«وأعتزلكم وما تدعون» تعبدون «من دون الله وأدعو» أعبد «ربي عسى أ» ن «لا أكون بدعاء ربي» بعبادته «شقيا» كما شقيتم بعبادة الأصنام.
لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّ (96)
الود هو ثبات الحب ، أي سيجعل لهم الرحمن ثباتا في المحبة عند اللّه وفي قلوب عباده .
------------
(96) الفتوحات ج 2 /
337
وقوله : ( وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي ) أي : أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله ، ( وأدعو ربي ) أي : وأعبد ربي وحده لا شريك له ، ( عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) و " عسى " هذه موجبة لا محالة ، فإنه عليه السلام ، سيد الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه سلم .
قوله تعالى{قال سلام عليك} لم يعارضه إبراهيم عليه السلام بسوء الرد؛ لأنه لم يؤمر بقتاله على كفره. والجمهور على أن المراد بسلامه المسالمة التي هي المتاركة لا التحية؛ قال الطبري : معناه أمنة مني لك. وعلى هذا لا يبدأ الكافر بالسلام. وقال النقاش : حليم خاطب سفيها؛ كما قال{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}[
الفرقان : 63]. وقال بعضهم في معنى تسليمه : هو تحية مفارق؛ وجوز تحية الكافر وأن يبدأ بها. قيل لابن عيينة :هل يجوز السلام على الكافر؟ قال : نعم؛ قال الله تعالى{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين}[
الممتحنة : 8]. وقال {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم}[
الممتحنة : 4] الآية؛ وقال إبراهيم لأبيه {سلام عليك}. قلت : الأظهر من الآية ما قاله سفيان بن عيينة؛ وفي الباب حديثنا صحيحان : روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه) خرجه البخار ومسلم. وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكيه، وأردف وراءه أسامة بن زيد؛ وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحرث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبدالله بن أبي بن سلول، وفي المجلس عبدالله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر عبدالله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال : لا تغبروا علينا، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ الحديث. فالأول يفيد ترك السلام عليهم ابتداء لأن ذلك إكرام، والكافر ليس أهله. والحديث الثاني يجوز ذلك. قال الطبري : ولا يعارض ما رواه أسامة بحديث أبي هريرة فإنه ليس في أحدهما خلاف للأخر وذلك أن حديث أبي هريرة مخرجه العموم، وخبر أسامة يبين أن معناه الخصوص. وقال النخعي : إذا كانت لك حاجة عند يهودي أو نصراني فابدأه بالسلام فبان بهذا أن حديث أبى هريرة (لا تبدؤوهم بالسلام) إذا كان لغير سبب يدعوكم إلى أن تبدؤوهم بالسلام، من قضاء ذمام أو حاجة تعرض لكم قبلهم، أو حق صحبة أو جوار أو سفر. قال الطبري : وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب. وفعله ابن مسعود بدهقان صحبه في طريقه؛ قال علقمة : فقلت له يا أبا عبدالرحمن أليس يكره أن يبدؤوا بالسلام؟ ! قال نعم، ولكن حق الصحبة. وكان أبو أسامة إذا انصرف إلى بيته لا يمر بمسلم ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا سلم عليه؛ قيل له في ذلك فقال : أمرنا أن نفشي السلام. وسئل الأوزاعي عن مسلم مر بكافر فسلم عليه، فقال : إن سلمت فقد سلم الصالحون قبلك، وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك. وروي عن الحسن البصري أنه قال : إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم. قلت : وقد احتج أهل المقالة الأولى بأن السلام الذي معناه التحية إنما خص به هذه الأمة؛ لحديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى أعطى أمتي ثلاثا لم تعط أحدا قبلهم السلام وهي تحية أهل الجنة) الحديث؛ ذكره الترمذي الحكيم؛ وقد مضى في الفاتحة بسنده. وقد مضى الكلام في معنى قوله{سأستغفر لك ربي} وارتفع السلام بالابتداء؛ وجاز ذلك مع نكرته لأنه نكرة مخصصة فقرنت المعرفة. {إنه كان بي حفيا} الحفي المبالغ في البر والإلطاف؛ يقال : حفي به وتحفى إذا بره. وقال الكسائي يقال : حفي بي حفاوة وحفوة. وقال الفراء{إنه كان بي حفيا} أي عالما لطيفا يجيبني إذا دعوته. قوله تعالى{وأعتزلكم} العزلة المفارقة وقد تقدم في [الكهف] بيانها. وقوله{عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا} قيل : أراد بهذا الدعاء أن يهب الله تعالى له أهلا وولدا يتقوى بهم حتى لا يستوحش بالاعتزال عن قومه. ولهذا قال{فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب} أي آنسنا وحشته بولد؛ عن ابن عباس وغيره. وقيل{عسى} يدل على أن العبد لا يقطع بأنه يبقى على المعرفة أم لا في المستقبل وقيل دعا لأبيه بالهداية. فـ {عسى} شك لأنه كان لا يدري هل يستجاب له فيه أم لا؟ والأول أظهر. وقوله{وجعلنا لهم لسان صدق عليا} أي أثنينا عليهم ثناء حسنا؛ لأن جميع الملل تحسن الثناء عليهم. واللسان يذكر ويؤنث؛ وقد تقدم.
