المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المؤمنون: [الآية 116]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة المؤمنون | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
[ «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» ]
فأمر نبيه أن يقول «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» هذه الفرق التي وفّت النظر استطاعتها التي آتيتها ، فلم تصل إلا إلى التعطيل أو الشرك «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» فإنهم ما تعدوا ما آتاهم اللّه ، فيشفع هنا فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فإذا نالتهم السعادة بالخروج من النار ، وقد غفر لهم اللّه بسؤال الرسول فيهم إذ قال «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» حين أمره اللّه بذلك ، وما أمره بهذا الدعاء إلا ليجيبه ، فأجابه في ذلك ، فعرفوا قدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ذلك إذا دخلوا الجنة ، فينتمون إليه فيها لأنه السيد الأكبر ، وهذا الدعاء يعم كل من هو بهذه المثابة من وقت آدم إلى نفخة الصعق ، لأنه ما خصص في دعوته إلا من هذه صفته ، ومن ينبغي أن يرحم ويغفر له ، فكل موحد للّه ولو بدليله وإن لم يكن مؤمنا ففي الجنة ، يدخله اللّه خاصة لا غيره ، ويشفع المؤمنون والأنبياء في أهل الكبائر من أهل الإيمان ، لأن الأنبياء بعثت بالخير وهو الإيمان ، والموحدون الذين لم يؤمنوا لكونهم ما بعث إليهم رسول ، أو كانوا في فترة ، فهم الذين يحشر كل واحد منهم أمة وحده ، فإن بعث في أمة - هو فيهم - رسول فلم يؤمن به مع علمه بأحدية خالقه دخل النار ، فما يخرج منها إلا بإخراج خالقه ، لأن الخلود في النار لا يكون بالنص لأهل التوحيد بأي وجه حصل لهم ، قال صلّى اللّه عليه وسلم [ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ]
ولم يقل يقول ولا يؤمن ، وإنما ذكر العلم خاصة ، فلا يبقى في النار إلا مشرك أو معطل لا عن شبهة ولا عن نظر مستوف في النظر قوته ، فلم يبق في النار إلا المقلدة الذين كان في قوتهم واستعدادهم أن ينظروا فما نظرو
- مسئلة -قوله تعالى : «خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» من باب المفاضلة ، فمعلوم أنه ما يرحم أحد من المخلوقين أحدا إلا بالرحمة التي أوجدها الرحمن فيه ، فهي رحمته تعالى ، لا رحمتهم ، ظهرت
في صورة مخلوق ، كما قال في [ سمع اللّه لمن حمده ] أن ذلك القول هو قول اللّه على لسان عبده ، فقوله تعالى الذي سمعه موسى أتم في الشرف من قوله تعالى على لسان قائل ، فوقع التفاضل بالمحل الذي سمع منه القول المعلوم أنه قول اللّه ،
وكذلك أيضا رحمته من حيث ظهورها من مخلوق أدنى من رحمته بعبده في غير صورة مخلوق ، فتعيّن التفاضل والأفضلية بالمحال ، إلا أن رحمة اللّه بعبده في صورة المخلوق تكون عظيمة ، فإنه يرحم عن ذوق ، فيزيل برحمته ما يجده الراحم من الألم في نفسه من هذا المرحوم ، والحق ليس كذلك ، فرحمته خالصة لا يعود عليه منها إزالة ألم ، فهو خير الراحمين ، فرحمة المخلوق عن شفقة ورحمة اللّه مطلقة .
(24) سورة النّور مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(118) الفتوحات ج 3 / 285 ، 553تفسير ابن كثير:
وقوله : ( فتعالى الله الملك الحق ) أي : تقدس أن يخلق شيئا عبثا ، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك ، ( لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) ، فذكر العرش; لأنه سقف جميع المخلوقات ، ووصفه بأنه كريم ، أي : حسن المنظر بهي الشكل ، كما قال تعالى : ( فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) [ لقمان : 10 ] .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا إسحاق بن سليمان شيخ من أهل العراق أنبأنا شعيب بن صفوان ، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال : كان آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنكم لم تخلقوا عبثا ، ولن تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم ، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله ، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه ، وباع نافدا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقين ، حتى تردون إلى خير الوارثين؟ ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، حتى تغيبوه في صدع من الأرض ، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد ، قد فارق الأحباب وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مرتهن بعمله ، غني عما ترك ، فقير إلى ما قدم . فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ، ونزول الموت بكم ثم جعل طرف ردائه على وجهه ، فبكى وأبكى من حوله .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يحيى بن نصر الخولاني ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي هبيرة عن حنش بن عبد الله; أن رجلا مصابا مر به عبد الله بن مسعود ، فقرأ في أذنه هذه الآية : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق ) ، حتى ختم السورة فبرأ ، [ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بماذا قرأت في أذنه؟ " فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال " .
وروى أبو نعيم من طريق خالد بن نزار ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ، قال : فقرأناها فغنمنا وسلمنا .
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف الواسطي ، حدثنا أبو المسيب سلمة بن سلام ، حدثنا بكر بن خنيس ، عن نهشل بن سعيد ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن : بسم الله الملك الحق ، ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) [ الزمر : 67 ] ، ( بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ) [ هود : 41 ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ فَتَعَالَى اللَّهُ } أي: تعاظم وانتفع عن هذا الظن الباطل، الذي يرجع إلى القدح في حكمته. { الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } فكونه ملكا للخلق كلهم حقا، في صدقه، ووعده، ووعيده، مألوها معبودا، لما له من الكمال { رَبُّ الْعَرْشِ الكريم } فما دونه من باب أولى، يمنع أن يخلقكم عبثا.
تفسير البغوي
ثم نزه الله نفسه عما يصفه به المشركون ، فقال جل ذكره : ( فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) يعني السرير الحسن . وقيل : المرتفع .
الإعراب:
(فَتَعالَى اللَّهُ) الفاء استئنافية وماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة مستأنفة (الْمَلِكُ) صفة للّه (الْحَقُّ) صفة ثانية (لا إِلهَ) لا نافية للجنس تعمل عمل إن وإله اسمها (إِلَّا) أداة حصر (هُوَ) بدل (رَبُّ) خبر لا (الْعَرْشِ) مضاف إليه (الْكَرِيمِ) صفة.