الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المؤمنون: [الآية 50]

سورة المؤمنون
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُۥٓ ءَايَةً وَءَاوَيْنَٰهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴿50﴾

تفسير الجلالين:

«وجعلنا ابن مريم» عيسى «وأمه آية» لم يقل آيتين لأن الآية فيهما واحدة: ولادته من غير فحل «وآوينهما إلى ربوة» مكان مرتفع وهو بيت المقدس أو دمشق أو فلسطين، أقوال «ذات قرار» أي مستوية يستقر عليها ساكنوها «ومعين» وماء جار ظاهر تراه العيون.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)

[ «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» ]

فأمر نبيه أن يقول «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» هذه الفرق التي وفّت النظر استطاعتها التي آتيتها ، فلم تصل إلا إلى التعطيل أو الشرك «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» فإنهم ما تعدوا ما آتاهم اللّه ، فيشفع هنا فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فإذا نالتهم السعادة بالخروج من النار ، وقد غفر لهم اللّه بسؤال الرسول فيهم إذ قال «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» حين أمره اللّه بذلك ، وما أمره بهذا الدعاء إلا ليجيبه ، فأجابه في ذلك ، فعرفوا قدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ذلك إذا دخلوا الجنة ، فينتمون إليه فيها لأنه السيد الأكبر ، وهذا الدعاء يعم كل من هو بهذه المثابة من وقت آدم إلى نفخة الصعق ، لأنه ما خصص في دعوته إلا من هذه صفته ، ومن ينبغي أن يرحم ويغفر له ، فكل موحد للّه ولو بدليله وإن لم يكن مؤمنا ففي الجنة ، يدخله اللّه خاصة لا غيره ، ويشفع المؤمنون والأنبياء في أهل الكبائر من أهل الإيمان ، لأن الأنبياء بعثت بالخير وهو الإيمان ، والموحدون الذين لم يؤمنوا لكونهم ما بعث إليهم رسول ، أو كانوا في فترة ، فهم الذين يحشر كل واحد منهم أمة وحده ، فإن بعث في أمة - هو فيهم - رسول فلم يؤمن به مع علمه بأحدية خالقه دخل النار ، فما يخرج منها إلا بإخراج خالقه ، لأن الخلود في النار لا يكون بالنص لأهل التوحيد بأي وجه حصل لهم ، قال صلّى اللّه عليه وسلم [ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ]

ولم يقل يقول ولا يؤمن ، وإنما ذكر العلم خاصة ، فلا يبقى في النار إلا مشرك أو معطل لا عن شبهة ولا عن نظر مستوف في النظر قوته ، فلم يبق في النار إلا المقلدة الذين كان في قوتهم واستعدادهم أن ينظروا فما نظرو

- مسئلة -قوله تعالى : «خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» من باب المفاضلة ، فمعلوم أنه ما يرحم أحد من المخلوقين أحدا إلا بالرحمة التي أوجدها الرحمن فيه ، فهي رحمته تعالى ، لا رحمتهم ، ظهرت


في صورة مخلوق ، كما قال في [ سمع اللّه لمن حمده ] أن ذلك القول هو قول اللّه على لسان عبده ، فقوله تعالى الذي سمعه موسى أتم في الشرف من قوله تعالى على لسان قائل ، فوقع التفاضل بالمحل الذي سمع منه القول المعلوم أنه قول اللّه ،

وكذلك أيضا رحمته من حيث ظهورها من مخلوق أدنى من رحمته بعبده في غير صورة مخلوق ، فتعيّن التفاضل والأفضلية بالمحال ، إلا أن رحمة اللّه بعبده في صورة المخلوق تكون عظيمة ، فإنه يرحم عن ذوق ، فيزيل برحمته ما يجده الراحم من الألم في نفسه من هذا المرحوم ، والحق ليس كذلك ، فرحمته خالصة لا يعود عليه منها إزالة ألم ، فهو خير الراحمين ، فرحمة المخلوق عن شفقة ورحمة اللّه مطلقة .

