المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة مريم: [الآية 58]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة مريم | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّ (96)
الود هو ثبات الحب ، أي سيجعل لهم الرحمن ثباتا في المحبة عند اللّه وفي قلوب عباده .
------------
(96) الفتوحات ج 2 / 337تفسير ابن كثير:
يقول تعالى : هؤلاء النبيون . وليس المراد هؤلاء المذكورين في هذه السورة فقط ، بل جنس الأنبياء عليهم السلام ، استطرد من ذكر الأشخاص إلى الجنس - ( الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم ) الآية .
قال السدي وابن جرير ، رحمه الله : فالذي عنى به من ذرية آدم : إدريس ، والذي عنى به من ذرية من حملنا مع نوح : إبراهيم والذي عنى به من ذرية إبراهيم : إسحاق ويعقوب وإسماعيل ، والذي عنى به من ذرية إسرائيل : موسى ، وهارون ، وزكريا ويحيى وعيسى ابن مريم .
قال ابن جرير : ولذلك فرق أنسابهم ، وإن كان يجمع جميعهم آدم ; لأن فيهم من ليس من ولد من كان مع نوح في السفينة ، وهو إدريس ، فإنه جد نوح .
قلت : هذا هو الأظهر أن إدريس في عمود نسب نوح ، عليهما السلام . وقد قيل : إنه من أنبياء بني إسرائيل ، أخذا من حديث الإسراء ، حيث قال في سلامه على النبي صلى الله عليه وسلم : " مرحبا بالنبي الصالح ، والأخ الصالح " ، ولم يقل : " والولد الصالح " ، كما قال آدم وإبراهيم ، عليهما السلام .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن محمد أن إدريس أقدم من نوح بعثه الله إلى قومه ، فأمرهم أن يقولوا : " لا إله إلا الله " ، ويعملوا ما شاءوا فأبوا ، فأهلكهم الله عز وجل .
ومما يؤيد أن المراد بهذه الآية جنس الأنبياء ، أنها كقوله تعالى في سورة الأنعام : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) إلى أن قال : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين ) الأنعام [ : 83 - 90 ] وقال تعالى : ( منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ) [ غافر : 78 ] . وفي صحيح البخاري ، عن مجاهد : أنه سأل ابن عباس : أفي " ص " سجدة ؟ قال : نعم ، ثم تلا هذه الآية : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) ، فنبيكم ممن أمر أن يقتدي بهم ، قال : وهو منهم ، يعني داود .
وقال الله تعالى في هذه الآية الكريمة : ( إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ) أي : إذا سمعوا كلام الله المتضمن حججه ودلائله وبراهينه ، سجدوا لربهم خضوعا واستكانة ، وحمدا وشكرا على ما هم فيه من النعم العظيمة .
" والبكي " : جمع باك ، فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود هاهنا ، اقتداء بهم ، واتباعا لمنوالهم
قال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر قال : قرأ عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، سورة مريم ، فسجد وقال : هذا السجود ، فأين البكي ؟ يريد البكاء .
رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، وسقط من روايته ذكر " أبي معمر " فيما رأيت ، والله أعلم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
لما ذكر هؤلاء الأنبياء المكرمين، وخواص المرسلين، وذكر فضائلهم ومراتبهم قال: { أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ } أي: أنعم الله عليهم نعمة لا تلحق، ومنة لا تسبق، من النبوة والرسالة، وهم الذين أمرنا أن ندعو الله أن يهدينا صراط الذين أنعمت عليهم، وأن من أطاع الله، كان { مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ } الآية. وأن بعضهم { مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } أي: من ذريته { وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ } فهذه خير بيوت العالم، اصطفاهم الله، واختارهم، واجتباهم،. وكان حالهم عند تلاوة آيات الرحمن عليهم، المتضمنة للإخبار بالغيوب وصفات علام الغيوب، والإخبار باليوم الآخر، والوعد والوعيد.
{ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } أي: خضعوا لآيات الله، وخشعوا لها، وأثرت في قلوبهم من الإيمان والرغبة والرهبة، ما أوجب لهم البكاء والإنابة، والسجود لربهم، ولم يكونوا من الذين إذا سمعوا آيات الله خروا عليها صما وعميانا.
وفي إضافة الآيات إلى اسمه { الرحمن } دلالة على أن آياته، من رحمته بعباده وإحسانه إليهم حيث هداهم بها إلى الحق، وبصرهم من العمى، وأنقذهم من الضلالة، وعلمهم من الجهالة.
تفسير البغوي
( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم ) أي : إدريس ونوحا ( وممن حملنا مع نوح ) أي : ومن ذرية من حملنا مع نوح في السفينة ، يريد إبراهيم; لأنه ولد من سام بن نوح ( ومن ذرية إبراهيم ) يريد إسماعيل وإسحاق ويعقوب .
قوله : ( وإسرائيل ) أي : ومن ذرية إسرائيل وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى .
قوله : ( وممن هدينا واجتبينا ) هؤلاء كانوا ممن أرشدنا واصطفينا ( إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ) " سجدا " : جمع ساجد " وبكيا " : جمع باك أخبر الله أن الأنبياء كانوا إذا سمعوا بآيات الله سجدوا وبكوا .
الإعراب:
(أُولئِكَ) اسم إشارة مبتدأ والكاف للخطاب والجملة ابتدائية (الَّذِينَ) اسم موصول خبر (أَنْعَمَ اللَّهُ) ماض وفاعله والجملة صلة (عَلَيْهِمْ) متعلقان بأنعم (مِنَ النَّبِيِّينَ) متعلقان بحال محذوفة (مِنْ ذُرِّيَّةِ) جار ومجرور بدل من النبيين بإعادة الجار (آدَمَ) مضاف إليه مجرور بالكسرة لأنه ممنوع من الصرف (وَمِمَّنْ) الواو عاطفة ومن حرف جر مدغمة بمن الموصولة وهما معطوفان على ما قبلهما (حَمَلْنا) ماض وفاعله والجملة صلة (مَعَ) ظرف متعلق بحملنا (نُوحٍ) مضاف إليه (وَمِنْ ذُرِّيَّةِ) معطوف على ما قبله (إِبْراهِيمَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف (وَإِسْرائِيلَ) معطوف على إبراهيم بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف (وَمِمَّنْ) الواو عاطفة ومن حرف جر أدغمت بمن اسم الموصول ومعطوفان على ما سبق (هَدَيْنا) ماض وفاعله والجملة صلة (وَاجْتَبَيْنا) الواو عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة (إِذا) ظرف يتضمن معنى الشرط وهي أداة شرط غير جازمة تتعلق بالجواب (تُتْلى) مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر (عَلَيْهِمْ) متعلقان بتتلى (آياتُ) نائب فاعل (الرَّحْمنِ) مضاف إليه والجملة مضاف إليه (خَرُّوا) ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو فاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (سُجَّداً) حال (وَبُكِيًّا) معطوفة على سجدا.