«ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره» بإرادته من غير عمد «ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض» بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور «إذا أنتم تخرجون» منها أحياء فخروجكم منها بدعوة من آياته تعالى.
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)
[نصيحة وإشارة: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ . . .» الآية ]
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ» فاللّه تعالى خلقنا من ضعف وما خلقنا إلا عليه ، فما أنشأ العالم إلا منه وعليه ، فخلق الإنسان فقيرا إلى ربه ، مسكينا ظاهر الضعف والحاجة بلسان الحال والمقال ، وهكذا الطفل عند ولادته لا يقدر على القيام ، فهو طريح قريب إلى أصله وهو الأرض ، وكذا المريض الذي لا يقدر على القيام والقعود ، ويبقى طريحا لضعفه وهو رجوعه إلى أصله ، فالضعف أصل الإنسان لكونه ممكنا ، والممكن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الترجيح على كل حال ، ثم جعل اللّه له قوة عارضة وهو قوله : «ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً» لما نقلنا من حال الطفولة إلى حال الشباب والتكليف ، فهي قوة الشباب ، وذلك حال الفتوة وفيها يسمى فتى ، وما قرن معها شيئا من الضعف ، فإن الفتوة ليس فيها شيء من الضعف ، إذ هي حالة بين الطفولة والكهولة ، وهو عمر الإنسان من زمان بلوغه إلى تمام الأربعين من ولادته ، إلا أنه مع هذه القوة لا يستقل ، فأمر بطلب المعونة ،
ثم ردّ اللّه تعالى الإنسان إلى أصله من الضعف ، فإن القوة للّه جميعا ، والعبد موطنه الضعف والعبودية ، والضعف مرتبته ، فإنه خلق من ضعف ابتداء ، وردّ إلى الضعف انتهاء ، فقال عزّ وجل : «ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ» قوة الشباب «ضَعْفاً»
يعني ضعف الكهولة إلى آخر العمر «وَشَيْبَةً» يعني وقارا أي سكونا لضعفه عن الحركة ، فإن الوقار من الوقر وهو الثقل ، فقرن مع هذا الضعف الثاني الشيبة التي هي الوقار ، فإن الطفل وإن كان ضعيفا فإنه متحرك جدا ،
روي أن إبراهيم عليه السلام لما رأى الشيب قال : يا رب ما هذا ؟ قال:
الوقار ، قال : اللهم زدني وقارا ؛ فالضعف هو أول العالم وآخره ، فإنا ما وجدنا للقوة ذكرا في الأول ولا في الآخر ، بل جاءت في الوسط وهي محل الدعوى الواقعة في الإنسان ، وإذا نظرنا في معنى هذا الضعف الذي خلقنا منه لوجدناه عدم الاستقلال بالإيجاد ، فشرع لنا الاستعانة به في الاقتدار ، ثم جعل لنا قوة غير مستقلة ، فإنه لولا أن للمكلف نسبة وأثرا في العمل ما صح التكليف ولا صح طلب المعونة من ذي القوة المتين ، فهو وإن خلقنا من ضعف فإنه جعل فينا قوة لولاها ما كلفنا بالعمل والترك ، لأن الترك منع النفس من التصرف في هواها ، وبهذا عمت القوة العمل والترك ، وقرن الشيب بالضعف الذي رجعنا إليه ، ليرينا بذلك الشيب وهو نور أن ذلك الضعف ما هو ضعف ثان من أجل ما نكّره ، فهو رجع إلى الضعف الأول ، فكان الضعف الثاني رجوعا إلى الأصل ، فسمي هرما ، والشيب للشيخوخة ، وهذا الضعف الأخير إنما أعده اللّه لإقامة النشأة الآخرة عليه كما قامت النشأة الدنيا على الضعف ، وإنما كان هذا ليلازم الإنسان ذاته الذلة والافتقار وطلب المعونة والحاجة إلى خالقه ، ومع هذا كله يذهل عن أصله ويتيه بما يعرض له من القوة ، فإذا استوى قائما وبعد عن أصله (وهو الأرض) تفر عن وتجبّر وادعى القوة ، وقال : أنا ؛ فالرجل من كان مع اللّه في حال قيامه وصحته ، كحاله في اضطجاعه من المرض والضعف وهو عزيز
- نصيحة -الاعتناء بالصغير رحمة به لضعفه ، فإذا كبر وكل إلى نفسه ، فإن بقي في كبره على أصله من الضعف صحبته الرحمة ، وإن تكبر عن أصله وادعى القوة المجعولة فيه بعد ضعفه أضاعه اللّه في كبره برد الضعف إليه ، فاستقذره وليه وتمنى مفارقته ، وفي ضعف صغره كان يشتهي حياته ويرغب في تقبيله ولا يستقذره
- إشارة - «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً» هذا حال وقت نظرك إن نظرت «ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً» فنكصت على عقبك ، فانظر كيف تكون ؟.
