بنعمة الله جاحد لها، وما يكفر بآياتنا وحججنا الدالة على كمال قدرتنا ووحدانيتنا إلا كل غدَّار ناقض للعهد، جحود لنعم الله عليه.
ذكر تعالى حال الناس، عند ركوبهم البحر، وغشيان الأمواج كالظل فوقهم، أنهم يخلصون الدعاء [للّه] والعبادة: { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ } انقسموا فريقين:
فرقة مقتصدة، أي: لم تقم بشكر اللّه على وجه الكمال، بل هم مذنبون ظالمون لأنفسهم.
وفرقة كافرة بنعمة اللّه، جاحدة لها، ولهذا قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ } أي غدار، ومن غدره، أنه عاهد ربه، لئن أنجيتنا من البحر وشدته، لنكونن من الشاكرين، فغدر ولم يف بذلك، { كَفُور } بنعم اللّه. فهل يليق بمن نجاهم اللّه من هذه الشدة، إلا القيام التام بشكر نعم اللّه؟
( وإذا غشيهم موج كالظلل ) قال مقاتل : كالجبال . وقال الكلبي : كالسحاب . والظلل جمع الظلة شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها ، وجعل الموج ، وهو واحد ، كالظلل وهي جمع ، لأن الموج يأتي منه شيء بعد شيء ( دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ) أي : عدل موف في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له ، يعني : ثبت على إيمانه .
نزلت في عكرمة بن أبي جهل هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف ، فقال عكرمة : لئن أنجاني الله من هذا لأرجعن إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ولأضعن يدي في يده ، فسكنت الريح ، فرجع عكرمة إلى مكة فأسلم وحسن إسلامه وقال مجاهد : فمنهم مقتصد في القول مضمر للكفر . وقال الكلبي : مقتصد في القول ، أي : من الكفار ، لأن بعضهم كان أشد قولا وأغلى في الافتراء من بعض ( وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) والختر أسوأ الغدر .
(وَإِذا) الواو حرف استئناف (إِذا غَشِيَهُمْ) إذا ظرفية شرطية غير جازمة وماض ومفعوله (مَوْجٌ) فاعل والجملة في محل جر بالإضافة.
(كَالظُّلَلِ) صفة موج (دَعَوُا اللَّهَ) ماض وفاعله ولفظ الجلالة مفعوله والجملة جواب إذا لا محل لها.
(مُخْلِصِينَ) حال (لَهُ) متعلقان بما قبلهما (الدِّينَ) مفعول به، (فَلَمَّا) الفاء حرف استئناف (لما) ظرفية شرطية (نَجَّاهُمْ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة في محل جر بالإضافة (فَمِنْهُمْ) الفاء رابطة (منهم) خبر مقدم (مُقْتَصِدٌ) مبتدأ مؤخر والجملة جواب الشرط لا محل لها والواو حرف استئناف (وَما) نافية (يَجْحَدُ) مضارع مرفوع (بِآياتِنا) متعلقان بالفعل (إِلَّا) حرف حصر (كُلُّ) فاعل (خَتَّارٍ) مضاف إليه وهو صفة لموصوف محذوف أي عبد ختار (كَفُورٍ) صفة ثانية والجملة مستأنفة لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Waitha ghashiyahum mawjun kaalththulali daAAawoo Allaha mukhliseena lahu alddeena falamma najjahum ila albarri faminhum muqtasidun wama yajhadu biayatina illa kullu khattarin kafoorin
And if a wave enshroudeth them like awnings, they cry unto Allah, making their faith pure for Him only. But when He bringeth them safe to land, some of them compromise. None denieth Our signs save every traitor ingrate.
Onları, gölgeler yapan, dağlar gibi dalgalar sardı mı dini, yalnız ona ait bilerek ve özlerini yalnız ona bağlayarak Allah'ı çağırırlar; onları kurtarınca içlerinde aşırı gitmeyen, geri kalmayan ve vaadine vefa eden kişiler bulunur ve zaten de ahdine hiç vefa etmeyen nankör kişilerden başkası bilebile inkar etmez delillerimizi.
Quand une vague les recouvre comme des ombres, ils invoquent Allah, vouant leur culte exclusivement à Lui; et lorsqu'Il les sauve, en les ramenant vers la terre ferme, certains d'entre eux deviennent réticents; mais, seul le grand traître et le grand ingrat renient Nos signes.
Und wenn Wogen wie Schattenwerfende sie umhüllen, richten sie Bittgebete an ALLAH als Aufrichtige im Din Ihm gegenüber, und nachdem ER sie ans Land errettet hatte, waren manche von ihnen gemäßigt. Und ALLAHs Ayat leugnet niemand außer jedem äußerst kufr-betreibenden Hinterhältigen.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة لقمان (Luqman - Luqman) |
ترتيبها |
31 |
عدد آياتها |
34 |
عدد كلماتها |
550 |
عدد حروفها |
2121 |
معنى اسمها |
(لُقْمَانُ): رَجُلٌ صَالِحٌ، عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ، وَعَاشَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ عليه السلام |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ وَصَايَا لُقْمَانَ لِابنِهِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (لُقْمَانَ) |
مقاصدها |
الِاتِّعَاظُ بِالسُّنَنِ الإِلَهِيَّةِ عُمُومًا، وبَيَانُ الْوَصَايَا فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاء |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (لُقْمَانَ) بِآخِرِهَا: الإِشَارَةُ إِلَى آيَاتِ اللهِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ ٢﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ ...٣٤﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (لُقْمَانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرُّومِ): لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الرُّومَ) بِقَولِهِ: ﴿وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ ...٥٨﴾ ضَرَبَ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ بِوَصَايَا لُقْمَانَ لابْنِهِ فِي سُورَةِ (لُقْمَانَ). |