المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النحل: [الآية 41]
سورة النحل | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
[ الفرق بين الوارث المحمدي وباقي ورثة الأنبياء عليهم السلام ]
-الوجه الأول -من جمع الإحسان والتقوى كان اللّه معه ، ومن أحسن إلى نفسه بأداء الزكاة كان متقيا أذى شح نفسه فهو من المتقين ، ومن المحسنين من يعبد اللّه كأنه يراه ويشهده ، ومن شهوده للحق علمه بأنه ما كلفه التصرف إلا فيما هو للحق وتعود منفعته على العبد ، منة وفضلا ، مع الثناء الحسن له على ذلك ، فإن عمل ما كلفه اللّه به لا يعود على اللّه من ذلك نفع ، وإن لم يعمل لا يتضرر بذلك ، والكل يعود على العبد ، فالزم الأحسن إليك تكن محسنا إلى نفسك
- الوجه الثاني -إن اللّه مع المحسنين كما هو مع المتقين ، والإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان .
(17) سورة الإسراء مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(128) الفتوحات ج 1 / 549 - ج 4 / 360تفسير ابن كثير:
خبر تعالى عن جزائه للمهاجرين في سبيله ابتغاء مرضاته ، الذين فارقوا الدار والإخوان والخلان رجاء ثواب الله وجزائه .
ويحتمل أن يكون سبب نزول هذه الآية الكريمة في مهاجرة الحبشة الذين اشتد أذى قومهم لهم بمكة ، حتى خرجوا من بين أظهرهم إلى بلاد الحبشة ، ليتمكنوا من عبادة ربهم ، ومن أشرافهم : عثمان بن عفان ، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وجعفر بن أبي طالب ، ابن عم الرسول وأبو سلمة بن عبد الأسد في جماعة قريب من ثمانين ، ما بين رجل وامرأة ، صديق وصديقة ، رضي الله عنهم وأرضاهم . وقد فعل فوعدهم تعالى بالمجازاة الحسنة في الدنيا والآخرة فقال : ( لنبوئنهم في الدنيا حسنة ) قال ابن عباس والشعبي ، وقتادة : المدينة . وقيل : الرزق الطيب ، قاله مجاهد .
ولا منافاة بين القولين ، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم الله خيرا منها في الدنيا ، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله بما هو خير له منه وكذلك وقع فإنهم مكن الله لهم في البلاد وحكمهم على رقاب العباد ، فصاروا أمراء حكاما ، وكل منهم للمتقين إماما ، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا ، فقال : ( ولأجر الآخرة أكبر ) أي : مما أعطيناهم في الدنيا ( لو كانوا يعلمون ) أي : لو كان المتخلفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادخر الله لمن أطاعه واتبع رسوله ; ولهذا قال هشيم ، عن العوام ، عمن حدثه أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه يقول : خذ بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله في الدنيا ، وما ادخر لك في الآخرة أفضل ، ثم قرأ هذه الآية : ( لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يخبر تعالى بفضل المؤمنين الممتحنين { الَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ ْ} أي: في سبيله وابتغاء مرضاته { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ْ} بالأذية والمحنة من قومهم، الذين يفتنونهم ليردوهم إلى الكفر والشرك، فتركوا الأوطان والخلان، وانتقلوا عنها لأجل طاعة الرحمن، فذكر لهم ثوابين: ثوابا عاجلا في الدنيا من الرزق الواسع والعيش الهنيء، الذي رأوه عيانا بعد ما هاجروا، وانتصروا على أعدائهم، وافتتحوا البلدان وغنموا منها الغنائم العظيمة، فتمولوا وآتاهم الله في الدنيا حسنة.
{ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ ْ} الذي وعدهم الله على لسان رسوله { أَكْبَرُ ْ} من أجر الدنيا، كما قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ْ} وقوله: { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ْ} أي: لو كان لهم علم ويقين بما عند الله من الأجر والثواب لمن آمن به وهاجر في سبيله لم يتخلف عن ذلك أحد.
تفسير البغوي
قوله تعالى ( والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ) عذبوا وأوذوا في الله .
نزلت في بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار ، وعابس ، وجبر ، وأبي جندل بن سهيل ، أخذهم المشركون بمكة فعذبوهم .
وقال قتادة : هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ظلمهم أهل مكة ، وأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة ، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة ، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين .
( لنبوئنهم في الدنيا حسنة ) وهو أنه أنزلهم المدينة .
روي عن عمر بن الخطاب كان إذا أعطى الرجل [ من المهاجرين ] عطاء يقول : خذ بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله في الدنيا ، وما ادخر لك في الآخرة أفضل ، ثم تلا هذه الآية .
وقيل : معناه لنحسنن إليهم في الدنيا .
وقيل : الحسنة في الدنيا التوفيق والهداية .
( ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) وقوله : " لو كانوا يعلمون " ، ينصرف إلى المشركين لأن المؤمنين كانوا يعلمونه .
الإعراب:
(وَالَّذِينَ) الواو استئنافية والذين موصول مبتدأ (هاجَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (فِي اللَّهِ) لفظ الجلالة مجرور بفي متعلقان بهاجروا (مِنْ بَعْدِ) متعلقان بحال محذوفة (ما) المصدرية (ظُلِمُوا) ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة في تأويل مصدر مضاف إلى بعد (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) اللام واقعة في جواب قسم محذوف ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وفاعله مستتر والهاء مفعوله الأول والجملة المؤلفة من القسم وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ الذين (فِي الدُّنْيا) متعلقان بنبوئنهم (حَسَنَةً) مفعول به ثان (وَلَأَجْرُ) الواو استئنافية واللام لام الابتداء وأجر مبتدأ (الْآخِرَةِ) مضاف إليه (أَكْبَرُ) خبر والجملة مستأنفة (لَوْ) أداة شرط غير جازمة (كانُوا) كان واسمها والجملة لا محل لها لأنها ابتدائية (يَعْلَمُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر كانوا وجواب لو محذوف