«وكذلك» كما رأيت «يجتبيك» يختارك «ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث» تعبير الرؤيا «ويتم نعمته عليك» بالنبوة «وعلى آل يعقوب» أولاده «كما أتمها» بالنبوة «على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم» بخلقه «حكيم» في صنعه بهم.
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْ فَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
اعلم أن جميع هذا القصص إنما هو قناطر وجسور موضوعة نعبر عليها إلى ذواتنا وأحوالنا المختصة بنا ، فإن فيها منفعتنا ، إذ كان اللّه نصبها لنا معبرا ، لذلك قال تعالى «لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ» فإن اللب يحجب بصورة القشر ، فلا يعلم اللب إلا من علم أن ثم لبا ، ولولا ذلك ما كسر القشر ، فيكون هذا القصص يذكرك بما فيك «ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .
(13) سورة الرّعد مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(111) كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار - الفتوحات ج 3 /
471 - كتاب الإسفار
يقول تعالى مخبرا عن قول يعقوب لولده يوسف : إنه كما اختارك ربك ، وأراك هذه الكواكب مع الشمس والقمر ساجدة لك ، ( وكذلك يجتبيك ربك ) أي : يختارك ويصطفيك لنبوته ، ( ويعلمك من تأويل الأحاديث ) قال مجاهد وغير واحد : يعني تعبير الرؤيا .
( ويتم نعمته عليك ) أي : بإرسالك والإيحاء إليك; ولهذا قال : ( كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم ) وهو الخليل ، ) وإسحاق ) ولده ، وهو الذبيح في قول ، وليس بالرجيح ، ( إن ربك عليم حكيم ) أي : [ هو ] أعلم حيث يجعل رسالاته ، كما قال في الآية الأخرى .
قوله تعالى{وكذلك يجتبيك ربك} الكاف في موضع نصب؛ لأنها نعت لمصدر محذوف، وكذلك الكاف في قوله{كما أتمها على أبويك من قبل} و{ما} كافة. وقيل{وكذلك} أي كما أكرمك بالرؤيا فكذلك يجتبيك، ويحسن إليك بتحقيق الرؤيا. قال مقاتل : بالسجود لك. الحسن : بالنبوة. والاجتباء اختيار معالي الأمور للمجتبى، وأصله من جبيت الشيء أي حصلته، ومنه جبيت الماء في الحوض؛ قال النحاس. وهذا ثناء من الله تعالى على يوسف عليه السلام، وتعديد فيما عدده عليه من النعم التي آتاه الله تعالى؛ من التمكين في الأرض، وتعليم تأويل الأحاديث؛ وأجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا. قال عبدالله بن شداد بن الهاد : كان تفسير رؤيا يوسف صلى الله عليه وسلم بعد أربعين سنة؛ وذلك منتهى الرؤيا. وعنى بالأحاديث ما يراه الناس في المنام، وهي معجزة له؛ فإنه لم يلحقه فيها خطأ. وكان يوسف عليه السلام أعلم الناس بتأويلها، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم نحو ذلك، وكان الصديق رضي الله عنه من أعبر الناس لها، وحصل لابن سيرين فيها التقدم العظيم، والطبع والإحسان، ونحوه أو قريب منه كان سعيد بن المسيب فيما ذكروا. وقد قيل في تأويل قوله {ويعلمك من تأويل الأحاديث} أي أحاديث الأمم والكتب ودلائل التوحيد، فهو إشارة إلى النبوة، وهو المقصود بقوله{ويتم نعمته عليك} أي بالنبوة. وقيل : بإخراج إخوتك، إليك؛ وقيل : بإنجائك من كل مكروه. {كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم} بالخلة، وإنجائه من النار. {وإسحاق} بالنبوة. وقيل : من الذبح؛ قاله عكرمة. وأعلمه الله تعالى بقوله {وعلى آل يعقوب} أنه سيعطي بني يعقوب كلهم النبوة؛ قاله جماعة من المفسرين. {إن ربك عليم} بما يعطيك. {حكيم} في فعله بك.
وكما أراك ربك هذه الرؤيا فكذلك يصطفيك ويعلمك تفسير ما يراه الناس في منامهم من الرؤى مما تؤول إليه واقعًا، ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب بالنبوة والرسالة، كما أتمها من قبل على أبويك إبراهيم وإسحاق بالنبوة والرسالة. إن ربك عليم بمن يصطفيه من عباده، حكيم في تدبير أمور خلقه.
{ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ْ} أي: يصطفيك ويختارك بما يمنُّ به عليك من الأوصاف الجليلة والمناقب الجميلة،. { وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ْ} أي: من تعبير الرؤيا، وبيان ما تئول إليه الأحاديث الصادقة، كالكتب السماوية ونحوها، { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ْ} في الدنيا والآخرة، بأن يؤتيك في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، { كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ْ} حيث أنعم الله عليهما، بنعم عظيمة واسعة، دينية، ودنيوية.
{ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ} أي: علمه محيط بالأشياء، وبما احتوت عليه ضمائر العباد من البر وغيره، فيعطي كلا ما تقتضيه حكمته وحمده، فإنه حكيم يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها.
قوله عز وجل : ( وكذلك يجتبيك ربك ) يصطفيك ربك يقوله يعقوب ليوسف أي : كما رفع منزلتك بهذه الرؤيا ، فكذلك يصطفيك ربك ( ويعلمك من تأويل الأحاديث ) يريد تعبير الرؤيا ، سمي تأويلا لأنه يئول أمره إلى ما رأى في منامه ، والتأويل ما يئول إلى عاقبة الأمر ( ويتم نعمته عليك ) يعني : بالنبوة ( وعلى آل يعقوب ) أي : على أولاده فإن أولاده كلهم كانوا أنبياء ( كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق ) فجعلهما نبيين ( إن ربك عليم حكيم ) .
