المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المؤمنون: [الآية 56]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة المؤمنون | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
[ «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» ]
فأمر نبيه أن يقول «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» هذه الفرق التي وفّت النظر استطاعتها التي آتيتها ، فلم تصل إلا إلى التعطيل أو الشرك «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» فإنهم ما تعدوا ما آتاهم اللّه ، فيشفع هنا فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فإذا نالتهم السعادة بالخروج من النار ، وقد غفر لهم اللّه بسؤال الرسول فيهم إذ قال «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» حين أمره اللّه بذلك ، وما أمره بهذا الدعاء إلا ليجيبه ، فأجابه في ذلك ، فعرفوا قدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ذلك إذا دخلوا الجنة ، فينتمون إليه فيها لأنه السيد الأكبر ، وهذا الدعاء يعم كل من هو بهذه المثابة من وقت آدم إلى نفخة الصعق ، لأنه ما خصص في دعوته إلا من هذه صفته ، ومن ينبغي أن يرحم ويغفر له ، فكل موحد للّه ولو بدليله وإن لم يكن مؤمنا ففي الجنة ، يدخله اللّه خاصة لا غيره ، ويشفع المؤمنون والأنبياء في أهل الكبائر من أهل الإيمان ، لأن الأنبياء بعثت بالخير وهو الإيمان ، والموحدون الذين لم يؤمنوا لكونهم ما بعث إليهم رسول ، أو كانوا في فترة ، فهم الذين يحشر كل واحد منهم أمة وحده ، فإن بعث في أمة - هو فيهم - رسول فلم يؤمن به مع علمه بأحدية خالقه دخل النار ، فما يخرج منها إلا بإخراج خالقه ، لأن الخلود في النار لا يكون بالنص لأهل التوحيد بأي وجه حصل لهم ، قال صلّى اللّه عليه وسلم [ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ]
ولم يقل يقول ولا يؤمن ، وإنما ذكر العلم خاصة ، فلا يبقى في النار إلا مشرك أو معطل لا عن شبهة ولا عن نظر مستوف في النظر قوته ، فلم يبق في النار إلا المقلدة الذين كان في قوتهم واستعدادهم أن ينظروا فما نظرو
- مسئلة -قوله تعالى : «خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» من باب المفاضلة ، فمعلوم أنه ما يرحم أحد من المخلوقين أحدا إلا بالرحمة التي أوجدها الرحمن فيه ، فهي رحمته تعالى ، لا رحمتهم ، ظهرت
في صورة مخلوق ، كما قال في [ سمع اللّه لمن حمده ] أن ذلك القول هو قول اللّه على لسان عبده ، فقوله تعالى الذي سمعه موسى أتم في الشرف من قوله تعالى على لسان قائل ، فوقع التفاضل بالمحل الذي سمع منه القول المعلوم أنه قول اللّه ،
وكذلك أيضا رحمته من حيث ظهورها من مخلوق أدنى من رحمته بعبده في غير صورة مخلوق ، فتعيّن التفاضل والأفضلية بالمحال ، إلا أن رحمة اللّه بعبده في صورة المخلوق تكون عظيمة ، فإنه يرحم عن ذوق ، فيزيل برحمته ما يجده الراحم من الألم في نفسه من هذا المرحوم ، والحق ليس كذلك ، فرحمته خالصة لا يعود عليه منها إزالة ألم ، فهو خير الراحمين ، فرحمة المخلوق عن شفقة ورحمة اللّه مطلقة .
(24) سورة النّور مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(118) الفتوحات ج 3 / 285 ، 553تفسير ابن كثير:
وقوله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) يعني : أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا ومعزتهم عندنا؟! كلا ليس الأمر كما يزعمون في قولهم : ( نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) [ سبأ : 35 ] ، لقد أخطئوا في ذلك وخاب رجاؤهم ، بل إنما نفعل بهم ذلك استدراجا وإنظارا وإملاء ; ولهذا قال : ( بل لا يشعرون ) ، كما قال تعالى : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) [ التوبة : 55 ] ، وقال تعالى : ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) [ آل عمران : 178 ] ، وقال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ) [ القلم : 44 ، 45 ] ، وقال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ) [ المدثر : 11 16 ] وقال تعالى : ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ) [ سبأ : 37 ] والآيات في هذا كثيرة .
قال قتادة في قوله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم ، يا ابن آدم ، فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد [ بن عبيد ، حدثنا أبان بن إسحاق ، عن الصباح بن محمد ، عن مرة الهمداني ، حدثنا عبد الله ] بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده ، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه قالوا : وما بوائقه يا نبي الله؟ قال : غشمه وظلمه ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكن يمحو السيئ بالحسن ، إن الخبيث لا يمحو الخبيث " .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
تفسير الآيتين 55 و56 :ـ
{ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ } أي: أيظنون أن زيادتنا إياهم بالأموال والأولاد، دليل على أنهم من أهل الخير والسعادة، وأن لهم خير الدنيا والآخرة؟ وهذا مقدم لهم، ليس الأمر كذلك.
{ بَل لَا يَشْعُرُونَ } أنما نملي لهم ونمهلهم ونمدهم بالنعم، ليزدادوا إثما، وليتوفر عقابهم في الآخرة، وليغتبطوا بما أوتوا { حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً }
تفسير البغوي
( نسارع لهم في الخيرات ) أي : نعجل لهم في الخيرات ، ونقدمها ثوابا لأعمالهم لمرضاتنا عنهم ، ( بل لا يشعرون ) أن ذلك استدراج لهم . ثم ذكر المسارعين في الخيرات فقال :
الإعراب:
(نُسارِعُ) مضارع فاعله مستتر والجملة خبر أن (لَهُمْ) متعلقان بنسارع (فِي الْخَيْراتِ) متعلقان بمحذوف حال (بَلْ) حرف إضراب (لا يَشْعُرُونَ) لا نافية ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم