الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الفرقان: [الآية 20]

سورة الفرقان
وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَّآ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴿20﴾

تفسير الجلالين:

«وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق» فأنت مثلهم في ذلك، وقد قيل لهم مثل ما قيل لك «وجلنا بعضكم لبعض فتنة» بلية ابتلى الغني بالفقير والصحيح بالمريض، والشريف بالوضيع يقول الثاني في كلّ: ما لي لا أكون كالأول في كلّ: «أتصبرون» على ما تسمعون ممن ابتليتم بهم استفهام بمعنى الأمر: أي اصبروا «وكان ربك بصيرا» بمن يصبر وبمن يجزع.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)

«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،


فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .

------------

(72) الفتوحات ج 2 / 620 ، 37

تفسير ابن كثير:

يقول تعالى مخبرا عن جميع من بعثه من الرسل المتقدمين : إنهم كانوا يأكلون الطعام ، ويحتاجون إلى التغذي به ( ويمشون في الأسواق ) أي : للتكسب والتجارة ، وليس ذلك بمناف لحالهم ومنصبهم; فإن الله جعل لهم من السمات الحسنة ، والصفات الجميلة ، والأقوال الفاضلة ، والأعمال الكاملة ، والخوارق الباهرة ، والأدلة [ القاهرة ] ، ما يستدل به كل ذي لب سليم ، وبصيرة مستقيمة ، على صدق ما جاءوا به من الله عز وجل . ونظير هذه الآية الكريمة قوله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ) [ الأنبياء : 8 ] .

وقوله : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) أي : اختبرنا بعضكم ببعض ، وبلونا بعضكم ببعض ، لنعلم من يطيع ممن يعصي; ولهذا قال : ( أتصبرون وكان ربك بصيرا ) أي : بمن يستحق أن يوحى إليه ، كما قال تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [ الأنعام : 124 ] ، ومن يستحق أن يهديه الله لما أرسلهم به ، ومن لا يستحق ذلك .

وقال محمد بن إسحاق في قوله : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) قال : يقول الله : لو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون ، لفعلت ، ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بهم ، وأبتليهم بهم .

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله : إني مبتليك ، ومبتل بك " . وفي المسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة " ، وفي الصحيح أنه - عليه أفضل الصلاة والسلام - خير بين أن يكون نبيا ملكا أو عبدا رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا .


تفسير الطبري :