[سورة الروم (30) : الآيات 55 إلى 60]
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (58) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (59)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60)
(31) سورة لقمان مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(54) الفتوحات ج 4 /
281 - ج 1 /
213 - ج 4 /
11 - ج 1 /
275">
275">
275">
275 - ج 4 /
281 ،
11 ،
282 - ج 1 /
241">
241 - ج 4 /
11 - ج 1 /
275">
275">
275">
275 - ج 2 /
29 - ج 3 /
379 - ج 4 /
282 - ج 1 /
241">
241 - ج 4 /
281 ،
11 ،
281 - ج 1 /
275">
275">
275">
275 ،
213 - ج 4 /
415 - كتاب الشاهد
ثم قال : ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) كقوله : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) [ الحج : 65 ] ، وقوله : ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ) [ فاطر : 41 ] . وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، إذا اجتهد في اليمين يقول : لا والذي تقوم السماء والأرض بأمره ، أي : هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها ، ثم إذا كان يوم القيامة بدلت الأرض غير الأرض والسماوات ، وخرجت الأموات من قبورها أحياء بأمره تعالى ودعائه إياهم; ولهذا قال : ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ) كما قال تعالى : ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) [ الإسراء : 52 ] .
وقال تعالى : ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) [ النازعات : 13 ، 14 ] ، وقال : ( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ) [ يس : 53 ] .
قوله تعالى: {ومن آياته أن خلقكم من تراب} أي من علامات ربوبيته ووحدانيته أن خلقكم من تراب؛ أي خلق أباكم منه والفرع كالأصل، وقد مضى بيان هذا في "الأنعام". و{أن} في موضع رفع بالابتداء وكذا {أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا}. قوله تعالى: {ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} ثم أنتم عقلاء ناطقون تتصرفون فيما هو قوام معايشكم، فلم يكن ليخلقكم عبثا؛ ومن قدر على هذا فهو أهل للعبادة والتسبيح. ومعنى{خلق لكم من أنفسكم أزواجا} أي نساء تسكنون إليها. {من أنفسكم} أي من نطف الرجال ومن جنسكم. وقيل : المراد حواء، خلقها من ضلع آدم؛ قاله قتادة. {وجعل بينكم مودة ورحمة} قال ابن عباس ومجاهد : المودة الجماع، والرحمة الولد؛ وقاله الحسن. وقيل : المودة والرحمة عطف قلوبهم بعضهم على بعض. وقال السدي : المودة : المحبة، والرحمة : الشفقة؛ وروي معناه عن ابن عباس قال : المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء. ويقال : إن الرجل أصله من الأرض، وفيه قوة الأرض، وفيه الفرج الذي منه بدئ خلقه فيحتاج إلى سكن، وخلقت المرأة سكنا للرجل؛ قال الله تعالى: {ومن آياته أن خلقكم من تراب} الآية. وقال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها} فأول ارتفاق الرجل بالمرأة سكونه إليها مما فيه من غليان القوة، وذلك أن الفرج إذا تحمل فيه هيج ماء الصلب إليه، فإليها يسكن وبها يتخلص من الهياج، وللرجال خلق البضع منهن، قال الله تعالى: {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} الشعراء : 166] فأعلم الله عز وجل الرجال أن ذلك الموضع خلق منهن للرجال، فعليها بذله في كل وقت يدعوها الزوج؛ فإن منعته فهي ظالمة وفي حرج عظيم؛ ويكفيك من ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها). وفي لفظ آخر : (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح). {ومن آياته خلق السماوات والأرض} تقدم في "البقرة". وكانوا يعترفون بأن الله هو الخالق. {واختلاف ألسنتكم وألوانكم} اللسان في الفم؛ وفيه اختلاف اللغات : من العربية والعجمية والتركية والرومية. واختلاف الألوان في الصور : من البياض والسواد والحمرة؛ فلا تكاد ترى أحدا إلا وأنت تفرق بينه وبين الآخر. وليس هذه الأشياء من فعل النطفة ولا من فعل الأبوين؛ فلا بد من فاعل، فعلم أن الفاعل هو الله تعالى؛ فهذا من أدل دليل على المدبر البارئ. {إن في ذلك لآيات للعالمين} أي للبر والفاجر. وقرأ حفص{للعالِمين} بكسر اللام جمع عالم. قوله تعالى: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله} قيل : في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى : ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار؛ فحذف حرف الجر لاتصاله بالليل وعطفه عليه، والواو تقوم مقام حرف الجر إذا اتصلت بالمعطوف عليه في الاسم الظاهر خاصة؛ فجعل النوم بالليل دليلا على الموت، والتصرف بالنهار دليلا على البعث. {إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون} يريد سماع تفهم وتدبر. وقيل : يسمعون الحق فيتبعونه. وقيل : يسمعون الوعظ فيخافونه. وقيل : يسمعون القرآن فيصدقونه؛ والمعنى متقارب. وقيل : كان منهم من إذا تلي القرآن وهو حاضر سد أذنيه حتى لا يسمع؛ فبين الله عز وجل هذه الدلائل عليه. {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا} قيل : المعنى أن يريكم، فحذف {أن} لدلالة الكلام عليه؛ قال طرفة : ألا أيهذا اللائمي أحضُرُ الوغى ** وأن أشهدَ اللذات هل أنت مخلدي وقيل : هو على التقديم والتأخير؛ أي ويريكم البرق من آياته. وقيل : أي ومن آياته آية يريكم بها البرق؛ كما قال الشاعر : وما الدهر إلا تارتان فمنهما ** أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح وقيل : أي من آياته أنه يريكم البرق خوفا وطمعا من آياته؛ قاله الزجاج، فيكون عطف جملة على جملة. {خوفا} أي للمسافر. {وطمعا} للمقيم؛ قاله قتادة. الضحاك {خوفا} من الصواعق، {وطمعا} في الغيث. يحيى بن سلام {خوفا} من البرد أن يهلك الزرع، {وطمعا} في المطر أن يحيي الزرع. ابن بحر {خوفا} أن يكون البرق برقا خُلَّبا لا يمطر، {وطمعا} أن يكون ممطرا؛ وأنشد قول الشاعر : لا يكن برقك برقا خلّبا ** إن خير البرق ما الغيث معه وقال آخر : فقد أرد المياه بغير زاد ** سوى عدي لها برق الغمام والبرق الخلّب : الذي لا غيث فيه كأنه خادع؛ ومنه قيل لمن يعد ولا ينجز : إنما أنت كبرق خلب. والخلب أيضا : السحاب الذي لا مطر فيه. ويقال : برق خلب، بالإضافة. قوله تعالى: {وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} تقدم. {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} {أن} في محل رفع كما تقدم؛ أي قيامها واستمساكها بقدرته بلا عمد. وقيل : بتدبيره وحكمته؛ أي يمسكها بغير عمد لمنافع الخلق. وقيل: {بأمره} بإذنه؛ والمعنى واحد. {ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} أي الذي فعل هذه الأشياء قادر على أن يبعثكم من قبوركم؛ والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث؛ كما يجيب الداعي المطاع مدعوه؛ كما قال القائل : دعوت كليبا باسمه فكأنما ** دعوت برأس الطود أو هو أسرع يريد برأس الطود : الصدى أو الحجر إذا تدهده. وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض بـ {ثم} لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله، وهو أن يقول : يأهل القبور قوموا؛ فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر؛ كما قال تعالى: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} الزمر : 68]. {وإذا} الأولى في قوله تعالى: {إذا دعاكم} للشرط، والثانية في قوله تعالى: {إذا أنتم} للمفاجأة، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط. وأجمع القراء على فتح التاء هنا في {تخرجون}. واختلفوا في التي في "الأعراف" فقرأ أهل المدينة {ومنها تخرجون} الأعراف : 25] بضم التاء، وقرأ أهل العراق : بالفتح، وإليه يميل أبو عبيد. والمعنيان متقاربان، إلا أن أهل المدينة فرقوا بينهما لنسق الكلام، فنسق الكلام في التي في "الأعراف" بالضم أشبه؛ إذ كان الموت ليس من فعلهم، وكذا الإخراج. والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام؛ أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم؛ فالفعل بهم أشبه. وهذا الخروج إنما هو عند نفخة إسرافيل النفخة الآخرة؛ على ما تقدم ويأتي. وقرئ {تخرجون} بضم التاء وفتحها، ذكره الزمخشري ولم يزد على هذا شيئا، ولم يذكر ما ذكرناه من الفرق، والله أعلم. {وله من في السماوات والأرض} خلقا وملكا وعبدا. {كل له قانتون} روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كل قنوت في القرآن فهو طاعة). قال النحاس : مطيعون طاعة انقياد. وقيل: {قانتون} مقرون بالعبودية، إما قالة وإما دلالة؛ قاله عكرمة وأبو مالك والسدي. وقال ابن عباس {قانتون} مصلون. الربيع بن أنس {كل له قانتون} أي قائم يوم القيامة؛ كما قال {يوم يقوم الناس لرب العالمين} المطففين : 6] أي للحساب. الحسن : كل له قائم بالشهادة أنه عبد له. سعيد بن جبير {قانتون} مخلصون.