وقيل : المراد من إتمام النعمة على إبراهيم الخلة .
وقيل : إنجاؤه من النار ، وعلى إسحاق إنجاؤه من الذبح .
وقيل : بإخراج يعقوب والأسباط من صلبه .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان بين رؤيا يوسف هذه وبين تحقيقها بمصير أبويه وإخوته إليه أربعون سنة ، وهو قول أكثر أهل التفسير .
وقال الحسن البصري : كان بينهما ثمانون سنة . فلما بلغت هذه الرؤيا إخوة يوسف حسدوه وقالوا : ما رضي أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه فبغوه .
(وَكَذلِكَ) الواو عاطفة والكاف حرف جر وذا اسم إشارة مجرور بالكاف واللام للبعد والكاف للخطاب وهما متعلقان بصفة لمفعول مطلق محذوف (يَجْتَبِيكَ) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والكاف مفعول به (رَبُّكَ) فاعل والكاف مضاف إليه والجملة معطوفة (وَيُعَلِّمُكَ) مضارع ومفعوله وفاعله مستتر والجملة معطوفة (مِنْ تَأْوِيلِ) متعلقان بيعلمك (الْأَحادِيثِ) مضاف إليه (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ) مضارع مرفوع ومفعوله والهاء مضاف إليه وفاعله مستتر والجملة معطوفة (عَلَيْكَ) متعلقان بيتم (وَعَلى آلِ) معطوف على ما قبله (يَعْقُوبَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف (كَما) الكاف حرف جر وما مصدرية (أَتَمَّها) ماض ومفعوله وفاعله مستتر وما وما بعدها في تأويل المصدر في محل جر بالكاف ومتعلقان بصفة لمفعول مطلق محذوف (عَلى أَبَوَيْكَ) متعلقان بأتمها والكاف مضاف إليه (مِنْ قَبْلُ)قبل مجرور بمن وهو مبني على الضم لأنه منقطع عن الإضافة ومتعلقان بحال محذوفة (إِبْراهِيمَ) بدل من أبويك (وَإِسْحاقَ) معطوف على إبراهيم (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) إن واسمها وخبراها.
Traslation and Transliteration:
Wakathalika yajtabeeka rabbuka wayuAAallimuka min taweeli alahadeethi wayutimmu niAAmatahu AAalayka waAAala ali yaAAqooba kama atammaha AAala abawayka min qablu ibraheema waishaqa inna rabbaka AAaleemun hakeemun
Thus thy Lord will prefer thee and will teach thee the interpretation of events, and will perfect His grace upon thee and upon the family of Jacob as He perfected it upon thy forefathers, Abraham and Isaac. Lo! thy Lord is Knower, Wise.
Böylece Rabbin, seni seçecek ve rüyalara ait tabirleri öğretecek sana. Ve bundan önceki ataların İbrahim'e ve İshak'a nasıl nimetlerini tam olarak ihsan ettiyse sana ve Yakup soyuna da nimetlerini tam olarak ihsan edecek. Şüphe yok ki Rabbin, her şeyi bilir, hüküm ve hikmet sahibidir.
Ainsi ton Seigneur te choisira et t'enseignera l'interprétation des rêves, et Il parfera Son bienfait sur toi et sur la famille de Jacob, tout comme Il l'a parfait auparavant sur tes deux ancêtres, Abraham et Isaac, car ton Seigneur est Omniscient et Sage.
Und solcherart erwählt dich dein HERR, lehrt dir von der Traumdeutung und vervollständigt dir und der Familie von Ya'qub Seine Gaben, wie ER sie deinen beiden Großvätern Ibrahim und Ishaq vorher vervollständigte. Gewiß, dein HERR ist allwissend, allweise."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة يوسف (Yusuf - Joseph) |
ترتيبها |
12 |
عدد آياتها |
111 |
عدد كلماتها |
1795 |
عدد حروفها |
7125 |
معنى اسمها |
(يُوسُفُ عليه السلام): هُوَ نَبِيُّ اللهِ يُوسُفُ بِنُ يعقُوبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، ابنُ ثلاثةِ أنْبِيَاءَ، ويُوصَفُ بأنَّه الكَريمُ ابنُ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ |
سبب تسميتها |
أنَّ السُّورةَ كُلَّهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ قِصَّةِ (يُوسُفَ عليه السلام)؛ فَسُمِّيَت بِهِ |
أسماؤها الأخرى |
لَا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) |
مقاصدها |
ذِكْرُ قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام كَامِلَةً لِتَكُونَ زَادًا لِلدُّعَاةِ إِلى اللهِ تَعَالَى |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، فَعَنْ سَعدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُنزِل القرآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَتَلَا عَلَيهِم زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: لَو قَصَصْتَ عَلَينَا، فَأنزَلَ اللهُ: ﴿الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابنُ حِبَّان) |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) بِآخِرِهَا:
الحَدِيثُ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام وَأَهَمِيَّتِها، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ ...٣﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ ...١١١﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (هُودٍ عليه السلام):
خَاطَبَ اللهُ النَّبِيَّ ﷺ فِي أَوَاخِرِ (هُودٍعليه السلام): فَقَالَ: ﴿وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ ...١٢٠﴾، فَكَانَ مِمَّا ثَبَّتَ بِهِ فُؤَادَهُ ﷺ قِصَّةُ (يُوسُفَ عليه السلام)؛ فَقَالَ: ﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ ...٣﴾. |