قوله {ويوم يحشرهم} قرأ ابن محيصن وحميد وابن كثير وحفص ويعقوب وأبو عمرو في رواية الدوري {يحشرهم} بالياء. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم؛ لقوله في أول الكلام{كان على ربك} وفي آخره {أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء}. الباقون بالنون على التعظيم. {وما يعبدون من دون الله} من الملائكة والإنس والجن والمسيح وعزير؛ قاله مجاهد وابن جريج. الضحاك وعكرمة : الأصنام. {فيقول} قراءة العامة بالياء وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم. وقرأ ابن عامر وأبو حيوة بالنون على التعظيم. {أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل} وهذا استفهام توبيخ للكفار. {قالوا سبحانك}أي قال المعبودون من دون الله سبحانك؛ أي تنزيها لك {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} فإن قيل : فإن كانت الأصنام التي تعبد تحشر فكيف تنطق وهي جماد؟ قيل له : ينطقها الله تعالى يوم القيامة كما ينطق الأيدي والأرجل. وقرأ الحسن وأبو جعفر {أن نتخذ} بضم النون وفتح الخاء على الفعل المجهول. وقد تكلم في هذه القراءة النحويون؛ فقال أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر : لا يجوز {نتخذ}. وقال أبو عمرو : لو كانت {نتخذ} لحذفت {من} الثانية فقلت : أن نتخذ من دونك أولياء. كذلك قال أبو عبيدة، لا يجوز {نتخذ} لأن الله تعالى ذكر {من} مرتين، ولو كان كما قرأ لقال : أن نتخذ من دونك أولياء. وقيل : إن {من} الثانية صلة قال النحاس : ومثل أبي عمرو على جلالته ومحله يستحسن ما قال؛ لأنه جاء ببينة. وشرح ما قال أنه يقال : ما اتخذت رجلا وليا؛ فيجوز أن يقع هذا للواحد بعينه؛ ثم يقال : ما اتخذت من رجل وليا فيكون نفيا عاما، وقولك {وليا} تابع لما قبله فلا يجوز أن تدخل فيه {من} لأنه لا فائدة في ذلك. {ولكن متعتهم وآباءهم} أي في الدنيا بالصحة والغنى وطول العمر بعد موت الرسل صلوات الله عليهم. {حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا} أي تركوا ذكرك فأشركوا بك بطرا وجهلا فعبدونا من غير أن أمرناهم بذلك. وفي الذكر قولان : أحدهما : القرآن المنزل على الرسل؛ تركوا العمل به؛ قاله ابن زيد. الثاني : الشكر على الإحسان إليهم والإنعام عليهم. إنهم {كانوا قوما بورا} أي هلكى؛ قال ابن عباس. مأخوذ من البوار وهو الهلاك. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه وقد أشرف على أهل حمص : يا أهل حمص! هلم إلى أخ لكم ناصح، فلما اجتمعوا حوله قال : ما لكم لا تستحون! تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، إن من كان قبلكم بنوا مشيدا وجمعوا عبيدا، وأملوا بعيدا، فأصبح جمعهم بورا، وآمالهم غرورا، ومساكنهم قبورا. فقوله {بورا} أي هلكى. وفي خبر آخر : فأصبحت منازلهم بورا؛ أي خالية لا شيء فيها. وقال الحسن {بورا} لا خير فيهم. مأخوذ من بوار الأرض، وهو تعطيلها من الزرع فلا يكون فيها خير. وقال شهر بن حوشب : البوار. الفساد والكساد؛ مأخوذ من قولهم : بارت السلعة إذا كسدت كساد الفاسد؛ ومنه الحديث : (نعوذ بالله من بوار الأم). وهو اسم مصدر كالزور يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث. قال ابن الزبعرى : يا رسول المليك إن لساني ** راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أباري الشيطان في سنن الغـ ** ـي ومن مال ميله مثبور وقال بعضهم : الواحد بائر والجمع بور. كما يقال : عائذ وعوذ، وهائد وهود. وقيل {بورا} عميا عن الحق. قوله {فقد كذبوكم بما تقولون} أي يقول الله تعالى عند تبري المعبودين {فقد كذبوكم بما تقولون} أي في قولكم إنهم آلهة. {فما تستطيعون} يعني الآلهة صرف العذاب عنكم ولأنصركم. وقيل : فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون {صرفا} للعذاب {ولا نصرا} من الله. قال ابن زيد : المعنى فقد كذبكم أيها المؤمنون هؤلاء الكفار بما جاء به محمد؛ وعلى هذا فمعنى {بما تقولون} بما تقولون من الحق. وقال أبو عبيد : المعنى؛ فما تقولون فيما يستطيعون لكم صرفا عن الحق الذي هداكم الله إليه، ولا نصرا لأنفسهم مما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم. وقراءة العامة {بما تقولون} بالتاء على الخطاب. وقد بينا معناه. وحكى الفراء أنه يقرأ {فقد كذبوكم} مخففا، {بما يقولون}. وكذا قرأ مجاهد والبزي بالياء، ويكون معنى {يقولون} بقولهم. وقرأ أبو حيوة {بما يقولون}بياء {فما