«يا أبت لا تعبد الشيطان» بطاعتك إياه في عبادة الأصنام «إن الشيطان كان للرحمن عصيا» كثير العصيان.
لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّ (96)
الود هو ثبات الحب ، أي سيجعل لهم الرحمن ثباتا في المحبة عند اللّه وفي قلوب عباده .
------------
(96) الفتوحات ج 2 /
337
( يا أبت لا تعبد الشيطان ) أي : لا تطعه في عبادتك هذه الأصنام ، فإنه هو الداعي إلى ذلك ، والراضي به ، كما قال تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ) [ يس : 60 ] وقال : ( إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ) [ النساء : 117 ]
وقوله : ( إن الشيطان كان للرحمن عصيا ) أي : مخالفا مستكبرا عن طاعة ربه ، فطرده وأبعده ، فلا تتبعه تصر مثله .
قوله تعالى{واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا} المعنى : واذكر في الكتاب الذي أنزل عليك وهو القرآن قصة إبراهيم وخبره. وقد تقدم معنى الصديق في [النساء] واشتقاق الصدق في [البقرة] فلا معنى للإعادة ومعنى الآية : اقرأ عليهم يا محمد في القرآن أمر إبراهيم فقد عرفوا أنهم من ولده، فإنه كان حنيفا مسلما وما كان يتخذ الأنداد، فهؤلاء لم يتخذون الأنداد؟ ! وهو كما قال {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}[
البقرة : 130] قوله تعالى{إذ قال لأبيه} وهو آزر. {يا أبت} تقدم في (يوسف). {لم تعبد} أي لأي شي تعبد{ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا. يريد الأصنام{يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك} أي من اليقين والمعرفة بالله وما يكون بعد الموت، وأن من عبد غير الله عذب {فاتبعني} إلى ما أدعوك إليه. {أهدك صراطا سويا} أي أرشدك إلى دين مستقيم فيه النجاة. {يا أبت لا تعبد الشيطان} أي لا تطعه فيما يأمرك به من الكفر، ومن أطاع شيئا في معصية فقد عبده. {إن الشيطان كان للرحمن عصيا }كان صلة زائدة وقيل بمعنى صار. وقيل بمعنى الحال أي هو للرحمن. وعصيا وعاص بمعنى واحد قال الكسائي{يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن} أي إن مت على ما أنت عليه. ويكون {أخاف} بمعنى أعلم. ويجوز أن يكون {أخاف} على بابها فيكون المعنى : إني أخاف أن تموت على كفرك فيمسك العذاب. {فتكون للشيطان وليا} أي قرينا في النار. {قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم} أي أترغب عنها إلى غيرها. {لئن لم تنته لأرجمنك} قال الحسن : يعني بالحجارة. الضحاك : بالقول؛ أي لأشتمنك. ابن عباس : لأضربنك. وقيل : لأظهرن أمرك. {واهجرني مليا} قال ابن عباس : أي اعتزلني سالم العرض لا يصيبك منى معرة؛ واختاره الطبري، فقوله{مليا} على هذا حال من إبراهيم. وقال الحسن ومجاهد{مليا} دهرا طويلا؛ ومنه قول المهلهل : فتصدعت صم الجبال لموته ** وبكت عليه المرملات مليا قال الكسائي : يقال هجرته مليا وملوة وملوة وملاوة وملاوة، فهو على هذا القول ظرف، وهو بمعنى الملاوة من الزمان، وهو الطويل منه.
يا أبت، لا تطع الشيطان فتعبد هذه الأصنام؛ إن الشيطان كان للرحمن مخالفًا مستكبرًا عن طاعة الله.
{ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ْ} لأن من عبد غير الله، فقد عبد الشيطان، كما قال تعالى: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ْ} { إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ْ} فمن اتبع خطواته، فقد اتخذه وليا وكان عاصيا لله بمنزلة الشيطان. وفي ذكر إضافة العصيان إلى اسم الرحمن، إشارة إلى أن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله، وتغلق عليه أبوابها،.كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته.
( يا أبت لا تعبد الشيطان ) لا تطعه فيما يزين لك من الكفر والشرك ( إن الشيطان كان للرحمن عصيا ) عاصيا " كان " بمعنى الحال أي : هو كذلك .
(يا أَبَتِ) تقدم إعرابها في الآية السابقة (لا) ناهية (تَعْبُدِ) مضارع مجزوم وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين وفاعله مستتر (الشَّيْطانَ) مفعوله به والجملة مقول القول (إِنَّ الشَّيْطانَ) إن واسمها والجملة مقول القول (كانَ) ماض ناقص والجملة خبر (لِلرَّحْمنِ) متعلقان بالخبر عصيا (عَصِيًّا) خبر
Traslation and Transliteration:
Ya abati la taAAbudi alshshaytana inna alshshaytana kana lilrrahmani AAasiyyan
O my father! Serve not the devil. Lo! the devil is a rebel unto the Beneficent.
Ata, Şeytan'a kulluk etme, şüphe yok ki Şeytan, rahmana asidir.
O mon père, n'adore pas le Diable, car le Diable désobéit au Tout Miséricordieux.
Mein Vater! Diene nicht dem Satan! Gewiß, der Satan war Dem Allgnade Erweisenden immer ein Widersacher!
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة مريم (Maryam - Mary) |
ترتيبها |
19 |
عدد آياتها |
98 |
عدد كلماتها |
972 |
عدد حروفها |
3835 |
معنى اسمها |
(مَرْيَمُ) ابْنةُ عِمْرَانَ: امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ عَابِدَةٌ، وَأُمُّ عِيسَى عليه السلام |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِطُولِ قِصَّةِ مَرْيَمَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (مَرْيَمَ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (كٓهيعٓصٓ) |
مقاصدها |
بَيَانُ عِنَايَةِ اللهِ تَعَالَى لِأَولِيَائِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، فَعَنِ ابْنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: فِي (بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطَهَ، وَالأنْبِيَاءِ) -«هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي». (رَوَاهُ البُخَارِيّ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (مَرْيَمَ) بِآخِرِهَا: حَدِيثُهَا عَنِ البِشَارَةِ لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ ...٧﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرۡنَٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِينَ ...٩٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (مَرْيَمَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الكَهْفِ): لَمَّا ذَكَرَتِ (الْكَهْفُ) أَعَاجِيبَ الْقَصَصِ تَلَتْهَا (مَرْيمُ) بِأَعْجَبِ قِصَّتَينِ؛ وِلَادَةُ يَحْيَى وَعِيسَى عليه السلام (1). |