المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنبياء: [الآية 63]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنبياء | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (112 (
[ "قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ " ]
«قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي الحق الذي شرعت لنا ليثبت صدقي عند من أرسلتني إليهم فيما أرسلتني به ، فجاء بلفظ يدل على أنه وقع فقال تعالى مخبرا «قالَ» وهو عند العامة ما وقع ، فإنه يوم القيامة ، وما أخبر اللّه إلا بالواقع ، فلا بد أن يكون ثم حضرة إلهية فيها وقوع الأشياء دائما ، لا يتقيد بالماضي فيقال قد وقعت ، ولا بالمستقبل فيقال تقع ، ولكن
متعلقها الحال الدائم ، والحال له الوجود ، ومن هذه الحضرة الإلهية عنها تقع الإخبارات بالماضي والمستقبل ، والألف واللام في الحق للحق المعهود الذي بعث به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فإن اللّه لا يعاملنا إلا بما شرع لنا لا بغير ذلك ، ألا تراه قد أمر نبيه صلّى اللّه عليه وسلم أن يسأله يوم القيامة أن يحكم بالحق الذي بعثه به بين عباده وبيده ، فقال تعالى آمرا «قل» يا محمد ، وهي قراءة «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي فليكن حكمك في الأمم يوم القيامة بما شرعت لهم وبعثتنا به إليهم .
فإن ذلك مما يراد ، فإنك ما أرسلتنا إلا بما تريد حتى يثبت صدقنا عندهم ، وتقوم الحجة عليهم إذا حكم الحق في كل أمة بما أرسل به نبيه إليهم ، وبهذا تكون للّه الحجة البالغة ، فما حكم إلا بما شرع وأمر عبده أن يسأله تعالى في ذلك حتى يكون حكمه فيه عن سؤال عبده ، كما كان حكم العبد بما قيده من الشرع عن أمر ربه ، وأكثر من هذا التنزل الإلهي إلى العباد ما يكون ، وهل يحكم اللّه إلا بالحق ، فجعل الحق نفسه في هذه الآية مأمورا لنبيه عليه السلام ، فإن لفظة احكم أمر ، وأمره سبحانه أن يقول له ذلك ، فإن اللّه ما يعامل العبد بأمر إلا قد عامل به نفسه ، فأوجب على نفسه كما أوجب عليك ، ودخل لك تحت العهد كما أدخلك تحت العهد ، فما أمرك بشيء إلّا وقد جعل على نفسه مثل ذلك ، هذا لتكون له الحجة البالغة ، ووفى بكل ما أوجبه على نفسه ، وطلب منك الوفاء بما أوجبه عليك ،
أليس هذا من لطفه ؟ أليس هذا من كرمه ؟
ألا تراه تعالى لما قال لنبيه داود «فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوىقال تعالى جبرا لقلب خلفائه «قل» يا محمد «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» فيحكم بنفسه تعالى بالحق الذي بعث به رسله ليصدقهم عند عبيده فعلا بحكمه ، كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات ، ولما كان الأصل في الحكم المشروع غلبة الظنّ ،
فإن الحاكم لا يحكم إلا بشهادة الشاهد ، وهو ليس قاطعا فيما شهد به من ذلك ، فما اختلف العلماء في حكم الحاكم بين الخصمين بغلبة الظن ، واختلفوا في حكمه بعلمه ، فكانت غلبة الظن في هذا النوع أصلا متفقا عليه ويرجع إليه ،
وكان العلم في ذلك مختلفا فيه ، والحق تعالى وإن لم يكن عنده إلا العلم فإنه يحكم بالشهود ، ولذلك جاء «قل رب احكم بالحق» أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فمع علمه تعالى يقيم على خلقه يوم القيامة الشهود ، فلا يعاقبهم إلا بعد إقامة البينة عليهم مع علمه ، وبهذا قال من قال : إنه ليس للحاكم أن يحكم بعلمه ، أما في العالم فللتهمة بما له
من الغرض ، وأما في جانب الحق فلإقامة الحجة على المحكوم عليه ، حتى لا يأخذه في الآخرة إلا بما شرع له من الحكم في الدنيا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، ولهذا يقول الرسول لربه عن أمر ربه" رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ "
يعني بالحق الذي بعثتني به وشرعت لي أن أحكم به فيهم «وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» لولا ما هو الرحمن ما اجترأ العبد أن يقول رب احكم بالحق ، فإنه تعالى ما يحكم إلا بالحق
- الوجه الثاني -جعل اللّه في الوجود كتابين ، كتابا سماه أمّا ، فيه ما كان قبل إيجاده وما يكون ، كتبه بحكم الاسم المقيت ، فهو كتاب ذو قدر معلوم فيه بعض أعيان الممكنات وما يتكون عنها ،
وكتابا آخر ليس فيه سوى ما يتكون عن المكلفين خاصة ، فلا تزال الكتابة فيه ما دام التكليف ، وبه تقوم الحجة للّه على المكلفين ، وبه يطالبهم لا بالأم ، وهذا هو الإمام الحق المبين الذي يحكم به الحق تعالى الذي أخبرنا اللّه في كتابه أنه أمر نبيه أن يقول لربه «احْكُمْ بِالْحَقِّ» ، يريد هذا الكتاب ،
وهو كتاب الإحصاء فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وكل صغير وكبير مستطر ، وهو منصوص عليه في الأم .
