«فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا منع منا الكيل» إن لم ترسل أخانا إليه «فأرسل معنا أخانا نكتل» بالنون والياء «وإنا له لحافظون».
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْ فَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
اعلم أن جميع هذا القصص إنما هو قناطر وجسور موضوعة نعبر عليها إلى ذواتنا وأحوالنا المختصة بنا ، فإن فيها منفعتنا ، إذ كان اللّه نصبها لنا معبرا ، لذلك قال تعالى «لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ» فإن اللب يحجب بصورة القشر ، فلا يعلم اللب إلا من علم أن ثم لبا ، ولولا ذلك ما كسر القشر ، فيكون هذا القصص يذكرك بما فيك «ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .
(13) سورة الرّعد مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(111) كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار - الفتوحات ج 3 /
471 - كتاب الإسفار
يخبر تعالى عنهم إنهم رجعوا إلى أبيهم ( قالوا ياأبانا منع منا الكيل ) يعنون بعد هذه المرة ، إن لم ترسل معنا أخانا بنيامين ، فأرسله معنا نكتل .
وقرأ بعضهم : [ يكتل ] بالياء ، أي يكتل هو ، ( وإنا له لحافظون ) أي : لا تخف عليه فإنه سيرجع إليك . وهذا كما قالوا له في يوسف : ( أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون )
قوله تعالى {فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل} لأنه قال لهم {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي} وأخبروه بما كان من أمرهم وإكرامهم إياه، وأن شمعون مرتهن حتى يعلم صدق قولهم {فأرسل معنا أخانا نكتل} أي قالوا عند ذلك {فأرسل معنا أخانا نكتل} والأصل نكتال؛ فحذفت الضمة من اللام للجزم، وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. وقراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم {نكتل} بالنون وقرأ سائر الكوفيين {يكتل} بالياء؛ والأول اختيار أبي عبيد، ليكونوا كلهم داخلين فيمن يكتال؛ وزعم أنه إذا كان بالياء كان للأخ وحده. قال النحاس : وهذا لا يلزم؛ لأنه لا يخلو الكلام من أحد جهتين؛ أن يكون المعنى : فأرسل أخانا يكتل معنا؛ فيكون للجميع، أو يكون التقدير على غير التقديم والتأخير؛ فيكون في الكلام دليل على الجميع، لقوله {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي}. {وإنا له لحافظون} من أن يناله سوء. قوله تعالى {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل} أي قد فرطتم في يوسف فكيف آمنكم على أخيه!. {فالله خير حفظا} نصب على البيان، وهذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم. وقرأ سائر الكوفيين {حافظا} على الحال. وقال الزجاج: على البيان؛ وفي هذا دليل على أنه أجابهم إلى إرسال معهم؛ ومعنى الآية: حفظ الله له خير من حفظكم إياه. قال كعب الأحبار: لما قال يعقوب {فالله خير حافظا} قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لأردن عليك ابنيك كليهما بعدما توكلت عليَّ. قوله تعالى {ولما فتحوا متاعهم} الآية ليس فيها معنى يشكل. {ما نبغي} {ما} استفهام في موضع نصب؛ والمعنى: أي شيء نطلب وراء هذا؟! وفي لنا الكيل، ورد علينا الثمن؛ أرادوا بذلك أن يطيبوا نفس أبيهم. وقيل: هي نافية؛ أي لا نبغي منك دراهم ولا بضاعة، بل تكفينا بضاعتنا هذه التي ردت إلينا. وروي عن علقمة {ردت إلينا} بكسر الراء؛ لأن الأصل، رددت؛ فلما أدغم قلبت حركة الدال على الراء. وقوله {ونمير أهلنا} أي نجلب لهم الطعام؛ قال الشاعر: بعثتك مائرا فمكثت حولا ** متى يأتي غياثك من تغيث وقرأ السلمي بضم النون، أي نعينهم على الميرة. {ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير} أي حمل بعير لبنيامين.
فلما رجعوا إلى أبيهم قصُّوا عليه ما كان من إكرام العزيز لهم، وقالوا: إنه لن يعطينا مستقبَلا إلا إذا كان معنا أخونا الذي أخبرناه به، فأرسلْه معنا نحضر الطعام وافيًا، ونتعهد لك بحفظه.
{ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ } أي: إن لم ترسل معنا أخانا، { فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ } أي: ليكون ذلك سببا لكيلنا، ثم التزموا له بحفظه، فقالوا: { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } من أن يعرض له ما يكره.
فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا ) إنا قدمنا على خير رجل ، أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من أولاد يعقوب ما أكرمنا كرامته ، فقال لهم يعقوب : إذا أتيتم ملك مصر فأقرئوه مني السلام ، وقولوا له : إن أبانا يصلي عليك ويدعو لك بما أوليتنا ، ثم قال : أين شمعون ؟ قالوا : ارتهنه ملك مصر وأخبروه بالقصة ، فقال لهم : ولم أخبرتموه ؟ قالوا : إنه أخذنا ، وقال أنتم جواسيس - حيث كلمناه بلسان العبرانية - وقصوا عليه القصة ، وقالوا يا أبانا :
( منع منا الكيل ) [ قال الحسن : معناه يمنع منا الكيل ] إن لم تحمل أخانا معنا .
