المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الروم: [الآية 53]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الروم | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)
[نصيحة وإشارة: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ . . .» الآية ]
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ» فاللّه تعالى خلقنا من ضعف وما خلقنا إلا عليه ، فما أنشأ العالم إلا منه وعليه ، فخلق الإنسان فقيرا إلى ربه ، مسكينا ظاهر الضعف والحاجة بلسان الحال والمقال ، وهكذا الطفل عند ولادته لا يقدر على القيام ، فهو طريح قريب إلى أصله وهو الأرض ، وكذا المريض الذي لا يقدر على القيام والقعود ، ويبقى طريحا لضعفه وهو رجوعه إلى أصله ، فالضعف أصل الإنسان لكونه ممكنا ، والممكن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الترجيح على كل حال ، ثم جعل اللّه له قوة عارضة وهو قوله : «ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً» لما نقلنا من حال الطفولة إلى حال الشباب والتكليف ، فهي قوة الشباب ، وذلك حال الفتوة وفيها يسمى فتى ، وما قرن معها شيئا من الضعف ، فإن الفتوة ليس فيها شيء من الضعف ، إذ هي حالة بين الطفولة والكهولة ، وهو عمر الإنسان من زمان بلوغه إلى تمام الأربعين من ولادته ، إلا أنه مع هذه القوة لا يستقل ، فأمر بطلب المعونة ،
ثم ردّ اللّه تعالى الإنسان إلى أصله من الضعف ، فإن القوة للّه جميعا ، والعبد موطنه الضعف والعبودية ، والضعف مرتبته ، فإنه خلق من ضعف ابتداء ، وردّ إلى الضعف انتهاء ، فقال عزّ وجل : «ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ» قوة الشباب «ضَعْفاً»
يعني ضعف الكهولة إلى آخر العمر «وَشَيْبَةً» يعني وقارا أي سكونا لضعفه عن الحركة ، فإن الوقار من الوقر وهو الثقل ، فقرن مع هذا الضعف الثاني الشيبة التي هي الوقار ، فإن الطفل وإن كان ضعيفا فإنه متحرك جدا ،
روي أن إبراهيم عليه السلام لما رأى الشيب قال : يا رب ما هذا ؟ قال:
الوقار ، قال : اللهم زدني وقارا ؛ فالضعف هو أول العالم وآخره ، فإنا ما وجدنا للقوة ذكرا في الأول ولا في الآخر ، بل جاءت في الوسط وهي محل الدعوى الواقعة في الإنسان ، وإذا نظرنا في معنى هذا الضعف الذي خلقنا منه لوجدناه عدم الاستقلال بالإيجاد ، فشرع لنا الاستعانة به في الاقتدار ، ثم جعل لنا قوة غير مستقلة ، فإنه لولا أن للمكلف نسبة وأثرا في العمل ما صح التكليف ولا صح طلب المعونة من ذي القوة المتين ، فهو وإن خلقنا من ضعف فإنه جعل فينا قوة لولاها ما كلفنا بالعمل والترك ، لأن الترك منع النفس من التصرف في هواها ، وبهذا عمت القوة العمل والترك ، وقرن الشيب بالضعف الذي رجعنا إليه ، ليرينا بذلك الشيب وهو نور أن ذلك الضعف ما هو ضعف ثان من أجل ما نكّره ، فهو رجع إلى الضعف الأول ، فكان الضعف الثاني رجوعا إلى الأصل ، فسمي هرما ، والشيب للشيخوخة ، وهذا الضعف الأخير إنما أعده اللّه لإقامة النشأة الآخرة عليه كما قامت النشأة الدنيا على الضعف ، وإنما كان هذا ليلازم الإنسان ذاته الذلة والافتقار وطلب المعونة والحاجة إلى خالقه ، ومع هذا كله يذهل عن أصله ويتيه بما يعرض له من القوة ، فإذا استوى قائما وبعد عن أصله (وهو الأرض) تفر عن وتجبّر وادعى القوة ، وقال : أنا ؛ فالرجل من كان مع اللّه في حال قيامه وصحته ، كحاله في اضطجاعه من المرض والضعف وهو عزيز
- نصيحة -الاعتناء بالصغير رحمة به لضعفه ، فإذا كبر وكل إلى نفسه ، فإن بقي في كبره على أصله من الضعف صحبته الرحمة ، وإن تكبر عن أصله وادعى القوة المجعولة فيه بعد ضعفه أضاعه اللّه في كبره برد الضعف إليه ، فاستقذره وليه وتمنى مفارقته ، وفي ضعف صغره كان يشتهي حياته ويرغب في تقبيله ولا يستقذره
- إشارة - «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً» هذا حال وقت نظرك إن نظرت «ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً» فنكصت على عقبك ، فانظر كيف تكون ؟.