(24) سورة النّور مدنيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(118) الفتوحات ج 3 / 285 ، 553

تفسير ابن كثير:

يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم ، عليهما السلام ، أنه جعلهما آية للناس : أي حجة قاطعة على قدرته على ما يشاء ، فإنه خلق آدم من غير أب ولا أم ، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر ، وخلق بقية الناس من ذكر وأنثى .

وقوله : ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : الربوة : المكان المرتفع من الأرض ، وهو أحسن ما يكون فيه النبات . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة .

قال ابن عباس : وقوله : ( ذات قرار ) يقول : ذات خصب ) ومعين ) يعني : ماء ظاهرا .

وقال مجاهد : ربوة مستوية .

وقال سعيد بن جبير : ( ذات قرار ومعين ) : استوى الماء فيها . وقال مجاهد ، وقتادة : ( ومعين ) : الماء الجاري .

ثم اختلف المفسرون في مكان هذه الربوة في أي أرض [ الله ] هي ؟ فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ليس الربى إلا بمصر . والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى ، ولولا الربى غرقت القرى .

وروي عن وهب بن منبه نحو هذا ، وهو بعيد جدا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى : ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) ، قال : هي دمشق .

قال : وروي عن عبد الله بن سلام ، والحسن ، وزيد بن أسلم ، وخالد بن معدان نحو ذلك .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ذات قرار ومعين ) قال : أنهار دمشق . وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : ( وآويناهما إلى ربوة [ ذات قرار ومعين ] ) ، قال : عيسى ابن مريم وأمه ، حين أويا إلى غوطة دمشق وما حولها .

وقال عبد الرزاق ، عن بشر بن رافع ، عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : في قوله : ( إلى ربوة ذات قرار ومعين ) قال : هي الرملة من فلسطين .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ، حدثنا رواد بن الجراح ، حدثنا عباد بن عباد الخواص أبو عتبة ، حدثنا السيباني ، عن ابن وعلة ، عن كريب السحولي ، عن مرة البهزي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لرجل : " إنك ميت بالربوة " فمات بالرملة . وهذا حديث غريب جدا .

وأقرب الأقوال في ذلك ما رواه العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) ، قال : المعين الماء الجاري ، وهو النهر الذي قال الله تعالى : ( قد جعل ربك تحتك سريا ) [ مريم : 24 ] .

وكذا قال الضحاك ، وقتادة : ( إلى ربوة ذات قرار ومعين ) : هو بيت المقدس . فهذا والله أعلم هو الأظهر; لأنه المذكور في الآية الأخرى . والقرآن يفسر بعضه بعضا . وهو أولى ما يفسر به ، ثم الأحاديث الصحيحة ، ثم الآثار .


تفسير الطبري :

قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية}تقدم في {الأنبياء}القول فيه. {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}الربوة المكان المرتفع من الأرض؛ وقد تقدم في - البقرة- والمراد بها ههنا في قول أبي هريرة فلسطين. وعنه أيضا الرملة؛ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس وابن المسيب وابن سلام : دمشق. وقال كعب وقتادة : بيت المقدس. قال كعب : وهي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا. قال : فكنت هميدا تحت رمس بربوة ** تعاورني ريح جنوب وشمال وقال ابن زيد : مصر. و روى سالم الأفطس عن سعيد بن جبير {وآويناهما إلى ربوة}قال : النشز من الأرض. {ذات قرار}أي مستوية يستقر عليها. وقيل : ذات ثمار، ولأجل الثمار يستقر فيها الساكنون. {ومعين}ماء جار ظاهر للعيون. يقال : معين ومعن؛ كما يقال : رغيف ورغف؛ قاله علي بن سليمان. وقال الزجاج : هو الماء الجاري في العيون؛ فالميم على هذا زائدة كزيادتها في مبيع، وكذلك الميم زائدة في قول من قال إنه الماء الذي يرى بالعين. وقيل : إنه فعيل بمعنى مفعول. قال علي بن سليمان : يقال من الماء إذا جرى فهو معين ومعيون. ابن الأعرابي : معن الماء يمعن معونا إذا جرى وسهل، وأمعن أيضا وأمعنته، ومياه معنان. قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} فيه ثلاث مسائل: الأولى :روى الصحيح عن أبي هريرة"" قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم}وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة-172] - ثم ذكر - الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك). الثانية: قال بعض العلماء : والخطاب في هذه الآية للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أقامه مقام الرسل؛ كماقال {الذين قال لهم الناس} [آل عمران- 173] يعني نعيم بن مسعود. وقال الزجاج : هذه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ودل الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا؛ أي كلوا من الحلال. وقال الطبري : الخطاب لعيسى عليه السلام؛ روي أنه كان يأكل من غزل أمه. والمشهور عنه أنه كان يأكل من بقل البرية. ووجه خطابه لعيسى ما ذكرناه من تقديره لمحمد صلى الله عليه وسلم تشريفا له. وقيل : إن هذه المقالة خوطب بها كل نبي؛ لأن هذه طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها. فيكون المعنى : وقلنا يا أيها الرسل كلوا من الطيبات؛ كما تقول لتاجر : يا تجار ينبغي أن تجتنبوا الربا؛ فأنت تخاطبه بالمعنى. وقد اقترن بذلك أن هذه المقالة تصلح لجميع صنفه، فلم يخاطبوا قط مجتمعين صلوات الله عليهم أجمعين، وإنما خوطب كل واحد في عصره. قال الفراء : هو كما تقول للرجل الواحد : كفوا عنا أذاكم. الثالثة: سوى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله {إني بما تعملون عليم}صلى الله على رسله وأنبيائه. وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم. وقد مضى القول في الطيبات والرزق في غير موضع، والحمد لله. وفي قوله عليه السلام (يمد يديه) دليل على مشروعية مد اليدين عند الدعاء إلى السماء؛ وقد مشى الخلاف في هذا والكلام فيه والحمد لله. وقوله عليه السلام (فأنى يستجاب لذلك) على جهة الاستبعاد؛ أي أنه ليس أهلا لإجابة دعائه لكن يجوز أن يستجيب الله له تفضلا ولطفا وكرما. {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون، فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون، فذرهم في غمرتهم حتى حين} فيه أربع مسائل: الأولى: قوله وتعالى{وإن هذه أمتكم أمة واحدة}المعنى : هذا الذي تقدم ذكره هو دينكم وملتكم فالتزموه. والأمة هنا الدين؛ وقد تقدم محامله؛ ومنه قوله {إنا وجدنا آباءنا على أمة}[الزخرف- 22] أي على دين. وقال النابغة : حلفت فلم أترك لنفسك ريبه ** وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع الثانية: قرئ {وإن هذه}بكسر {إن}على القطع، وبفتحها وتشديد النون. قال الخليل : هي في موضع نصب لما زال الخافض؛ أي أنا عالم بأن هذا دينكم الذي أمرتكم أن تؤمنوا به. وقال الفراء{أن}متعلقة بفعل مضمر تقديره : واعلموا أن هذه أمتكم. وهي عند سيبويه متعلقة بقوله {فاتقون}؛ والتقدير فاتقون لأن أمتكم واحدة. وهذا كقوله {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحد} [الجن- 18]؛ أي لأن المساجد لله فلا تدعوا معه غيره. وكقوله {لإيلاف قريش}[قريش 1]؛ أي فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش. الثالثة: وهذه الآية تقوي أن قوله {يا أيها الرسل}إنما هو مخاطبة لجميعهم، وأنه بتقدير حضورهم. وإذا قدرت {يا أيها الرسل}مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم فلق اتصال هذه الآية واتصال قوله {فتقطعوا}. أما أن قوله {وأنا ربكم فاتقون}وإن كان قيل للأنبياء فأممهم داخلون فيه بالمعنى؛ فيحسن بعد ذلك اتصال. {فتقطعوا}أي افترقوا، يعني الأمم، أي جعلوا دينهم أديانا بعد ما أمروا بالاجتماع. ثم ذكر تعالى أن كلا منهم معجب برأيه وضلالته وهذا غاية الضلال. الرابعة: هذه الآية تنظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة) الحديث. ""خرجه أبو داود، ورواه الترمذي"" وزاد : قالوا ومن هي يا رسول الله؟ قال : (ما أنا عليه وأصحابي) خرجه من حديث عبدالله بن عمرو. وهذا يبين أن الافتراق المحذر منه في الآية والحديث إنما هو في أصول الدين وقواعده، لأنه قد أطلق عليها مللا، وأخبر أن التمسك بشيء من تلك الملل موجب لدخول النار. ومثل هذا لا يقال في الفروع، فإنه لا يوجب تعديد الملل ولا عذاب النار؛ قال الله {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}[المائدة- 48]. قوله تعالى {زبرا}يعني كتبا وضعوها وضلالات ألفوها؛ قاله ابن زيد. وقيل : إنهم فرقوا الكتب فاتبعت فرقة الصحف وفرقة التوراة وفرقة الزبور وفرقة الإنجيل، ثم حرف الكل وبدل؛ قاله قتادة. وقيل : أخذ كل فريق منهم كتابا آمن به وكفر بما سواه. و{زبرا}بضم الباء قراءة نافع، جمع زبور. والأعمش وأبو عمرو بخلاف عنه {زبرا}بفتح الباء، أي قطعا كقطع الحديد؛ كقوله {آتوني زبر الحديد} [الكهف 96] . {كل حزب}أي فريق وملة. {بما لديهم}أي عندهم من الدين. {فرحون}أي معجبون به. وهذه الآية مثال لقريش خاطب محمدا صلى الله عليه وسلم في شأنهم متصلا بقوله {فذرهم في غمرتهم}أي فذر هؤلاء الذين هم بمنزلة من تقدم، ولا يضيق صدرك بتأخير العذاب عنهم؛ فلكل شيء وقت. والغمرة في اللغة ما يغمرك ويعلوك؛ وأصله الستر؛ ومنه الغمر الحقد لأنه يغطي القلب. والغمر الماء الكثير لأنه يغطي الأرض. وغمر الرداء الذي يشمل الناس بالعطاء؛ قال : غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا ** غلقت لضحكته رقاب المال المراد هنا الحيرة والغفلة والضلالة. ودخل فلان في غمار الناس، أي في زحمتهم. وقوله تعالى : {حتى حين}قال مجاهد : حتى الموت، فهو تهديد لا توقيت؛ كما يقال : سيأتي لك يوم.

