«أنظر كيف ضربوا لك الأمثال» بالمسحور، والمحتاج إلى ما ينفقه وإلى ملك يقوم معه بالأمر «فضلوا» بذلك عن الهدى «فلا يستطيعون سبيلا» طريقا إليه.
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،
فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .
------------
(72) الفتوحات ج 2 /
620 ، 37
قال الله تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال ) أي : جاءوا بما يقذفونك به ويكذبون به عليك ، من قولهم " ساحر ، مسحور ، مجنون ، كذاب ، شاعر " وكلها أقوال باطلة ، كل أحد ممن له أدنى فهم وعقل يعرف كذبهم وافتراءهم في ذلك; ولهذا قال : ( فضلوا ) أي : عن طريق الهدى ، ( فلا يستطيعون سبيلا ) وذلك لأن كل من خرج عن الحق فإنه ضال حيثما توجه; لأن الحق واحد ومنهج متحد ، يصدق بعضه بعضا .
قوله {انظر كيف ضربوا لك الأمثال} أي ضربوا لك هذه الأمثال ليتوصلوا إلى تكذيبك. {فضلوا} عن سبيل الحق وعن بلوغ ما أرادوا. {فلا يستطيعون سبيلا} إلى تصحيح ما قالوه فيك. قوله {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات} شرط ومجازاة، ولم يدغم {جعل لك} لأن الكلمتين منفصلتان، ويجوز الإدغام لاجتماع المثلين. {ويجعل لك} في موضوع جزم عطفا على موضع {جعل}. ويجوز أن يكون في موضع رفع مقطوعا من الأول. وكذلك قرأ أهل الشام. ويروى عن عاصم أيضا {ويجعل لك} بالرفع؛ أي وسيجعل لك في الآخرة قصورا. قال مجاهد : كانت قريش ترى البيت من حجارة قصرا كائنا ما كان. والقصر في اللغة الحبس، وسمي القصر قصرا لأن من فيه مقصور عن أن يوصل إليه. وقيل : العرب تسمى بيوت الطين القصر. وما يتخذ من الصوف والشعر البيت. حكاه القشيري. و"روى سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن خيثمة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الدنيا ومفاتيحها ولم يعط ذلك من قبلك ولا يعطاه أحد بعدك، وليس ذلك بناقصك في الآخرة شيئا؛ وإن شئت جمعنا لك ذلك في الآخرة؛ فقال : (يجمع ذلك لي في الآخرة) فأنزل الله عز وجل {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا}. ويروى أن هذه الآية أنزلها رضوان خازن الجنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وفي الخبر : إن رضوان لما نزل سلم على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ثم قال : يا محمد! رب العزة يقرئك السلام، وهذا سَفَط - فإذا سفط من نور يتلألأ - يقول لك ربك : هذه مفاتيح خزائن الدنيا، مع أنه لا ينقص مالك في الآخرة مثل جناح بعوضة؛ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير له؛ فضرب جبريل بيده الأرض يشير أن تواضع؛ فقال : (يا رضوان لا حاجة لي فيها الفقر أحب إلي وأن أكون عبدا صابرا شكورا). فقال رضوان : أصبت! الله لك. وذكر الحديث.
انظر - أيها الرسول - كيف قال المكذبون في حقك تلك الأقوال العجيبة التي تشبه -لغرابتها- الأمثال؛ ليتوصلوا إلى تكذيبك؟ فبَعُدوا بذلك عن الحق، فلا يجدون سبيلا إليه؛ ليصححوا ما قالوه فيك من الكذب والافتراء.
{ انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ } وهي: أنه هلا كان ملكا وزالت عنه خصائص البشر؟ أو معه ملك لأنه غير قادر على ما قال، أو أنزل عليه كنز، أو جعلت له جنة تغنيه عن المشي في الأسواق أو أنه كان مسحورا. { فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا } قالوا أقوالا متناقضة كلها جهل وضلال وسفه، ليس في شيء منها هداية بل ولا في شيء منها أدنى شبهة تقدح في الرسالة، فبمجرد النظر إليها وتصورها يجزم العاقل ببطلانها ويكفيه عن ردها، ولهذا أمر تعالى بالنظر إليها وتدبرها والنظر: هل توجب التوقف عن الجزم للرسول بالرسالة والصدق؟ ولهذا أخبر أنه قادر على أن يعطيك خيرا كثيرا في الدنيا
( انظر ) يا محمد ، ( كيف ضربوا لك الأمثال ) يعني الأشباه ، فقالوا : مسحور ، محتاج ، وغيره ، ) ( فضلوا ) عن الحق ، ( فلا يستطيعون سبيلا ) إلى الهدى ومخرجا عن الضلالة .
(انْظُرْ) أمر فاعله مستتر والجملة مستأنفة (كَيْفَ) اسم استفهام في محل نصب حال (ضَرَبُوا) ماض وفاعله والجملة في محل نصب مفعول به لا نظر (لَكَ) متعلقان بالفعل (الْأَمْثالَ) مفعول به (فَضَلُّوا) الفاء عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة (فَلا) الفاء عاطفة لا نافية (يَسْتَطِيعُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل (سَبِيلًا) مفعول به والجملة معطوفة.
Traslation and Transliteration:
Onthur kayfa daraboo laka alamthala fadalloo fala yastateeAAoona sabeelan
See how they coin similitudes for thee, so that they are all astray and cannot find a road!
Bak da gör, senin için ne çeşit örnekler getirdi onlar da saptılar doğru yoldan ve artık gerçeğe varmak için hiçbir yol bulamaz onlar.
Vois à quoi ils te comparent! Ils se sont égarés. Ils ne pourront trouver aucun chemin.
Siehe, wie sie dir die Gleichnisse prägten, dann gingen sie irre, und sie vermögen zu keinem Weg.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الفرقان (Al-Furqan - The Criterian) |
ترتيبها |
25 |
عدد آياتها |
77 |
عدد كلماتها |
896 |
عدد حروفها |
3786 |
معنى اسمها |
(الْفُرْقَانُ): مِن أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ؛ وسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ فَرَّقَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الفُرْقَانِ) |
مقاصدها |
مَعْرِفَةُ أَهْلِ البَاطِلِ وَصِفَاتِهِم، وَأَهْلِ الحَقِّ وَصِفَاتِهِم |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَعْمَالِ الكُفَّارِ وَدَعْوَتِهِم لِلْحَقِّ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ ...٣﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النُّورِ): اتِّفَاقُ الْلَّفْظِ وَالمَعْنَى، فَفِي خِتَامِ (النُّورِ) قَالَ: ﴿أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ...٦٤﴾، وَفِي مُفْتَتَحِ (الفُرْقَانِ) قَالَ: ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ...٢﴾. |