وأفارقكم وآلهتكم التي تعبدونها من دون الله، وأدعو ربي مخلصًا، عسى أن لا أشقى بدعاء ربي، فلا يعطيني ما أسأله.
فلما أيس من قومه وأبيه قال: { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ْ} أي: أنتم وأصنامكم { وَأَدْعُو رَبِّي ْ} وهذا شامل لدعاء العبادة، ودعاء المسألة { عَسَى أن لا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ْ} أي: عسى الله أن يسعدني بإجابة دعائي، وقبول أعمالي، .وهذه وظيفة من أيس ممن دعاهم، فاتبعوا أهواءهم، فلم تنجع فيهم المواعظ، فأصروا في طغيانهم يعمهون، أن يشتغل بإصلاح نفسه، ويرجو القبول من ربه، ويعتزل الشر وأهله.
( وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ) أي : أعتزل ما تعبدون من دون الله . قال مقاتل : كان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من " كوثى " فهاجر منها إلى الأرض المقدسة ، ( وأدعو ربي ) أي : أعبد ربي ( عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) أي : عسى أن لا أشقى بدعائه وعبادته ، كما تشقون أنتم بعبادة الأصنام .
وقيل : عسى أن يجيبني إذا دعوته ولا يخيبني .
(وَأَعْتَزِلُكُمْ) الواو عاطفة ومضارع فاعله مستتر والكاف مفعوله والجملة معطوفة (وَما) الواو عاطفة واسم موصول معطوف على الكاف قبله (تَدْعُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة (مِنْ دُونِ) متعلقان بتدعون (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (وَأَدْعُوا) الواو عاطفة ومضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل فاعله مستتر (رَبِّي) مفعول به والياء مضاف إليه والجملة معطوفة (عَسى) فعل ماض ناقص من أفعال الرجاء واسمه محذوف (أَلَّا) أن ناصبة ولا نافية (أَكُونَ) مضارع ناقص منصوب بأن واسمه محذوف تقديره أنا (بِدُعاءِ) متعلقان بشقيا (رَبِّي) مضاف إليه والياء مضاف إليه (شَقِيًّا) خبر يكون والمصدر المؤول في محل نصب خبر عسى
Traslation and Transliteration:
WaaAAtazilukum wama tadAAoona min dooni Allahi waadAAoo rabbee AAasa alla akoona biduAAai rabbee shaqiyyan
I shall withdraw from you and that unto which ye pray beside Allah, and I shall pray unto my Lord. It may be that, in prayer unto my Lord, I shall not be unblest.
Ve sizi ve Allah'tan başka kulluk ettiğiniz şeyleri bırakıyor ve Rabbime dua ediyorum, umarım ki duamı kabul eden, mahrum etmez beni.
Je me sépare de vous, ainsi que de ce que vous invoquez, en dehors d'Allah, et j'invoquerai mon Seigneur. J'espère ne pas être malheureux dans mon appel à mon Seigneur».
Und ich ziehe mich von euch und von dem zurück, an das ihr anstelle von ALLAH Bittgebete richtet. Und ich richte Bittgebete an meinen HERRN! Ich hoffe, daß ich mit dem Bittgebet an meinen HERRN nicht erfolglos bin."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة مريم (Maryam - Mary) |
ترتيبها |
19 |
عدد آياتها |
98 |
عدد كلماتها |
972 |
عدد حروفها |
3835 |
معنى اسمها |
(مَرْيَمُ) ابْنةُ عِمْرَانَ: امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ عَابِدَةٌ، وَأُمُّ عِيسَى عليه السلام |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِطُولِ قِصَّةِ مَرْيَمَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (مَرْيَمَ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (كٓهيعٓصٓ) |
مقاصدها |
بَيَانُ عِنَايَةِ اللهِ تَعَالَى لِأَولِيَائِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، فَعَنِ ابْنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: فِي (بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطَهَ، وَالأنْبِيَاءِ) -«هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي». (رَوَاهُ البُخَارِيّ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (مَرْيَمَ) بِآخِرِهَا: حَدِيثُهَا عَنِ البِشَارَةِ لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ ...٧﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرۡنَٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِينَ ...٩٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (مَرْيَمَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الكَهْفِ): لَمَّا ذَكَرَتِ (الْكَهْفُ) أَعَاجِيبَ الْقَصَصِ تَلَتْهَا (مَرْيمُ) بِأَعْجَبِ قِصَّتَينِ؛ وِلَادَةُ يَحْيَى وَعِيسَى عليه السلام (1). |