ومن آياته الدالة على قدرته قيام السماء والأرض واستقرارهما وثباتهما بأمره، فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرض، ثم إذا دعاكم الله إلى البعث يوم القيامة، إذا أنتم تخرجون من القبور مسرعين.
أي: ومن آياته العظيمة أن قامت السماوات والأرض واستقرتا وثبتتا بأمره فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرض، فقدرته العظيمة التي بها أمسك السماوات والأرض أن تزولا، يقدر بها أنه إذا دعا الخلق دعوة من الأرض إذا هم يخرجون { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ }
(ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) قال ابن مسعود : قامتا على غير عمد بأمره . وقيل : يدوم قيامها بأمره ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض ) قال ابن عباس : من القبور ( إذا أنتم تخرجون ) منها ، وأكثر العلماء على أن معنى الآية : ثم إذا دعاكم دعوة إذا أنتم تخرجون من الأرض .
(وَمِنْ آياتِهِ) خبر مقدم (أَنْ تَقُومَ) مضارع منصوب بأن والمصدر المؤول مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
(السَّماءُ) فاعل (وَالْأَرْضُ) معطوفة على السماء (بِأَمْرِهِ) متعلقان بتقوم (ثُمَّ) حرف عطف (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة (دَعاكُمْ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة في محل جر بالإضافة (دَعْوَةً) مفعول مطلق (مِنَ الْأَرْضِ) متعلقان بدعاكم (إِذا) الفجائية (أَنْتُمْ) مبتدأ (تَخْرُجُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية جواب الشرط لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Wamin ayatihi an taqooma alssamao waalardu biamrihi thumma itha daAAakum daAAwatan mina alardi itha antum takhrujoona
And of His signs is this: The heavens and the earth stand fast by His command, and afterward, when He calleth you, lo! from the earth ye will emerge.
Ve delillerindendir ki gökle yer, öylece durmada; sonra sizi bir çağırdı mı hemen yeraltından çıkacaksınız.
Et parmi Ses signes le ciel et la terre sont maintenus par Son ordre; ensuite lorsqu'Il vous appellera d'un appel, voilà que de la terre vous surgirez.
Auch zu Seinen Ayat zählt, daß der Himmel und die Erde nach Seiner Bestimmung feststehen. Dann, wenn ER euch mit einem Ruf ruft, da geht ihr heraus.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الروم (Ar-Rum - The Romans) |
ترتيبها |
30 |
عدد آياتها |
60 |
عدد كلماتها |
818 |
عدد حروفها |
3388 |
معنى اسمها |
(الرُّوْمُ): الْإِمْبرَاطُورِيَّةُ الرُّومَانِيَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ فِي الشَّامِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ خَبَرِ انْتِصَارِ الرُّومِ عَلَى الْفُرْسِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الرُّومِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَنِهِ فِي النَّفْسِ وَالْكَونِ، وَتَوجِيهُ الإِنسَانِ لِشُكْرِهَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَم يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الرُّومِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن انْتِصَارِ الرُّومِ وَتَحْقِيقِ وَعْدِ اللهِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿الٓمٓ ١ غُلِبَتِ ٱلرُّومُ ٢﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ ...٦٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الرُّومِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (العَنْكَبُوتِ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (العَنْكَبُوتَ) بِمَعِيَّةِ اللهِ لِلْمُحْسِنِينَ بِقَولِهِ: ﴿وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٦٩﴾ ذَكَرَ فَرَحَهُم فِي مُفْتَتَحِ (الرُّومِ) بِقَولِهِ: ﴿وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٤ بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ ...٥﴾. |