«فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها» جعلناها بتقديرنا «من الغابرين» الباقين في العذاب.
وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)
اعلم أن التالي إنما سمي تاليا لتتابع الكلام بعضه بعضا ، وتتابعه يقضي عليه بحرف الغاية ، وهما من وإلى ، فينزل من كذا إلى كذا ، ولما كان القلب من العالم الأعلى قال تعالى فيه (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) وكان اللسان من العالم الأنزل ، والحرف من عالم اللسان ،
ففصل اللسان الآيات وتلا بعضها بعضا ، فيسمى الإنسان تاليا من حيث لسانه ، فإنه المفصل لما أنزل مجملا .
------------
(92) الفتوحات ج 3 /
94
قال الله تعالى : ( فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين ) أي : من الهالكين مع قومها ; لأنها كانت ردءا لهم على دينهم ، وعلى طريقتهم في رضاها بأفعالهم القبيحة ، فكانت تدل قومها على ضيفان لوط ، ليأتوا إليهم ، لا أنها كانت تفعل الفواحش تكرمة لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - لا كرامة لها .
قوله تعالى: {ولوطا} أي وأرسلنا لوطا، أو اذكر لوطا {إذ قال لقومه} وهم أهل سدوم. وقال لقومه {أتأتون الفاحشة} الفعلة القبيحة الشنيعة. {وأنتم تبصرون} أنها فاحشة، وذلك أعظم لذنوبكم. وقيل : يأتي بعضكم بعضا وأنتم تنظرون إليه. وكانوا لا يستترون عتوا منهم وتمردا. {أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء} أعاد ذكرها لفرط قبحها وشنعتها. {بل أنتم قوم تجهلون} إما أمر التحريم أو العقوبة. واختيار الخليل وسيبويه تخفيف الهمزة الثانية من {أئنكم} فأما الخط فالسبيل فيه أن يكتب بألفين على الوجوه كلها؛ لأنها همزة مبتدأة دخلت عليها ألف الاستفهام. قوله تعالى: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} أي عن أدبار الرجال. يقولون ذلك استهزاء منهم؛ قاله مجاهد. وقال قتادة : عابوهم والله بغير عيب بأنهم يتطهرون من أعمال السوء. {فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين} وقرأ عاصم {قدرنا} مخففا والمعنى واحد. يقال قد قدرت الشيء قدرا وقدرا وقدرته. {وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين} أي من أنذر فلم يقبل الإنذار. وقد مضى بيان هذا في الأعراف وهود.
فأنجينا لوطًا وأهله من العذاب الذي سيقع بقوم لوط، إلا امرأته قدَّرناها من الباقين في العذاب حتى تهلك مع الهالكين؛ لأنها كانت عونًا لقومها على أفعالهم القبيحة راضية بها.
ولهذا قال تعالى: { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ْ} وذلك لما جاءته الملائكة في صورة أضياف وسمع بهم قومه فجاءوا إليه يريدونهم بالشر وأغلق الباب دونهم واشتد الأمر عليه، ثم أخبرته الملائكة عن جلية الحال وأنهم جاءوا لاستنقاذه وإخراجه من بين أظهرهم وأنهم يريدون إهلاكهم وأن موعدهم الصبح، وأمروه أن يسري بأهله ليلا إلا امرأته فإنه سيصيبها ما أصابهم فخرج بأهله ليلا فنجوا وصبحهم العذاب، فقلب الله عليهم ديارهم وجعل أعلاها أسفلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك.
( فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها ) قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا ، ( من الغابرين ) أي : الباقين في العذاب .
(فَأَنْجَيْناهُ) الفاء حرف استئناف وماض وفاعله ومفعوله والجملة مستأنفة لا محل لها (أَهْلَهُ) معطوف على الضمير المنصوب (إِلَّا) حرف استثناء (امْرَأَتَهُ) مستثنى بإلا (قَدَّرْناها) ماض وفاعله ومفعوله والجملة حال (مِنَ الْغابِرِينَ) متعلقان بالفعل.
Traslation and Transliteration:
Faanjaynahu waahlahu illa imraatahu qaddarnaha mina alghabireena
Then We saved him and his household save his wife; We destined her to be of those who stayed behind.
Derken, onu ve ailesini kurtardık, ancak karısını kurtarmadık, onun, geri kalanlarla kalmasını takdir etmiştik.
Nous le sauvâmes ainsi que sa famille, sauf sa femme pour qui Nous avions déterminé qu'elle serait du nombre des exterminés.
Dann erretteten WIR ihn und seine Familie außer seiner Ehefrau, sie bestimmten WIR unter den Untergehenden.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النمل (An-Naml - The Ant) |
ترتيبها |
27 |
عدد آياتها |
93 |
عدد كلماتها |
1165 |
عدد حروفها |
4679 |
معنى اسمها |
(النَّمْلُ): الْحَشَرَةُ المَعْرُوفَةُ، وَالْوَاحِدَةُ (نَمْلَةٌ) |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذكر قِصَّةِ النَّمْلَةِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّمْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (الهُدْهُدِ)، وَسُورَةَ (سُلَيمَانَ عليه السلام)، وَسُورَةَ: ﴿طسٓۚ﴾ |
مقاصدها |
ذِكْرُ نِعْمَةِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ كُلُّ نَبِيٍّ مِن مُعْجِزَاتٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُذكَرْ لَهَا سَبَبُ نُزُولٍ وَلا لِبَعضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَوْ أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّمل) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُهِمَّةِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَبْلِيغِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ ...٩٢﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّمْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّعَرَاءِ): خُتِمَتِ (الشُّعَراءُ) بِصِفَاتِ المُؤمِنِيْن؛ فَقَالَ: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ...٢٢٧﴾، وافْتُتِحَتِ (النَّمْلُ) بِصِفَاتِهِمْ؛ فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٣﴾. |