[سورة الروم (30) : الآيات 55 إلى 60]
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (58) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (59)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60)
(31) سورة لقمان مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(54) الفتوحات ج 4 / 281 - ج 1 / 213 - ج 4 / 11 - ج 1 / 275">275">275">275 - ج 4 / 281 ، 11 ، 282 - ج 1 / 241">241 - ج 4 / 11 - ج 1 / 275">275">275">275 - ج 2 / 29 - ج 3 / 379 - ج 4 / 282 - ج 1 / 241">241 - ج 4 / 281 ، 11 ، 281 - ج 1 / 275">275">275">275 ، 213 - ج 4 / 415 - كتاب الشاهدتفسير ابن كثير:
( إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ) أي : خاضعون مستجيبون مطيعون ، فأولئك هم الذين يستمعون الحق ويتبعونه ، وهذا حال المؤمنين ، والأول مثل الكافرين ، كما قال تعالى : ( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ) [ الأنعام : 36 ] .
وقد استدلت أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، بهذه الآية : ( إنك لا تسمع الموتى ) ، على توهيم عبد الله بن عمر في روايته مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم القتلى الذين ألقوا في قليب بدر ، بعد ثلاثة أيام ، ومعاتبته إياهم وتقريعه لهم ، حتى قال له عمر : يا رسول الله ، ما تخاطب من قوم قد جيفوا ؟ فقال : " والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكن لا يجيبون " . وتأولته عائشة على أنه قال : " إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق " .
وقال قتادة : أحياهم الله له حتى سمعوا مقالته تقريعا وتوبيخا ونقمة .
والصحيح عند العلماء رواية ابن عمر ، لما لها من الشواهد على صحتها من وجوه كثيرة ، من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححا [ له ] ، عن ابن عباس مرفوعا : " ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم ، كان يعرفه في الدنيا ، فيسلم عليه ، إلا رد الله عليه روحه ، حتى يرد عليه السلام " .
[ وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له ، إذا انصرفوا عنه ، وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول المسلم : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ، ولولا هذا الخطاب لكانوا بمنزلة خطاب المعدوم والجماد ، والسلف مجمعون على هذا ، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف بزيارة الحي له ويستبشر ، فروى ابن أبي الدنيا في كتاب القبور عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده ، إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم " .
وروي عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : إذا مر رجل بقبر يعرفه فسلم عليه ، رد عليه السلام .
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن رجل من آل عاصم الجحدري قال : رأيت عاصما الجحدري في منامي بعد موته بسنتين ، فقلت : أليس قد مت ؟ قال : بلى ، قلت : فأين أنت ؟ قال : أنا - والله - في روضة من رياض الجنة ، أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني ، فنتلقى أخباركم . قال : قلت : أجسامكم أم أرواحكم ؟ قال : هيهات! قد بليت الأجسام ، وإنما تتلاقى الأرواح ، قال : قلت : فهل تعلمون بزيارتنا إياكم ؟ قال : نعلم بها عشية الجمعة ويوم الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس ، قال : قلت : فكيف ذلك دون الأيام كلها ؟ قال : لفضل يوم الجمعة وعظمته .
قال : وحدثنا محمد بن الحسين ، ثنا بكر بن محمد ، ثنا حسن القصاب قال : كنت أغدو مع محمد بن واسع في كل غداة سبت حتى نأتي أهل الجبان ، فنقف على القبور فنسلم عليهم ، وندعو لهم ثم ننصرف ، فقلت ذات يوم : لو صيرت هذا اليوم يوم الاثنين ؟ قال : بلغني أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبلها ويوما بعدها . قال : ثنا محمد ، ثنا عبد العزيز بن أبان قال : ثنا سفيان الثوري قال : بلغني عن الضحاك أنه قال : من زار قبرا يوم السبت قبل طلوع الشمس علم الميت بزيارته ، فقيل له : وكيف ذلك ؟ قال : لمكان يوم الجمعة .
حدثنا خالد بن خداش ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي التياح يقول : كان مطرف يغدو ، فإذا كان يوم الجمعة أدلج . قال : وسمعت أبا التياح يقول : بلغنا أنه كان ينزل بغوطة ، فأقبل ليلة حتى إذا كان عند المقابر يقوم وهو على فرسه ، فرأى أهل القبور كل صاحب قبر جالسا على قبره ، فقالوا : هذا مطرف يأتي الجمعة ويصلون عندكم يوم الجمعة ؟ قالوا : نعم ، ونعلم ما يقول فيه الطير . قلت : وما يقولون ؟ قال : يقولون سلام عليكم; حدثني محمد بن الحسن ، ثنا يحيى بن أبي بكر ، ثنا الفضل بن الموفق ابن خال سفيان بن عيينة قال : لما مات أبي جزعت عليه جزعا شديدا ، فكنت آتي قبره في كل يوم ، ثم قصرت عن ذلك ما شاء الله ، ثم إني أتيته يوما ، فبينا أنا جالس عند القبر غلبتني عيناي فنمت ، فرأيت كأن قبر أبي قد انفرج ، وكأنه قاعد في قبره متوشح أكفانه ، عليه سحنة الموتى ، قال : فكأني بكيت لما رأيته . قال : يا بني ، ما أبطأ بك عني ؟ قلت : وإنك لتعلم بمجيئي ؟ قال : ما جئت مرة إلا علمتها ، وقد كنت تأتيني فأسر بك ويسر من حولي بدعائك ، قال : فكنت آتيه بعد ذلك كثيرا .
حدثني محمد ، حدثنا يحيى بن بسطام ، ثنا عثمان بن سويد الطفاوي قال : وكانت أمه من العابدات ، وكان يقال لها : راهبة ، قال : لما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء فقالت : يا ذخري وذخيرتي من عليه اعتمادي في حياتي وبعد موتي ، لا تخذلني عند الموت ولا توحشني . قال : فماتت . فكنت آتيها في كل جمعة فأدعو لها وأستغفر لها ولأهل القبور ، فرأيتها ذات يوم في منامي ، فقلت لها : يا أمي ، كيف أنت ؟ قالت : أي بني ، إن للموت لكربة شديدة ، وإني بحمد الله لفي برزخ محمود يفرش فيه الريحان ، ونتوسد السندس والإستبرق إلى يوم النشور ، فقلت لها : ألك حاجة ؟ قالت : نعم ، قلت : وما هي ؟ قالت : لا تدع ما كنت تصنع من زياراتنا والدعاء لنا ، فإني لأبشر بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت من أهلك ، يقال لي : يا راهبة ، هذا ابنك ، قد أقبل ، فأسر ويسر بذلك من حولي من الأموات .
حدثني محمد ، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن سليمان ، حدثنا بشر بن منصور قال : لما كان زمن الطاعون كان رجل يختلف إلى الجبان ، فيشهد الصلاة على الجنائز ، فإذا أمسى وقف على المقابر فقال : آنس الله وحشتكم ، ورحم غربتكم ، وتجاوز عن مسيئكم ، وقبل حسناتكم ، لا يزيد على هؤلاء الكلمات ، قال : فأمسيت ذات ليلة وانصرفت إلى أهلي ولم آت المقابر فأدعو كما كنت أدعو ، قال : فبينا أنا نائم إذا بخلق قد جاءوني ، فقلت : ما أنتم وما حاجتكم ؟ قالوا : نحن أهل المقابر ، قلت : ما حاجتكم ؟ قالوا : إنك عودتنا منك هدية عند انصرافك إلى أهلك ، قلت : وما هي ؟ قالوا : الدعوات التي كنت تدعو بها ، قال : قلت فإني أعود لذلك ، قال : فما تركتها بعد .