(22) سورة الحج مدنيّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
------------
(112) الفتوحات ج 2 / 52 ، 92 - ج 4 / 235 - ج 2 / 92 - ج 1 / 579">579 - ج 4 / 235 - ج 1 / 579">579 - ج 3 / 364 ، 76 ، 364 -ح 4 / 26 - ج 1 / 597 - ج 3 / 476 - ج 4 / 54 - ج 3 / 112تفسير ابن كثير:
( فاسألوهم إن كانوا ينطقون ) وإنما أراد بهذا أن يبادروا من تلقاء أنفسهم ، فيعترفوا أنهم لا ينطقون ، فإن هذا لا يصدر عن هذا الصنم ، لأنه جماد .
وفي الصحيحين من حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم ، عليه السلام ، لم يكذب غير ثلاث : ثنتين في ذات الله ، قوله : ( بل فعله كبيرهم هذا ) وقوله ( إني سقيم ) قال : " وبينا هو يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة ، إذ نزل منزلا فأتى الجبار رجل ، فقال : إنه قد نزل بأرضك رجل معه امرأة أحسن الناس ، فأرسل إليه فجاء ، فقال : ما هذه المرأة منك؟ قال : هي أختي . قال : فاذهب فأرسل بها إلي ، فانطلق إلى سارة فقال : إن هذا الجبار سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني عنده ، فإنك أختي في كتاب الله ، وأنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك ، فانطلق بها إبراهيم ثم قام يصلي . فلما أن دخلت عليه فرآها أهوى إليها ، فتناولها ، فأخذ أخذا شديدا ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت له فأرسل ، فأهوى إليها ، فتناولها فأخذ بمثلها أو أشد . ففعل ذلك الثالثة فأخذ ، [ فذكر ] مثل المرتين الأوليين فقال ادعي الله فلا أضرك . فدعت ، له فأرسل ، ثم دعا أدنى حجابه ، فقال : إنك لم تأتني بإنسان ، وإنما أتيتني بشيطان ، أخرجها وأعطها هاجر ، فأخرجت وأعطيت هاجر ، فأقبلت ، فلما أحس إبراهيم بمجيئها انفتل من صلاته ، قال : مهيم؟ قالت : كفى الله كيد الكافر الفاجر ، وأخدمني هاجر " قال محمد بن سيرين وكان : أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث قال : فتلك أمكم يا بني ماء السماء
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
فقال إبراهيم والناس شاهدون: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ْ} أي: كسرها غضبا عليها، لما عبدت معه، وأراد أن تكون العبادة منكم لصنمكم الكبير وحده، وهذا الكلام من إبراهيم، المقصد منه إلزام الخصم وإقامة الحجة عليه، ولهذا قال: { فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ْ} وأراد الأصنام المكسرة اسألوها لم كسرت؟ والصنم الذي لم يكسر، اسألوه لأي شيء كسرها، إن كان عندهم نطق، فسيجيبونكم إلى ذلك، وأنا وأنتم، وكل أحد يدري أنها لا تنطق ولا تتكلم، ولا تنفع ولا تضر، بل ولا تنصر نفسها ممن يريدها بأذى.
تفسير البغوي
( قال ) إبراهيم ، ( بل فعله كبيرهم هذا ) غضب من أن تعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها فكسرهن ، وأراد بذلك إبراهيم إقامة الحجة عليهم ، فذلك قوله : ( فاسألوهم إن كانوا ينطقون ) حتى يخبروا من فعل ذلك بهم .
قال القتيبي : معناه بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون على سبيل الشرط ، فجعل النطق شرطا للفعل ، أي : إن قدروا على النطق قدروا على الفعل ، فأراهم عجزهم عن النطق ، وفي [ ضمنه ] أنا فعلت .
وروي عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله ( بل ) ويقول : معناه [ فعله ] من فعله ، والأول أصح لما روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ، اثنتان منهن في ذات الله ، قوله : ( إني سقيم ) ( الصافات : 89 ) ، وقوله : ( بل فعله كبيرهم ) وقوله لسارة هذه أختي وقيل في قوله : ( إني سقيم ) أي : سأسقم ، وقيل : سقم القلب أي : مغتم بضلالتكم ، وقوله لسارة : هذه أختي أي في الدين ، وهذه التأويلات لنفي الكذب عن إبراهيم ، والأولى هو الأول للحديث فيه ، ويجوز أن يكون الله عز وجل أذن له في ذلك لقصد الصلاح وتوبيخهم والاحتجاج عليهم ، كما أذن ليوسف حتى أمر مناديه فقال لإخوته : ( أيتها العير إنكم لسارقون ) ( يوسف : 70 ) . ولم يكونوا سرقوا .
الإعراب:
(قالَ) ماض فاعله مستتر والجملة مستأنفة (بَلْ) حرف إضراب (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) ماض ومفعول به وفاعل مؤخر (هذا) صفة لكبيرهم (فَسْئَلُوهُمْ) الفاء الفصيحة (اسألوهم) أمر وفاعله ومفعول به (إِنْ) شرطية (كانُوا) ماض ناقص والجملة في محل جزم فعل الشرط والواو اسمها وجملة (يَنْطِقُونَ) خبرها وجواب الشرط محذوف