تستطيعون} بتاء على الخطاب لمتخذي الشركاء. ومن قرأ بالياء فالمعنى : فما يستطيع الشركاء. {ومن يظلم منكم} قال ابن عباس : من يشرك منكم ثم مات عليه. {نذقه} أي في الآخرة. {عذابا كبيرا} أي شديدا؛ كقوله {ولتعلن علوا كبيرا} الإسراء 4 أي شديدا. قوله {وما أرسلنا قبلك من المرسلين}. فيه تسع مسائل: الأولى: قوله {وما أرسلنا قبلك من المرسلين} نزلت جوابا للمشركين حيث قالوا {ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق} الفرقان 7 . وقال ابن عباس : لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة وقالوا {ما لهذا الرسول يأكل الطعام}الآية حزن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فنزلت تعزية له؛ فقال جبريل عليه السلام : السلام عليك يا رسول الله! الله ربك يقرئك السلام ويقول لك {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسوق{ أي يبتغون المعايش في الدنيا. الثانية: قوله {إلا إنهم ليأكلون الطعام} إذا دخلت اللام لم يكن في {إن} إلا الكسر، ولو لم تكن اللام ما جاز أيضا إلا الكسر؛ لأنها مستأنفة. هذا قول جميع النحويين. قال النحاس : إلا أن علي بن سليمان حكى لنا عن محمد بن يزيد قال : يجوز في {إن} هذه الفتح وإن كان بعدها اللام؛ وأحسبه وهما منه. قال أبو إسحاق الزجاج : وفي الكلام حذف؛ والمعنى وما أرسلنا قبلك رسلا إلا إنهم ليأكلون الطعام، ثم حذف رسلا، لأن في قوله {من المرسلين} ما يدل عليه. فالموصوف محذوف عند الزجاج. ولا يجوز عنده حذف الموصول وتبقية الصلة كما قال الفراء. قال الفراء : والمحذوف {من} والمعنى إلا من إنهم ليأكلون الطعام. وشبهه بقوله {وما منا إلا له مقام معلوم} الصافات164 ، وقوله {وإن منكم إلا واردها} مريم71، أي ما منكم إلا من هو واردها. وهذا قول الكسائي أيضا. وتقول العرب : ما بعثت إليك من الناس إلا من إنه ليطيعك. فقولك : إنه ليطيعك صلة من. قال الزجاج : هذا خطأ؛ لأن من موصولة فلا يجوز حذفها. وقال أهل المعاني : المعنى؛ وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل إنهم ليأكلون؛ دليله قوله {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} فصلت43 . وقال ابن الأنباري : كسرت {إنهم}بعد {إلا} للاستئناف بإضمار واو. أي إلا وإنهم. وذهبت فرقة إلى أن قوله {ليأكلون الطعام} كناية عن الحدث. قلت : وهذا بليغ في معناه، ومثله {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام} المائدة 75 . {ويمشون في الأسواق} قرأ الجمهور {يمشون} بفتح الياء وسكون الميم وتخفيف الشين. وقرأ علي وابن عوف وابن مسعود بضم الياء وفتح الميم وشد الشين المفتوحة، بمعنى يدعون إلى المشي ويحملون عليه. وقرأ أبو عبدالرحمن السلمي بضم الياء وفتح الميم وضم الشين المشددة، وهي بمعنى يمشون؛ قال الشاعر : ومشى بأعطان المباءة وابتغى ** قلائص منها صعبة وركوب وقال كعب بن زهير : منه تظل سباع الجو ضامزة ** ولا تمشي بواديه الأراجيل بمعنى تمشي. الثالثة: هذه الآية أصل في تناول الأسباب وطلب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك. وقد مضى هذا المعنى في غير موضع، لكنا نذكر هنا من ذلك ما يكفي فنقول : قال لي بعض مشايخ هذا الزمان في كلام جرى : إن الأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا ليسنوا الأسباب للضعفاء؛ فقلت مجيبا له : هذا قول لا يصدر إلا من الجهال والأغبياء، والرعاع السفهاء، أو من طاعن في الكتاب والسنة العلياء؛ وقد أخبر الله تعالى في كتابه عن أصفيائه ورسله وأنبيائه بالأسباب والاحتراف فقال وقوله الحق {وعلمناه صنعة لبوس لكم} الأنبياء 80 . وقال {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} قال العلماء : أي يتجرون ويحترفون. وقال عليه الصلاة والسلام : (جعل رزقي تحت ظل رمحي) وقال {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} الأنفال 69 وكان الصحابة رضي الله عنهم يتجرون ويحترفون وفي أموالهم يعملون، ومن خالفهم من الكفار يقاتلون؛ أتراهم ضعفاء! بل هم كانوا والله الأقوياء، وبهم الخلف الصالح اقتدى، وطريقهم فيه الهدى والاهتداء. قال : إنما تناولوها لأنهم أئمة الاقتداء، فتناولوها مباشرة في حق الضعفاء، فأما في حق أنفسهم فلا؛ وبيان ذلك أصحاب الصفة. قلت : لوكان ذلك لوجب عليهم وعلى الرسول معهم البيان؛ كما ثبت في القرآن {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} النحل 44 وقال {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية [البقرة 159] . وهذا من البيان والهدى. وأما أصحاب الصفة فإنهم كانوا ضيف الإسلام عند ضيق الحال، فكان عليه السلام إذا أتته صدقة خصهم بها، وإذا أتته هدية أكلها معهم، وكانوا مع هذا يحتطبون ويسوقون الماء إلى أبيات رسول صلى الله عليه وسلم. كذا وصفهم البخاري وغيره. ثم لما افتتح الله عليهم البلاد ومهد لهم المهاد تأمروا. وبالأسباب أمروا. ثم إن هذا القول يدل على ضعف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم أيدوا بالملائكة وثبتوا بهم، فلو كانوا أقوياء ما احتاجوا إلى تأييد الملائكة وتأييدهم إذ ذلك سبب من أسباب النصر؛ نعوذ بالله من قول وإطلاق يؤول إلى هذا، بل القول بالأسباب والوسائط سنة الله وسنة رسوله، وهو الحق المبين، والطريق المستقيم الذي انعقد عليه إجماع المسلمين؛ وإلا كان يكون قوله الحق {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} الآية [الأنفال 60 ] مقصورا على الضعفاء، وجميع الخطابات كذلك. وفي التنزيل حيث خاطب موسى الكليم {اضرب بعصاك البحر} الشعراء 63 وقد كان قادرا على فلق البحر دون ضرب عصا. وكذلك مريم عليها السلام {وهزي إليك بجذع النخلة} مريم 25 وقد كان قادرا على سقوط الرطب دون هز ولا تعب؛ ومع هذا كله فلا ننكر أن يكون رجل يلطف به ويعان، أو تجاب دعوته، أو يكرم بكرامة في خاصة نفسه أو لأجل غيره، ولا تهد لذلك القواعد الكلية والأمور الجميلة. هيهات هيهات! لا يقال فقد قال الله {وفي السماء رزقكم وما توعدون} الذاريات 22 فإنا نقول : صدق الله العظيم، وصدق رسوله الكريم، وأن الرزق هنا المطر بإجماع أهل التأويل؛ بدليل؛ قوله {وينزل لكم من السماء رزقا} غافر 13، وقال {ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد} ق 9، ولم يشاهد ينزل من السماء على الخلق أطباق الخبز ولا جفان اللحم، بل الأسباب أصل في وجود ذلك؛ ومعنى قوله عليه السلام : (اطلبوا الرزق في خبايا الأرض) أي بالحرث والحفر والغرس. وقد يسمى الشيء بما يؤول إليه، وسمي المطر رزقا لأنه عنه يكون الرزق، وذلك مشهور في كلام العرب. وقال عليه السلام : (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يسأل أحدا أعطاه أو منعه) وهذا فيما خرج من غير تعب من الحشيش والحطب. ولو قدر رجل بالجبال منقطعا عن الناس لما كان له بد من الخروج إلى ما تخرجه الآكام وظهور الأعلام حتى يتناول من ذلك ما يعيش به؛ وهو معنى قوله عليه السلام : (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروج بطانا) فغدوها ورواحها سبب؛ فالعجب العجب ممن يدعي التجريد والتوكل على التحقيق، ويقعد على ثنيات الطريق، ويدع الطريق المستقيم، والمنهج الواضح القويم. ثبت في البخاري عن ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس؛ فأنزل الله تعالى {وتزودوا} البقرة 197. ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أنهم خرجوا إلى أسفارهم بغير زاد، وكانوا المتوكلين حقا. والتوكل اعتماد القلب على الرب في أن يلم شعثه ويجمع عليه أربه؛ ثم يتناول الأسباب بمجرد الأمر. وهذا هو الحق. سأل رجل الإمام أحمد بن حنبل فقال : إنى أريد الحج على قدم التوكل. فقال : اخرج وحدك؛ فقال : لا، إلا مع الناس. فقال له : أنت إذن متكل على أجربتهم. وقد أتينا على هذا في كتاب قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكسب والصناعة . الرابعة: خرّج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها). ""وخرج البزار عن سلمان الفارسي"" قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته). أخرجه أبو بكر البرقاني مسندا عن أبى محمد عبدالغني بن سعيد الحافظ - من رواية عاصم - عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرخ). ففي هذه الأحاديث ما يدل على كراهة دخول الأسواق، لا سيما في هذه الأزمان التي يخالط فيها الرجال النسوان. وهكذا قال علماؤنا لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر : كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها. فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده، وإنه إن أقام هناك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته، وتحرز من سوء عاقبته وبليته. الخامسة: تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم السوق بالمعركة تشبيه حسن؛ وذلك أن المعركة موضع القتال، سمي بذلك لتعارك الأبطال