«قل أذلك» المذكور من الوعيد وصفة النار «خير أم جنة الخلد التي وعد» ها «المتقون كانت لهم» في علمه تعالى «جزاءً» ثوابا «ومصيرا» مرجعا.
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،
فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .
------------
(72) الفتوحات ج 2 /
620 ، 37
يقول تعالى : يا محمد ، هذا الذي وصفناه من حال أولئك الأشقياء ، الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ، فتتلقاهم بوجه عبوس وبغيظ وزفير ، ويلقون في أماكنها الضيقة مقرنين ، لا يستطيعون حراكا ، ولا انتصارا ولا فكاكا مما هم فيه - : أهذا خير أم جنة الخلد التي وعدها الله المتقين من عباده ، التي أعدها لهم ، وجعلها لهم جزاء على ما أطاعوه في الدنيا ، وجعل مآلهم إليها .
قوله {قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون} إن قيل : كيف قال {أذلك خير} ولا خير في النار؛ فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادة، وقد علم أن السعادة أحب إليه. وقيل : ليس هو من باب أفعل منك، وإنما هو كقولك : عنده خير. قال النحاس : وهذا قول حسن؛ كما قال : فشركما لخيركما الفداء قيل : إنما قال ذلك لأن الجنة والنار قد دخلتا في باب المنازل؛ فقال ذلك لتفاوت ما بين المنزلتين. وقيل : هو مردود على قوله {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك}الآية. وقيل : هو مردود على قوله {أو يلقى إليه كنز له أو تكون له جنة يأكل منها}الفرقان 8 . وقيل : إنما قال ذلك على معنى علمكم واعتقادكم أيها الكفار؛ وذلك أنهم لما كانوا يعملون عمل أهل النار صاروا كأنهم يقولون إن في النار خيرا. قوله {لهم فيها ما يشاؤون} أي من النعيم. {خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا} قال الكلبي : وعد الله المؤمنين الجنة جزاء على أعمالهم، فسألوه ذلك الوعد فقالوا} ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} آل عمران 194 . وهو معنى قول ابن عباس. وقيل : إن الملائكة تسأل لهم الجنة؛ دليله قوله {ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم} غافر 8 الآية. وهذا قول محمد بن كعب القرظي. وقيل : معنى {وعدا مسؤولا} أي واجبا وإن لم يكن يسأل كالدين؛ حكي عن العرب : لأعطينك ألفا. وقيل {وعدا مسؤولا} يعني أنه واجب لك فتسأله. وقال زيد بن أسلم : سألوا الله الجنة في الدنيا ورغبوا إليه بالدعاء، فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا وأعطاهم ما طلبوا. وهذا يرجع إلى القول الأول.
قل لهم - أيها الرسول -: أهذه النار التي وُصِفتْ لكم خيرٌ أم جنة النعيم الدائم التي وُعِد بها الخائفون من عذاب ربهم، كانت لهم ثوابًا على عملهم، ومآلا يرجعون إليه في الآخرة؟
أي: قل لهم -مبينا لسفاهة رأيهم واختيارهم الضار على النافع-: { أَذَلِكَ } الذي وصفت لكم من العذاب { خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ } التي زادها تقوى الله فمن قام بالتقوى فالله قد وعده إياها، { كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً } على تقواهم { وَمَصِيرًا } موئلا يرجعون إليها، ويستقرون فيها ويخلدون دائما أبدا.
قوله - عز وجل - : ) ( قل أذلك ) يعني الذي ذكرته من صفة النار وأهلها ، ( خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ) ثوابا ، ) ( ومصيرا ) مرجعا .
(قُلْ) أمر فاعله مستتر والجملة مستأنفة (أَذلِكَ) الهمزة للاستفهام واسم الإشارة مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب (خَيْرٌ) خبر والجملة مقول القول (أَمْ) عاطفة (جَنَّةُ) معطوف على ذلك (الْخُلْدِ) مضاف اليه (الَّتِي) اسم موصول صفة لجنة (وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة صلة (كانَتْ) كان والتاء للتأنيث واسم كان مستتر (لَهُمْ) متعلقان بمحذوف حال (جَزاءً) خبر كان (وَمَصِيراً) معطوف
Traslation and Transliteration:
Qul athalika khayrun am jannatu alkhuldi allatee wuAAida almuttaqoona kanat lahum jazaan wamaseeran
Say: Is that (doom) better or the Garden of Immortality which is promised unto those who ward off (evil)? It will be their reward and journey's end.
De ki: Bu mu daha hayırlıdır, yoksa çekinenlere vaadedilen ebedilik cenneti mi? Bu, onlara bir mükafattır ve dönüp varacakları yer.
Dis: «Est-ce mieux ceci? ou bien le Paradis éternel qui a été promis aux pieux, comme récompense et destination dernière?
Sag: "Ist dies besser oder die Dschanna der Ewigkeit, die den Muttaqi versprochen wurde?!" Sie ist für sie die Belohnung und das Werden.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الفرقان (Al-Furqan - The Criterian) |
ترتيبها |
25 |
عدد آياتها |
77 |
عدد كلماتها |
896 |
عدد حروفها |
3786 |
معنى اسمها |
(الْفُرْقَانُ): مِن أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ؛ وسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ فَرَّقَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الفُرْقَانِ) |
مقاصدها |
مَعْرِفَةُ أَهْلِ البَاطِلِ وَصِفَاتِهِم، وَأَهْلِ الحَقِّ وَصِفَاتِهِم |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَعْمَالِ الكُفَّارِ وَدَعْوَتِهِم لِلْحَقِّ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ ...٣﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النُّورِ): اتِّفَاقُ الْلَّفْظِ وَالمَعْنَى، فَفِي خِتَامِ (النُّورِ) قَالَ: ﴿أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ...٦٤﴾، وَفِي مُفْتَتَحِ (الفُرْقَانِ) قَالَ: ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ...٢﴾. |