«قال رب إني وهن» ضعف «العظم» جميعه «مني واشتعل الرأس» مني «شيبا» تمييز محوَّل عن الفاعل أي: انتشر الشيب في شعره كما ينتشر شعاع النار في الحطب وإني أريد أن أدعوك «ولم أكن بدعائك» أي: بدعائي إياك «ربّ شقيا» أي: خائبا فيما مضى فلا تخيبني فيما يأتي.
لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّ (96)
الود هو ثبات الحب ، أي سيجعل لهم الرحمن ثباتا في المحبة عند اللّه وفي قلوب عباده .
------------
(96) الفتوحات ج 2 /
337
( قال رب إني وهن العظم مني ) أي : ضعفت وخارت القوى ، ( واشتعل الرأس شيبا ) أي اضطرم المشيب في السواد ، كما قال ابن دريد في مقصورته :
إما ترى رأسي حاكي لونه طرة صبح تحت أذيال الدجى واشتعل المبيض في مسوده
مثل اشتعال النار في جمر الغضا
والمراد من هذا : الإخبار عن الضعف والكبر ، ودلائله الظاهرة والباطنة .
وقوله : ( ولم أكن بدعائك رب شقيا ) أي : ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء ، ولم تردني قط فيما سألتك .
قوله تعالى{قال رب إني وهن العظم مني}فيه مسألتان : الأولى: قوله تعالى:{قال رب إني وهن} قرئ {وهن} بالحركات الثلاث أي ضعف. يقال : وهن يهن وهنا إذا ضعف فهو واهن. وقال أبو زيد يقال : وهن يهن ووهن يوهن. وإنما ذكر العظم لأنه عمود البدن، وبه قوامه، وهو أصل بنائه، فإذا وهن تداعى وتساقط سائر قوته؛ ولأنه أشد ما فيه وأصلبه؛ فإذا وهن كان ما وراءه أوهن منه. ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام، وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن، ولو جمع لكان قصد إلى معنى آخر، وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها. الثانية: قوله تعالى{واشتعل الرأس شيبا} أدغم السين في الشين أبو عمرو. وهذا من أحسن الاستعارة في كلام العرب. والاشتعال انتشار شعاع النار؛ شبه به انتشار الشيب في الرأس؛ يقول : شخت وضعفت؛ وأضاف الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس. ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا عليه السلام. {وشيبا} في نصبه وجهان : أحدهما : أنه مصدر لأن معنى اشتعل شاب؛ وهذا قول الأخفش. وقال الزجاج : وهو منصوب على التمييز. النحاس : قول الأخفش أولى لأنه مشتق من فعل فالمصدر أولى به. والشيب مخالطة الشعر الأبيض الأسود. قال العلماء : يستحب للمرء أن يذكر في دعائه نعم الله تعالى عليه وما يليق بالخضوع؛ لأن قوله تعالى{وهن العظم مني} إظهار للخضوع. وقوله{ولم أكن بدعائك رب شقيا} إظهار لعادات تفضله في إجابته أدعيته؛ أي لم أكن بدعائي إياك شقيا؛ أي لم تكن تخيب دعائي إذا دعوتك؛ أي إنك عودتني الإجابة فيما مضى. يقال : شقي بكذا أي تعب فيه ولم يحصل مقصوده. وعن بعضهم أن محتاجا سأله وقال : أنا الذي أحسنت إليه في وقت كذا؛ فقال : مرحبا بمن توسل بنا إلينا؛ وقضى حاجته.
قال: رب إني كَبِرْتُ، وضعف عظمي، وانتشر الشيب في رأسي، ولم أكن من قبل محرومًا من إجابة الدعاء.
{ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ْ}
أي: وهى وضعف، وإذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ْ} لأن الشيب دليل الضعف والكبر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته.
{ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ْ} أي: لم تكن يا رب تردني خائبا ولا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا ولدعائي مجيبا، ولم تزل ألطافك تتوالى علي، وإحسانك واصلا إلي، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا.
( قال رب إني وهن ) ضعف ورق ( العظم مني ) من الكبر . قال قتادة : اشتكى سقوط الأضراس ( واشتعل الرأس ) أي : ابيض شعر الرأس ( شيبا ) شمطا ( ولم أكن بدعائك رب شقيا ) يقول : عودتني الإجابة فيما مضى ولم تخيبني .
وقيل : معناه لما دعوتني إلى الإيمان آمنت ولم أشق بترك الإيمان .
(قالَ) ماض فاعله مستتر والجملة مستأنفة (رَبِّ) منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء في محل جر بالإضافة (إِنِّي) إن واسمها (وَهَنَ الْعَظْمُ) ماض وفاعله والجملة خبر (مِنِّي) متعلقان بحال محذوفة (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ) الواو حرف عطف وماض وفاعله والجملة معطوفة (شَيْباً) تمييز (وَلَمْ) الواو عاطفة ولم حرف جازم (أَكُنْ) مضارع ناقص واسمها مستتر والجملة معطوفة (بِدُعائِكَ) متعلقان بالخبر شقيا (رَبِّ) منادى مضاف إلى الياء المحذوفة منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم (شَقِيًّا) خبر أكن
Traslation and Transliteration:
Qala rabbi innee wahana alAAathmu minnee waishtaAAala alrrasu shayban walam akun biduAAaika rabbi shaqiyyan
Saying: My Lord! Lo! the bones of me wax feeble and my head is shining with grey hair, and I have never been unblest in prayer to Thee, my Lord.
Demişti ki: Rabbim, kemiklerim bile incelip zayıfladı, saçımsakalım ağardı, parılparıl parlamada başım sanki ve sana ne dua etmişsem mahrum olmadım ben.
et dit: «O mon Seigneur, mes os sont affaiblis et ma tête s'est enflammée de cheveux blancs. [Cependant], je n'ai jamais été malheureux [déçu] en te priant, ô mon Seigneur.
Er sagte: "HERR! Gewiß, mir liegt die Schwäche in den Knochen und mein Kopf ist voll grauer Haare. Doch nie war ich mit dem Bittgebet zu Dir - HERR! erfolglos.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة مريم (Maryam - Mary) |
ترتيبها |
19 |
عدد آياتها |
98 |
عدد كلماتها |
972 |
عدد حروفها |
3835 |
معنى اسمها |
(مَرْيَمُ) ابْنةُ عِمْرَانَ: امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ عَابِدَةٌ، وَأُمُّ عِيسَى عليه السلام |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِطُولِ قِصَّةِ مَرْيَمَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (مَرْيَمَ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (كٓهيعٓصٓ) |
مقاصدها |
بَيَانُ عِنَايَةِ اللهِ تَعَالَى لِأَولِيَائِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، فَعَنِ ابْنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: فِي (بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطَهَ، وَالأنْبِيَاءِ) -«هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي». (رَوَاهُ البُخَارِيّ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (مَرْيَمَ) بِآخِرِهَا: حَدِيثُهَا عَنِ البِشَارَةِ لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ ...٧﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرۡنَٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِينَ ...٩٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (مَرْيَمَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الكَهْفِ): لَمَّا ذَكَرَتِ (الْكَهْفُ) أَعَاجِيبَ الْقَصَصِ تَلَتْهَا (مَرْيمُ) بِأَعْجَبِ قِصَّتَينِ؛ وِلَادَةُ يَحْيَى وَعِيسَى عليه السلام (1). |