التفسير الميسّر:

وجعلنا عيسى بن مريم وأمه علامة دالة على قدرتنا؛ إذ خلقناه من غير أب، وجعلنا لهما مأوى في مكان مرتفع من الأرض، مستوٍ للاستقرار عليه، فيه خصوبة وماء جار ظاهر للعيون.

تفسير السعدي

أي: وامتننا على عيسى ابن مريم، وجعلناه وأمه من آيات الله العجيبة، حيث حملته وولدته من غير أب، وتكلم في المهد صبيا، وأجرى الله على يديه من الآيات ما أجرى، { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ } أي: مكان مرتفع، وهذا -والله أعلم- وقت وضعها، { ذَاتِ قَرَارٍ } أي: مستقر وراحة { وَمَعِينٍ } أي: ماء جار، بدليل قوله: { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ } أي: تحت المكان الذي أنت فيه، لارتفاعه، { سَرِيًّا } أي: نهرا وهو المعين { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا }


تفسير البغوي

( وجعلنا ابن مريم وأمه آية ) دلالة على قدرتنا ، ولم يقل آيتين ، قيل : معناه شأنهما آية . وقيل : معناه جعلنا كل واحد منهما آية ، كقوله تعالى : " كلتا الجنتين آتت أكلها " ( الكهف - 33 ) . ( وآويناهما إلى ربوة ) الربوة المكان المرتفع من الأرض ، واختلفت الأقوال فيها ، فقال عبد الله بن سلام : هي دمشق ، وهو قول سعيد بن المسيب ومقاتل ، وقال الضحاك : غوطة دمشق . وقال أبو هريرة : هي الرملة . وقال عطاء عن ابن عباس : هي بيت المقدس ، وهو قول قتادة وكعب . وقال كعب : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا . وقال ابن زيد : هي مصر . وقال السدي : أرض فلسطين . ( ذات قرار ) أي : مستوية منبسطة واسعة يستقر عليها ساكنوها . ( ومعين ) فالمعين الماء الجاري الظاهر الذي تراه العيون ، مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر .


الإعراب:

(وَجَعَلْنَا) الواو استئنافية وماض وفاعله (ابْنَ) مفعول به أول (مَرْيَمَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة لانه ممنوع من الصرف (وَأُمَّهُ) معطوفة على ابن والهاء مضاف إليه (آيَةً) مفعول به ثان والجملة مستأنفة (وَآوَيْناهُما) الواو عاطفة وماض وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة (إِلى رَبْوَةٍ) متعلقان بآويناهما (ذاتِ) صفة لربوة (قَرارٍ) مضاف إليه (وَمَعِينٍ) معطوفة على قرار

---

Traslation and Transliteration:

WajaAAalna ibna maryama waommahu ayatan waawaynahuma ila rabwatin thati qararin wamaAAeenin

بيانات السورة

اسم السورة سورة المؤمنون (Al-Muminun - The Believers)
ترتيبها 23
عدد آياتها 118
عدد كلماتها 1051
عدد حروفها 4354
معنى اسمها (المُؤْمِنُونَ): جَمْعُ (مُؤْمِنٍ)، وَهُوَ مَنِ اتَّصَفَ بِالإِيمَانِ الَّذِي هُوَ: قَولٌ باللِسَانِ، وَاعْتِقَادٌ بِالجَنَانِ؛ أَيِ: الْقَلْبُ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ
سبب تسميتها صِفَاتُ المُؤْمِنِينَ هِيَ المَوضُوعُ البَارِزُ في السُّورَةِ؛ لِذَا بِهَا افْتُتِحَتْ؛ وَبِهَا سُمِّيَتْ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (المُؤْمِنُونَ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (قَدْ أَفلَحَ)، وَسُورَةَ (الْفَلاحِ)
مقاصدها التَّرْكِيزُ عَلَى مَسَائِلِ الإِيمَانِ، وَبَيَانُ صِفَاتِ أَهْلِ الإِيمَانِ، وَذِكْرُ مَنْ خَالَفَهُمْ، وبَيَانُ مَصِيرِهِمْ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها خَصَّهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ ﷺ قَرَأَهَا فِي صَلاةِ الصُّبْحِ. (رَوَاهُ مُسْلِم)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (المُؤْمِنُونَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ فَلاحِ المُؤْمِنِينَ وَخَسَارَةِ الْكَافِرِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ١١٧﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (المُؤْمِنُونَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الحَجِّ): لَمَّا اخْتُتِمَتِ (الحَجُّ) بِإِرْشَادِ المُؤْمِنِينَ عَلَى أَعْمَالِ الفَلَاحِ بِقَولِهِ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩ ٧٧﴾ افْتَتَحَ (المُؤْمِنُونَ) بِذِكْرِ الْفَلَاحِ فَقَالَ: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!