وقيل : معناه أعطى باسم كل واحد حملا ومنع منا الكيل لبنيامين والمراد بالكيل : الطعام ، لأنه يكال .
( فأرسل معنا أخانا ) بنيامين ( نكتل ) قرأ حمزة ، والكسائي : ( يكتل ) بالياء ، يعني : يكتل لنفسه كما نحن نكتال ، [ وقرأ الآخرون : ( نكتل ) بالنون ، يعني : نكتل نحن ] وهو الطعام . وقيل : نكتل له ( وإنا له لحافظون ) .
(فَلَمَّا) الفاء عاطفة ولما الحينية (رَجَعُوا) ماض وفاعله والجملة مضاف إليه (إِلى أَبِيهِمْ) إلى حرف جر أبي اسم مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة والهاء مضاف إليه متعلقان برجعوا والجملة معطوفة على ما سبق (قالُوا) ماض وفاعله والجملة لا محل لها من الإعراب (يا) نداء (أَبانا) منادى منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ونا مضاف إليه والجملة مقول القول (مُنِعَ) ماض مبني للمجهول (مِنَّا) متعلقان بالفعل (الْكَيْلُ) نائب فاعل والجملة كسابقتها (فَأَرْسِلْ) الفاء الفصيحة والجملة لا محل لها لأنها وقعت جواب شرط غير جازم (مَعَنا) ظرف مكان متعلق بالفعل ونا مضاف إليه (أَخانا) مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ونا مضاف إليه (نَكْتَلْ) مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وفاعله مستتر (وَإِنَّا) الواو حالية وإن واسمها (لَهُ) متعلقان بالخبر (لَحافِظُونَ) اللام المزحلقة وحافظون خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة في محل نصب على الحال
Traslation and Transliteration:
Falamma rajaAAoo ila abeehim qaloo ya abana muniAAa minna alkaylu faarsil maAAana akhana naktal wainna lahu lahafithoona
So when they went back to their father they said: O our father! The measure is denied us, so send with us our brother that we may obtain the measure, surely we will guard him well.
Dönüp babalarına varınca baba dediler, bize artık zahire verilmeyecek, kardeşimizi de bizimle gönder de zahire alalım ve şüphe yok ki biz, onu iyice koruruz.
Et lorsqu'ils revinrent à leur père, ils dirent: «O notre père, il nous sera refusé [à l'avenir] de nous ravitailler [en grain]. Envoie donc avec nous notre frère, afin que nous obtenions des provisions. Nous le surveillerons bien».
Und nachdem sie zu ihrem Vater zurückgekehrt waren, sagten sie: "Unser Vater! Die weitere Zumessung wurde uns verweigert, so schicke mit uns unseren Bruder, damit wir Zumessung erhalten. Gewiß, wir werden auf ihn doch achten."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة يوسف (Yusuf - Joseph) |
ترتيبها |
12 |
عدد آياتها |
111 |
عدد كلماتها |
1795 |
عدد حروفها |
7125 |
معنى اسمها |
(يُوسُفُ عليه السلام): هُوَ نَبِيُّ اللهِ يُوسُفُ بِنُ يعقُوبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، ابنُ ثلاثةِ أنْبِيَاءَ، ويُوصَفُ بأنَّه الكَريمُ ابنُ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ |
سبب تسميتها |
أنَّ السُّورةَ كُلَّهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ قِصَّةِ (يُوسُفَ عليه السلام)؛ فَسُمِّيَت بِهِ |
أسماؤها الأخرى |
لَا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) |
مقاصدها |
ذِكْرُ قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام كَامِلَةً لِتَكُونَ زَادًا لِلدُّعَاةِ إِلى اللهِ تَعَالَى |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، فَعَنْ سَعدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُنزِل القرآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَتَلَا عَلَيهِم زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: لَو قَصَصْتَ عَلَينَا، فَأنزَلَ اللهُ: ﴿الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابنُ حِبَّان) |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) بِآخِرِهَا:
الحَدِيثُ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام وَأَهَمِيَّتِها، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ ...٣﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ ...١١١﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (هُودٍ عليه السلام):
خَاطَبَ اللهُ النَّبِيَّ ﷺ فِي أَوَاخِرِ (هُودٍعليه السلام): فَقَالَ: ﴿وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ ...١٢٠﴾، فَكَانَ مِمَّا ثَبَّتَ بِهِ فُؤَادَهُ ﷺ قِصَّةُ (يُوسُفَ عليه السلام)؛ فَقَالَ: ﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ ...٣﴾. |