المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة ابراهيم: [الآية 9]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة ابراهيم | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (51) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)
[ «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» ]
-الوجه الأول - «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» فهو بلاغ للإنسان من كونه من الناس «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» من كونه على قدم غرور وخطر فيحذرو «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ»
أي بفعل ما يريد ما ثمّ آخر يرده عن إرادته فيك ويصده «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ»
بما أشهدهم على نفسه أنه ربه ، ليقوم بما يجب على المملوك في حق سيده الذي أقر له بالملك ، فإن التذكر لا يكون إلا عن علم متقدم منسي ، فيذكره من يعلم ذلك ، فالقرآن بلاغ من وجه وإنذار من وجه وإعلام من وجه وتذكرة لما نسيه من وجه ، والمخاطب بهذا كله واحد العين وهو الإنسان
- الوجه الثاني -ميز اللّه بين طبقات العالم ليعلموا أن اللّه قد رفع بعضهم فوق بعض درجات فقال : «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» يريد طائفة مخصوصة لا يعقلون منه سوى أنه بلاغ ، يسمعون حروفه إيمانا بها أنها من عند اللّه لا يعرفون غير ذلك «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب ، وأراد بالعلم هنا الإيمان ، وهو الذي يعول عليه في السعادة ، فإن اللّه به أمر ،
وسميناه علما لكون المخبر هو اللّه فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وقال تعالى : «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ» في حق طائفة أخرى وهم العلماء باللّه وبالأمر على ما هو عليه ، فيتذكر أرباب العقول ما كانوا قد علموه قبل ، أي ما جاءوا بما تحيله الأدلة الغامض إدراكها ،
فإنها لب الدلالات ، والقرآن واحد في نفسه ، تكون الآية منه تذكرة لذي اللب ، وتوحيدا لطالب العلم بتوحيده ، وإنذارا للمترقب الحذر ، وبلاغا للسامع ليحصل له أجر السماع ، كالأعجمي الذي لا يفهم اللسان ، فيسمع
فيعظم كلام اللّه من حيث نسبته إلى اللّه ، ولا يعرف معنى ذلك اللفظ حتى يشرح له بلسانه ويترجم له عنه .
(15) سورة الحجر مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(51) الفتوحات ج 4 / 268 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 85 - ج 1 / 326 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 544تفسير ابن كثير:
قال ابن جرير : هذا من تمام قيل موسى لقومه .
يعني : تذكاره إياهم بأيام الله ، بانتقامه من الأمم المكذبة للرسل .
وفيما قال ابن جرير نظر; والظاهر أنه خبر مستأنف من الله تعالى لهذه الأمة ، فإنه قد قيل : إن قصة عاد وثمود ليست في التوراة ، فلو كان هذا من كلام موسى لقومه وقصه عليهم ذلك فلا شك أن تكون هاتان القصتان في " التوراة " ، والله أعلم . وبالجملة فالله تعالى قد قص علينا خبر قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم المكذبة للرسل ، مما لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل أتتهم رسلهم بالبينات ، أي : بالحجج والدلائل الواضحات الباهرات القاطعات .
وقال ابن إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله أنه قال في قوله : ( لا يعلمهم إلا الله ) كذب النسابون .
وقال عروة بن الزبير : ما وجدنا أحدا يعرف ما بعد معد بن عدنان .
وقوله : ( فردوا أيديهم في أفواههم ) اختلف المفسرون في معناه ، فقيل : معناه : أنهم أشاروا إلى أفواه الرسل يأمرونهم بالسكوت عنهم ، لما دعوهم إلى الله ، عز وجل .
وقيل : بل وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيبا لهم .
وقيل : بل هو عبارة عن سكوتهم عن جواب الرسل .
وقال مجاهد ، ومحمد بن كعب ، وقتادة : معناه أنهم كذبوهم وردوا عليهم قولهم بأفواههم .
قال ابن جرير : وتوجيهه أن " في " هاهنا بمعنى " الباء " ، قال : وقد سمع من العرب : " أدخلك الله بالجنة " يعنون : في الجنة ، وقال الشاعر :
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه عن سنبس لست أرغب
يريد : أرغب بها .
قلت : ويؤيد قول مجاهد تفسير ذلك بتمام الكلام : ( وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ) فكأن هذا [ والله أعلم ] تفسير لمعنى رد أيديهم في أفواههم .
وقال سفيان الثوري ، وإسرائيل ، عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله : ( فردوا أيديهم في أفواههم ) قال : عضوا عليها غيظا .
وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، أبي هبيرة ابن مريم ، عن عبد الله أنه قال ذلك أيضا . وقد اختاره عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ووجهه ابن جرير مختارا له ، بقوله تعالى عن المنافقين : ( وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) [ آل عمران : 119 ] .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ، ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم .
وقالوا : ( إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ) يقولون : لا نصدقكم فيما جئتم به; فإن عندنا فيه شكا قويا .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يقول تعالى مخوفا عباده ما أحله بالأمم المكذبة حين جاءتهم الرسل، فكذبوهم، فعاقبهم بالعقاب العاجل الذي رآه الناس وسمعوه فقال: ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ) وقد ذكر الله قصصهم في كتابه وبسطها، ( وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ ) من كثرتهم وكون أخبارهم اندرست.
فهؤلاء كلهم ( جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) أي: بالأدلة الدالة على صدق ما جاءوا به، فلم يرسل الله رسولا إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، فحين أتتهم رسلهم بالبينات لم ينقادوا لها بل استكبروا عنها، ( فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ) أي: لم يؤمنوا بما جاءوا به ولم يتفوهوا بشيء مما يدل على الإيمان كقوله يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ
( وَقَالُوا ) صريحا لرسلهم: ( إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) أي: موقع في الريبة، وقد كذبوا في ذلك وظلموا.
تفسير البغوي
( ألم يأتكم نبأ الذين ) خبر الذين ( من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله ) يعني : من كان بعد قوم نوح ، وعاد ، وثمود .
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ثم قال : كذب النسابون .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : بين إبراهيم وبين عدنان ثلاثون قرنا لا يعلمهم إلا الله تعالى .
وكان مالك بن أنس يكره أن ينسب الإنسان نفسه أبا إلى آدم ، وكذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعلم أولئك الآباء أحد إلا الله عز وجل .
( جاءتهم رسلهم بالبينات ) بالدلالات الواضحات ( فردوا أيديهم في أفواههم ) قال ابن مسعود : عضوا على أيديهم غيظا كما قال ( عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) ( آل عمران - 119 ) .
قال ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم .
قال مجاهد ، وقتادة : كذبوا الرسل وردوا ما جاءوا به ، يقال : رددت قول فلان في فيه أي كذبته .
وقال الكلبي : يعني أن الأمم ردوا أيديهم في أفواه أنفسهم ، أي : وضعوا الأيدي على الأفواه إشارة إلى الرسل أن اسكتوا .
وقال مقاتل : فردوا أيديهم على أفواه الرسل يسكتونهم بذلك .
وقيل : الأيدي بمعنى النعم . معناه : ردوا ما لو قبلوا كانت أيادي ونعما في أفواههم ، أي : بأفواههم ، يعني بألسنتهم .
( وقالوا ) يعني الأمم للرسل ( إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ) موجب للريبة موقع للتهمة .
الإعراب:
(أَلَمْ) الهمزة للاستفهام ولم حرف جازم (يَأْتِكُمْ) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة والكاف مفعوله والميم للجمع (نَبَؤُا) فاعل والجملة مستأنفة (الَّذِينَ) موصول مضاف إليه (مِنْ قَبْلِكُمْ) متعلقان بالصلة المحذوفة (قَوْمِ) بدل مجرور من الذين (نُوحٍ) مضاف إليه (وَعادٍ) معطوف على نوح (وَثَمُودَ) معطوف مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف (وَالَّذِينَ) اسم موصول مبتدأ (مِنْ بَعْدِهِمْ) متعلقان بالخبر والجملة معطوفة (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ) لا نافية ومضارع والهاء مفعوله وإلا أداة حصر ولفظ الجلالة فاعل والجملة لا محل لها لأنها جملة اعتراضية (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) ماض ومفعوله وفاعله والهاء مضاف إليه (بِالْبَيِّناتِ) متعلقان بجاءتهم والجملة استئنافية (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ) ماض وفاعله ومفعوله والهاء مضاف إليه والجملة معطوفة (فِي أَفْواهِهِمْ) متعلقان بردوا (وَقالُوا) ماض وفاعله والجملة معطوفة (إِنَّا) إن واسمها والجملة مقول القول (كَفَرْنا) ماض وفاعله والجملة خبر إن (بِما) ما موصولية ومتعلقان بكفرنا (أُرْسِلْتُمْ) ماض مبني للمجهول والتاء نائب فاعل والجملة صلة (بِهِ) متعلقان بأرسلتم (وَإِنَّا) إن واسمها والجملة معطوفة (لَفِي شَكٍّ) اللام المزحلقة ومتعلقان بالخبر المحذوف (مِمَّا) من وما الموصولية متعلقان بشك (تَدْعُونَنا) مضارع وفاعله ومفعوله والجملة صلة (إِلَيْهِ) متعلقان بتدعوننا (مُرِيبٍ) صفة لشك.