«يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه» اطلبوا خبرهما «ولا تيأسوا» تقنطوا «من روح الله» رحمته «إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» فانطلقوا نحو مصر ليوسف.
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْ فَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
اعلم أن جميع هذا القصص إنما هو قناطر وجسور موضوعة نعبر عليها إلى ذواتنا وأحوالنا المختصة بنا ، فإن فيها منفعتنا ، إذ كان اللّه نصبها لنا معبرا ، لذلك قال تعالى «لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ» فإن اللب يحجب بصورة القشر ، فلا يعلم اللب إلا من علم أن ثم لبا ، ولولا ذلك ما كسر القشر ، فيكون هذا القصص يذكرك بما فيك «ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .
(13) سورة الرّعد مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(111) كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار - الفتوحات ج 3 /
471 - كتاب الإسفار
يقول تعالى مخبرا عن يعقوب ، عليه السلام ، إنه ندب بنيه على الذهاب في الأرض ، يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين .
والتحسس يكون في الخير ، والتجسس يستعمل في الشر .
ونهضهم وبشرهم وأمرهم ألا ييأسوا من روح الله ، أي : لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه فإنه لا يقطع الرجاء ، ويقطع الإياس من الله إلا القوم الكافرون .
قوله تعالى {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه} هذا يدل على أنه تيقن حياته؛ إما بالرؤيا، وإما بإنطاق الله تعالى الذئب كما في أول القصة، وإما بإخبار ملك الموت إياه بأنه لم يقبض روحه؛ وهو أظهر. والتحسس طلب الشيء بالحواس؛ فهو تفعل من الحس، أي اذهبوا إلى هذا الذي طلب منكم أخاكم، واحتال عليكم في أخذه فاسألوا عنه وعن مذهبه. ويروى أن ملك الموت قال له : اطلبه من هاهنا! وأشار إلى ناحية مصر. وقيل : إن يعقوب تنبه على يوسف برد البضاعة، واحتباس أخيه، وإظهار الكرامة؛ فلذلك وجههم إلى جهة مصر دون غيرها. {ولا تيأسوا من روح الله} أي لا تقنطوا من فرج الله؛ قال ابن زيد: يريد أن المؤمن يرجو فرج الله، والكافر يقنط في الشدة. وقال قتادة والضحاك : من رحمة الله. {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} دليل على أن القنوط من الكبائر، وهو اليأس في [الزمر] بيانه إن شاء الله تعالى.
قال يعقوب: يا أبنائي عودوا إلى "مصر" فاستقصوا أخبار يوسف وأخيه، ولا تقطعوا رجاءكم من رحمة الله، إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته، الكافرون به.
أي: قال يعقوب عليه السلام لبنيه: { يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ } أي: احرصوا واجتهدوا على التفتيش عنهما { وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ } فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه، والإياس: يوجب له التثاقل والتباطؤ، وأولى ما رجا العباد، فضل الله وإحسانه ورحمته وروحه، { إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } فإنهم لكفرهم يستبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبهوا بالكافرين.
قوله عز وجل : ( يا بني اذهبوا فتحسسوا ) تخبروا واطلبوا الخبر ( من يوسف وأخيه ) والتحسس بالحاء والجيم لا يبعد أحدهما من الآخر ، إلا أن التحسس بالحاء في الخير وبالجيم في الشر والتحسس هو طلب الشيء بالحاسة . قال ابن عباس : معناه التمسوا ( ولا تيئسوا ) ولا تقنطوا ( من روح الله ) أي : من رحمة الله ، وقيل : من فرج الله . ( إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ).
(يا) أداة نداء: (بَنِيَّ) منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للإضافة والجملة مقول القول: (اذْهَبُوا) أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والجملة مقول القول: (فَتَحَسَّسُوا) الفاء عاطفة وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله والجملة معطوفة: (مِنْ يُوسُفَ) يوسف مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف متعلقان بتحسسوا: (وَأَخِيهِ) معطوفة على يوسف مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة والهاء مضاف إليه: (وَلا) الواو عاطفة ولا ناهية: (تَيْأَسُوا) مضارع مجزوم بلا الناهية بحذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة: (مِنْ رَوْحِ) متعلقان بتيأسوا والرّوح هو الفرج: (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه: (إِنَّهُ) إن واسمها: (لا يَيْأَسُ) لا نافية ومضارع مرفوع بالضمة الظاهرة: (مِنْ رَوْحِ) متعلقان بييئس: (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه: (إِلَّا) أداة حصر: (الْقَوْمُ) فاعل مؤخر: (الْكافِرُونَ) صفة القوم مرفوع مثلها بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة خبر إنه وجملة إن إلخ تعليلية لا محل لها من الإعراب.
Traslation and Transliteration:
Ya baniyya ithhaboo fatahassasoo min yoosufa waakheehi wala tayasoo min rawhi Allahi innahu la yayasu min rawhi Allahi illa alqawmu alkafiroona
Go, O my sons, and ascertain concerning Joseph and his brother, and despair not of the Spirit of Allah. Lo! none despaireth of the Spirit of Allah save disbelieving folk.
Oğullarım dedi, gidin, Yusuf'la kardeşinden bir haber getirin ve Allah'ın rahmetinden ümit kesmeyin; çünkü kafir olan topluluktan başka kimsecikler, Allah'ın rahmetinden ümit kesmez.
O mes fils! Partez et enquérez-vous de Joseph et de son frère. Et ne désespérez pas de la miséricorde d'Allah. Ce sont seulement les gens mécréants qui désespèrent de la miséricorde d'Allah».
Meine Söhne! Geht und erkundigt euch nach Yusuf und seinem Bruder und verzweifelt nicht an den Ruhh von ALLAH, denn es zweifeln an den Ruhh von ALLAH nur die Kafir-Leute."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة يوسف (Yusuf - Joseph) |
ترتيبها |
12 |
عدد آياتها |
111 |
عدد كلماتها |
1795 |
عدد حروفها |
7125 |
معنى اسمها |
(يُوسُفُ عليه السلام): هُوَ نَبِيُّ اللهِ يُوسُفُ بِنُ يعقُوبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، ابنُ ثلاثةِ أنْبِيَاءَ، ويُوصَفُ بأنَّه الكَريمُ ابنُ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ |
سبب تسميتها |
أنَّ السُّورةَ كُلَّهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ قِصَّةِ (يُوسُفَ عليه السلام)؛ فَسُمِّيَت بِهِ |
أسماؤها الأخرى |
لَا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) |
مقاصدها |
ذِكْرُ قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام كَامِلَةً لِتَكُونَ زَادًا لِلدُّعَاةِ إِلى اللهِ تَعَالَى |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، فَعَنْ سَعدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُنزِل القرآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَتَلَا عَلَيهِم زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: لَو قَصَصْتَ عَلَينَا، فَأنزَلَ اللهُ: ﴿الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابنُ حِبَّان) |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) بِآخِرِهَا:
الحَدِيثُ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام وَأَهَمِيَّتِها، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ ...٣﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ ...١١١﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (هُودٍ عليه السلام):
خَاطَبَ اللهُ النَّبِيَّ ﷺ فِي أَوَاخِرِ (هُودٍعليه السلام): فَقَالَ: ﴿وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ ...١٢٠﴾، فَكَانَ مِمَّا ثَبَّتَ بِهِ فُؤَادَهُ ﷺ قِصَّةُ (يُوسُفَ عليه السلام)؛ فَقَالَ: ﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ ...٣﴾. |