المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النور: [الآية 29]
سورة النور | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)
أمر اللّه العبد إذا دخل بيتا خاليا من كل أحد أن يسلم على نفسه في قوله تعالى : «فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ» فيكون العبد هنا مترجما عن الحق في سلامه ، لأنه قال : «تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً» فجعل الحق العبد رسولا من عنده إلى نفس العبد بهذه التحية المباركة لما فيها من زوائد الخير «طَيِّبَةً» لأنها طيبة الأعراف بسريانها من نفس الرحمن ، فأمرنا اللّه تعالى بالسلام علينا ، وهذا يدلك على أن الإنسان ينبغي أن يكون في صلاته أجنبيا عن نفسه بربه حتى يصح له أن يسلم عليه بكلام ربه في قوله : (السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين) فإنه قال : «تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً» فهو سلام اللّه على عبده وأنت ترجمانه إليك
[- إشارة -المئوف لا حرج عليه ]
-إشارة -المئوف لا حرج عليه ، والعالم كله مئوف لا حرج عليه لمن فتح اللّه عين بصيرته ، ولهذا قلنا : مآل العالم إلى الرحمة وإن سكنوا النار وكانوا من أهلها «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ» وما ثمّ إلا هؤلاء ، فما ثمّ إلا مئوف ، فقد رفع اللّه الحرج بالعرج العاثر فيه ، فإنه ما ثمّ سواه ولا أنت ، والمريض المائل إليه ، لأنه ما ثمّ موجود يمال إليه إلا هو ، والأعمى عن غيره لا عنه ، لأنه لا يتمكن العمى عنه وما ثمّ إلا هو ، فالعالم كله أعمى أعرج مريض .
------------
(61) الفتوحات ج 1 / 429 - ج 2 / 126 -ح 4 / 435تفسير ابن كثير:
وقوله : ( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) هذه الآية الكريمة أخص من التي قبلها ، وذلك أنها تقتضي جواز الدخول إلى البيوت التي ليس فيها أحد ، إذا كان له فيها متاع ، بغير إذن ، كالبيت المعد للضيف ، إذا أذن له فيه أول مرة ، كفى .
قال ابن جريج : قال ابن عباس : ( لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم ) ، ثم نسخ واستثنى فقال ( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم ) : وكذا روي عن عكرمة ، والحسن البصري .
وقال آخرون : هي بيوت التجار ، كالخانات ومنازل الأسفار ، وبيوت مكة ، وغير ذلك . واختار ذلك ابن جرير ، وحكاه ، عن جماعة . والأول أظهر ، والله أعلم .
وقال مالك عن زيد بن أسلم : هي بيوت الشعر .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } أي: حرج وإثم، دل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة، أنه محرم، وفيه حرج { أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ } وهذا من احترازات القرآن العجيبة، فإن قوله: { لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } لفظ عام في كل بيت ليس ملكا للإنسان، أخرج منه تعالى البيوت التي ليست ملكه، وفيها متاعه، وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول إليها، { وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } أحوالكم الظاهرة والخفية، وعلم مصالحكم، فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون، من الأحكام الشرعية.
تفسير البغوي
(ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة ) ، أي : بغير استئذان ، ( فيها متاع لكم ) يعني منفعة لكم . واختلفوا في هذه البيوت ، فقال قتادة : هي الخانات والبيوت والمنازل المبنية للسابلة ليأووا إليها ويئووا أمتعتهم إليها ، جاز دخولها بغير استئذان ، والمنفعة فيها بالنزول وإيواء المتاع والاتقاء من الحر والبرد .
وقال ابن زيد : هي بيوت التجار وحوانيتهم التي بالأسواق يدخلونها للبيع والشراء وهو المنفعة . وقال إبراهيم النخعي : ليس على حوانيت السوق إذن . وكان ابن سيرين إذا جاء إلى حانوت السوق يقول : السلام عليكم أأدخل ؟ ثم يلج . وقال عطاء : هي البيوت الخربة ، والمتاع هو قضاء الحاجة فيها من البول والغائط . وقيل : هي جميع البيوت التي لا ساكن لها لأن الاستئذان إنما جاء لئلا يطلع على عورة فإن لم يخف ذلك فله الدخول بغير استئذان ، ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون )
الإعراب:
(لَيْسَ) فعل ماض ناقص (عَلَيْكُمْ) متعلقان بالخبر (جُناحٌ) اسم ليس والجملة مستأنفة (أَنْ تَدْخُلُوا) أن حرف ناصب ومضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل (بُيُوتاً) مفعول به (غَيْرَ) صفة (مَسْكُونَةٍ) مضاف إليه والمصدر المؤول في محل نصب بنزع الخافض (فِيها) متعلقان بالخبر المقدم (مَتاعٌ) مبتدأ (لَكُمْ) متعلقان بمتاع والجملة صفة ثانية لبيوتا (وَاللَّهُ) الواو استئنافية ولفظ الجلالة مبتدأ (يَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر والجملة معطوفة (ما) موصولية مفعول به (تُبْدُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة صلة (وَما تَكْتُمُونَ) معطوف على ما قبله وإعرابه مثله