فيه، ومصارعة بعضهم بعضا. فشبه السوق وفعل الشيطان بها ونيله منهم مما يحملهم من المكر والخديعة، والتساهل في البيوع الفاسدة والكذب والأيمان الكاذبة، واختلاط الأصوات وغير ذلك بمعركة الحرب ومن يصرع فيها. السادسة: قال ابن العربي: أما أكل الطعام فضرورة الخلق لا عار ولا درك فيه، وأما الأسواق فسمعت مشيخة أهل العلم يقولون : لا يدخل إلا سوق الكتب والسلاح، وعندي أنه يدخل كل سوق للحاجة إليه ولا يأكل فيها؛ لأن ذلك إسقاط للمروءة وهدم للحشمة؛ ومن الأحاديث الموضوعة (الأكل في السوق دناءة). قلت : ما ذكرته مشيخة أهل العلم فنعما هو؛ فإن ذلك خال عن النظر إلى النسوان ومخالطتهن؛ إذ ليس بذلك من حاجتهن. وأما غيرهما من الأسواق، فمشحونة منهن، وقلة الحياء قد غلبت عليهن، حتى ترى المرأة في القيساريات وغيرهن قاعدة متبرجة بزينتها، وهذا من المنكر الفاشي في زماننا هذا. نعوذ بالله من سخطه. السابعة: خرّج أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال : (من دخل سوقا من هذه الأسواق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة وبنى له قصرا في الجنة) ""خرجه الترمذي"" أيضا وزاد بعد (ومحا عنه ألف ألف سيئة) : (ورفع له ألف ألف درجة وبنى له بيتا في الجنة). وقال : هذا حديث غريب. قال : ابن العربي : وهذا إذا لم يقصد في تلك البقعة سواه ليعمرها بالطاعة إذ عمرت بالمعصية، وليحليها بالذكر إذ عطلت بالغفلة، وليعلم الجهلة ويذكر الناسين. الثامنة: قوله {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون} أي إن الدنيا دار بلاء وامتحان، فأراد سبحانه أن يجعل بعض العبيد فتنة لبعض على العموم في جميع الناس مؤمن وكافر، فالصحيح فتنة للمريض، والغني فتنة للفقير، والفقير الصابر فتنة للغني. ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه؛ فالغني ممتحن بالفقير، عليه أن يواسيه ولا يسخر منه. والفقير ممتحن بالغني، عليه ألا يحسده ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق؛ كما قال الضحاك في معنى {أتصبرون} : أي على الحق. وأصحاب البلايا يقولون : لم لم نعاف؟ والأعمى يقول : لم لم أجعل كالبصير؟ وهكذا صاحب كل آفة. والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره. وكذلك العلماء وحكام العدل. ألا ترى إلى قولهم {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} الزخرف 31 . فالفتنة أن يحسد المبتلى المعافى، ويحقر المعافى المبتلى. والصبر : أن يحبس كلاهما نفسه، هذا عن البطر، وذاك عن الضجر. {أتصبرون} محذوف الجواب، يعني أم لا تصبرون. فيقتضي جوابا كما قال المزني، وقد أخرجته الفاقة فرأى خصيا في مراكب ومناكب، فخطر بباله شيء فسمع من يقرأ الآية{أتصبرون} فقال : بلى ربنا! نصبر ونحتسب. وقد تلا ابن القاسم صاحب مالك هذه الآية حين رأى أشهب بن عبدالعزيز في مملكته عابرا عليه، ثم أجاب نفسه بقوله : سنصبر. وعن أبي الدرداء أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (ويل للعالم من الجاهل وويل للجاهل من العالم وويل للمالك من المملوك وويل للمملوك من المالك وويل للشديد من الضعيف وويل للضعيف من الشديد وويل للسلطان من الرعية وويل للرعية من السلطان وبعضهم لبعض فتنة) وهو قوله {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون} أسنده الثعلبي تغمده الله برحمته. وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل، وعقبة بن أبي معيط وعتبة بن ربيعة والنضر بن الحارث حين رأوا أبا ذر وعبدالله بن مسعود، وعمارا وبلالا وصهيبا وعامر بن فهيرة، وسالما مولى أبي حذيفة ومهجعا مولى عمر بن الخطاب وجبرا مولى الحضرمي، وذويهم؛ فقالوا على سبيل الاستهزاء : أنسلم فنكون مثل هؤلاء؟ فأنزل الله تعالى يخاطب هؤلاء المؤمنين {أتصبرون} على ما ترون من هذه الحال الشديدة والفقر؛ فالتوقيف بـ {أتصبرون} خاص للمؤمنين المحقين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. كأنه جعل إمهال الكفار والتوسعة عليهم فتنة للمؤمنين، أي اختبارا لهم. ولما صبر المسلمون أنزل الله فيهم {إني جزيتهم اليوم بما صبروا} المؤمنون 111 . التاسعة: قوله {وكان ربك بصيرا} أي بكل امرئ وبمن يصبر أو يجزع، ومن يؤمن ومن لا يؤمن، وبمن أدى ما عليه من الحق ومن لا يؤدي. وقيل {أتصبرون} أي اصبروا. مثل {فهل أنتم منتهون} المائدة 91، أي انتهوا؛ فهو أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالصبر.

التفسير الميسّر:

وما أرسلنا قبلك - أيها الرسول - أحدًا مِن رسلنا إلا كانوا بشرًا، يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق. وجعلنا بعضكم- أيها الناس- لبعض ابتلاء واختبارًا بالهدى والضلال، والغنى والفقر، والصحة والمرض، هل تصبرون، فتقوموا بما أوجبه الله عليكم، وتشكروا له، فيثيبكم مولاكم، أو لا تصبرون فتستحقوا العقوبة؟ وكان ربك - أيها الرسول - بصيرًا بمن يجزع أو يصبر، وبمن يكفر أو يشكر.

تفسير السعدي

ثم قال تعالى جوابا لقول المكذبين: { مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ } { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ في الْأَسْوَاقِ } فما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما جعلناهم ملائكة، فلك فيهم أسوة، وأما الغنى والفقر فهو فتنة وحكمة من الله تعالى كما قال: { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً } الرسول فتنة للمرسل إليهم واختبار للمطيعين من العاصين والرسل فتناهم بدعوة الخلق، والغنى فتنة للفقير والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار دار الفتن والابتلاء والاختبار.

والقصد من تلك الفتنة { أَتَصْبِرُونَ } فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة فيثيبكم مولاكم أم لا تصبرون فتستحقون المعاقبة؟

{ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا } يعلم أحوالكم، ويصطفي من يعلمه يصلح لرسالته ويختصه بتفضيله ويعلم أعمالكم فيجازيكم عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.


تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين ) يا محمد ، ( إلا إنهم ليأكلون الطعام ) روى الضحاك عن ابن عباس قال : لما عير المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، أنزل الله - عز وجل - هذه الآية . يعني : ما أنا إلا رسول وما كنت بدعا من الرسل ، وهم كانوا بشرا يأكلون الطعام ، ( ويمشون في الأسواق ) وقيل : معناه وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل لهم مثل هذا أنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق كما قال في موضع آخر : ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ( فصلت - 43 ) .

( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ) أي بلية ، فالغني فتنة للفقير ، يقول الفقير : ما لي لم أكن مثله ؟ والصحيح فتنة للمريض ، والشريف فتنة للوضيع . وقال ابن عباس : أي جعلت بعضكم بلاء لبعض لتصبروا على ما تسمعون منهم ، وترون من خلافهم ، وتتبعوا الهدى . وقيل : نزلت في ابتلاء الشريف بالوضيع; وذلك أن الشريف إذا أراد أن يسلم فرأى الوضيع قد أسلم قبله أنف ، وقال : أسلم بعده فيكون له علي السابقة والفضل ؟ ! فيقيم على كفره ويمتنع من الإسلام ، فذلك افتتان بعضهم ببعض ، وهذا قول الكلبي وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل ، والوليد بن عقبة ، والعاص بن وائل ، والنضر بن الحارث; وذلك أنهم لما رأوا أبا ذر ، وابن مسعود ، وعمارا ، وبلالا وصهيبا ، وعامر بن فهيرة ، وذويهم ، قالوا : نسلم فنكون مثل هؤلاء ؟ . وقال : نزلت في ابتلاء فقراء المؤمنين بالمستهزئين من قريش ، كانوا يقولون : انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدا من موالينا وأراذلنا ، فقال الله تعالى لهؤلاء المؤمنين : ( أتصبرون ) يعني على هذه الحالة من الفقر والشدة والأذى .

( وكان ربك بصيرا ) بمن صبر وبمن جزع . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، حدثنا زكريا بن يحيى المروزي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والجسم فلينظر إلى من دونه في المال والجسم " .


الإعراب:

(وَما) الواو استئنافية ما نافية (أَرْسَلْنا) ماض وفاعله والجملة مستأنفة (قَبْلَكَ) ظرف زمان متعلق بأرسلنا والكاف مضاف اليه (مِنَ الْمُرْسَلِينَ) متعلقان بأرسلنا (إِلَّا إِنَّهُمْ) أداة حصر وإن واسمها والجملة حالية (لَيَأْكُلُونَ) اللام لام المزحلقة ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر (الطَّعامَ) مفعول به (وَيَمْشُونَ) معطوف على يأكلون وإعرابه مثله (فِي الْأَسْواقِ) متعلقان بيمشون (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ) ماض وفاعله ومفعوله الأول والجملة معطوفة والكاف مضاف إليه (لِبَعْضٍ) متعلقان بمحذوف حال (فِتْنَةً) مفعول به ثان (أَتَصْبِرُونَ) الهمزة للاستفهام ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة مستأنفة (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) كان واسمها وخبرها والكاف مضاف اليه والجملة مستأنفة.

---

Traslation and Transliteration:

Wama arsalna qablaka mina almursaleena illa innahum layakuloona alttaAAama wayamshoona fee alaswaqi wajaAAalna baAAdakum libaAAdin fitnatan atasbiroona wakana rabbuka baseeran

بيانات السورة

اسم السورة سورة الفرقان (Al-Furqan - The Criterian)
ترتيبها 25
عدد آياتها 77
عدد كلماتها 896
عدد حروفها 3786
معنى اسمها (الْفُرْقَانُ): مِن أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ؛ وسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ فَرَّقَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ
سبب تسميتها دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الفُرْقَانِ)
مقاصدها مَعْرِفَةُ أَهْلِ البَاطِلِ وَصِفَاتِهِم، وَأَهْلِ الحَقِّ وَصِفَاتِهِم
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَعْمَالِ الكُفَّارِ وَدَعْوَتِهِم لِلْحَقِّ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ ...٣﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النُّورِ): اتِّفَاقُ الْلَّفْظِ وَالمَعْنَى، فَفِي خِتَامِ (النُّورِ) قَالَ: ﴿أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ...٦٤﴾، وَفِي مُفْتَتَحِ (الفُرْقَانِ) قَالَ: ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ...٢﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!