وأبلغ من ذلك أن الميت يعلم بعمل الحي من أقاربه وإخوانه . قال عبد الله بن المبارك : حدثني ثور بن يزيد ، عن إبراهيم ، عن أيوب قال : تعرض أعمال الأحياء على الموتى ، فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وإن رأوا سوءا قالوا : اللهم راجع به .
وذكر ابن أبي الدنيا عن أحمد بن أبي الحوارى قال : ثنا محمد أخي قال : دخل عباد بن عباد على إبراهيم بن صالح وهو على فلسطين فقال : عظني ، قال : بم أعظك ، أصلحك الله ؟ بلغني أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم من الموتى ، فانظر ما يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك ، فبكى إبراهيم حتى أخضل لحيته . قال ابن أبي الدنيا : وحدثني محمد بن الحسين ، ثنا خالد بن عمرو الأموي ، ثنا صدقة بن سليمان الجعفري قال : كانت لي شرة سمجة ، فمات أبي فتبت وندمت على ما فرطت ، ثم زللت أيما زلة ، فرأيت أبي في المنام ، فقال : أي بني ، ما كان أشد فرحي بك وأعمالك تعرض علينا ، فنشبهها بأعمال الصالحين ، فلما كانت هذه المرة استحييت لذلك حياء شديدا ، فلا تخزني فيمن حولي من الأموات ، قال : فكنت أسمعه بعد ذلك يقول في دعائه في السحر ، وكان جارا لي بالكوفة : أسألك إيابة لا رجعة فيها ولا حور ، يا مصلح الصالحين ، ويا هادي المضلين ، ويا أرحم الراحمين .
وهذا باب فيه آثار كثيرة عن الصحابة . وكان بعض الأنصار من أقارب عبد الله بن رواحة يقول : اللهم إني أعوذ بك من عمل أخزى به عند عبد الله بن رواحة ، كان يقول ذلك بعد أن استشهد عبد الله .
وقد شرع السلام على الموتى ، والسلام على من لم يشعر ولا يعلم بالمسلم محال ، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا رأوا القبور أن يقولوا : " سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية " ، فهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد ، وإن لم يسمع المسلم الرد ، والله أعلم ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ } لأنهم لا يقبلون الإبصار بسبب عماهم فليس منهم قابلية له.
{ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ } فهؤلاء الذين ينفع فيهم إسماع الهدى المؤمنون بآياتنا بقلوبهم المنقادون لأوامرنا المسلمون لنا، لأن معهم الداعي القوي لقبول النصائح والمواعظ وهو استعدادهم للإيمان بكل آية من آيات اللّه واستعدادهم لتنفيذ ما يقدرون عليه من أوامر اللّه ونواهيه.
تفسير البغوي
"وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون".
الإعراب:
(وَما) الواو حرف استئناف (ما) نافية تعمل عمل ليس (أَنْتَ) اسم ما (بِهادِ) الباء حرف جر زائد (هادي) مجرور لفظا منصوب محلا خبر ما (الْعُمْيِ) مضاف إليه والجملة مستأنفة لا محل لها (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) متعلقان بالعمي.
(إِنْ) نافية (تُسْمِعُ) مضارع فاعله مستتر (إِلَّا) حرف حصر (مَنْ) مفعول به والجملة مستأنفة لا محل لها (يُؤْمِنُ) مضارع فاعله مستتر (بِآياتِنا) متعلقان بالفعل والجملة صلة من (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) الفاء حرف عطف ومبتدأ وخبره والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.