المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يوسف: [الآية 3]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يوسف | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْ فَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
اعلم أن جميع هذا القصص إنما هو قناطر وجسور موضوعة نعبر عليها إلى ذواتنا وأحوالنا المختصة بنا ، فإن فيها منفعتنا ، إذ كان اللّه نصبها لنا معبرا ، لذلك قال تعالى «لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ» فإن اللب يحجب بصورة القشر ، فلا يعلم اللب إلا من علم أن ثم لبا ، ولولا ذلك ما كسر القشر ، فيكون هذا القصص يذكرك بما فيك «ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .
(13) سورة الرّعد مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(111) كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار - الفتوحات ج 3 / 471 - كتاب الإسفارتفسير ابن كثير:
ولهذا قال تعالى : ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن .
وقد ورد في سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن جرير :
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي . حدثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو ، هو ابن قيس الملائي ، عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ؟ فنزلت : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) .
ورواه من وجه آخر ، عن عمرو بن قيس مرسلا .
وقال أيضا : حدثنا محمد بن سعيد العطار ، حدثنا عمرو بن محمد ، أنبأنا خلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد عن سعد قال : أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن ، قال : فتلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا . فأنزل الله عز وجل : ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) إلى قوله : ( لعلكم تعقلون ) . ثم تلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا . فأنزل الله عز وجل : ( الله نزل أحسن الحديث ) الآية [ الزمر : 23 ] ، وذكر الحديث .
ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن راهويه ، عن عمرو بن محمد القرشي العنقزي ، به .
وروى ابن جرير بسنده ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : مل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة ، فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا . [ فأنزل الله : ( الله نزل أحسن الحديث ) ثم ملوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا ] فوق الحديث ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل الله : ( الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) فأرادوا الحديث ، فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص .
ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة ، المشتملة على مدح القرآن ، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب ما قال الإمام أحمد :
حدثنا سريج بن النعمان ، أخبرنا هشيم ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله; أن عمر بن الخطاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب وقال : " أمتهوكون فيها يابن الخطاب ؟ والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه ، أو بباطل فتصدقونه ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ، لما وسعه إلا أن يتبعني "
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك ؟ قال : فتغير وجه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن ثابت : فقلت له : ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا . قال : فسري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : " والذي نفس محمد بيده ، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين " .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال : كنت جالسا عند عمر ، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم . قال : وأنت النازل بالسوس ، قال : نعم . فضربه بقناة معه ، قال : فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس . فجلس ، فقرأ عليه : ( بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك [ أحسن القصص ] ) إلى قوله : ( لمن الغافلين ) فقرأها ثلاثا ، وضربه ثلاثا ، فقال له الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال! قال : مرني بأمرك أتبعه . قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس ، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة ، ثم قال له : اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما هذا في يدك يا عمر ؟ " . قال : قلت : يا رسول الله ، كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا . فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟ السلاح السلاح . فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا أيها الناس ، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي اختصارا ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ، ولا يغرنكم المتهوكون " . قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبك رسولا . ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرا ، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، به . وهذا حديث غريب من هذا الوجه . وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ، وقد ضعفوه وشيخه . قال البخاري : لا يصح حديثه .
قلت : وقد روي له شاهد من وجه آخر ، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي : أخبرني الحسن بن سفيان ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثني عمرو بن الحارث ، حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري ، عن الزبيدي ، حدثنا سليم بن عامر : أن جبير بن نفير حدثهم : أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر ، رضي الله عنه ، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص ، وكانا قد اكتتبا من اليهود صلاصفة فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين ويقولون : إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة . وإن نهانا عنها رفضناها ، فلما قدما عليه قالا إنا بأرض أهل الكتابين ، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا ، أفنأخذ منه أو نترك ؟ فقال : لعلكما كتبتما منه شيئا . قالا لا . قال : سأحدثكما ، انطلقت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيت خيبر ، فوجدت يهوديا يقول قولا أعجبني ، فقلت : هل أنت مكتبي ما تقول ؟ قال : نعم . فأتيت بأديم ، فأخذ يملي علي ، حتى كتبت في الأكرع . فلما رجعت قلت : يا نبي الله ، وأخبرته ، قال : " ائتني به " . فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون أتيت رسول الله ببعض ما يحب ، فلما أتيت به قال : " اجلس اقرأ علي " . فقرأت ساعة ، ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو يتلون ، فتحيرت من الفرق ، فما استطعت أجيز منه حرفا ، فلما رأى الذي بي دفعه ثم جعل يتبعه رسما رسما فيمحوه بريقه ، وهو يقول : " لا تتبعوا هؤلاء ، فإنهم قد هوكوا وتهوكوا " ، حتى محا آخره حرفا حرفا . قال عمر ، رضي الله عنه : فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئا جعلتكما نكالا لهذه الأمة! قالا والله ما نكتب منه شيئا أبدا . فخرجا بصلاصفتهما فحفرا لها فلم يألوا أن يعمقا ، ودفناها فكان آخر العهد منها .
وكذا روى الثوري ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت الأنصاري ، عن عمر بن الخطاب ، بنحوه وروى أبو داود في المراسيل ، من حديث أبي قلابة ، عن عمر نحوه . والله أعلم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ْ} وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها، { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ْ} أي: بما اشتمل عليه هذا القرآن الذي أوحيناه إليك، وفضلناك به على سائر الأنبياء، وذاك محض منَّة من الله وإحسان.
{ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ْ} أي: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان قبل أن يوحي الله إليك، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا.
ولما مدح ما اشتمل عليه هذا القرآن من القصص، وأنها أحسن القصص على الإطلاق، فلا يوجد من القصص في شيء من الكتب مثل هذا القرآن، ذكر قصه يوسف، وأبيه وإخوته، القصة العجيبة الحسنة
تفسير البغوي
( نحن نقص عليك ) أي : نقرأ عليك ( أحسن القصص ) والقاص هو الذي يتبع الآثار ويأتي بالخبر على وجهه .
معناه : نبين لك أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية أحسن البيان .
وقيل : المراد منه : قصة يوسف عليه السلام خاصة ، سماها أحسن القصص لما فيها من العبر ، والحكم ، والنكت ، والفوائد التي تصلح للدين والدنيا ، من سير الملوك والمماليك ، والعلماء ، ومكر النساء ، والصبر على أذى الأعداء ، وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء ، وغير ذلك من الفوائد .
قال خالد بن معدان : سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة .
وقال ابن عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها .
قوله عز وجل : ( بما أوحينا إليك ) " ما " المصدر ، أي : بإيحائنا إليك ( هذا القرآن وإن كنت ) وقد كنت ( من قبله ) أي : [ قبل وحينا ] ( لمن الغافلين ) لمن الساهين عن هذه القصة لا تعلمها .
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا ، فأنزل الله عز وجل : ( الله نزل أحسن الحديث ) ( الزمر - 23 ) فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ، فأنزل الله عز وجل : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) فقالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ، فأنزل الله عز وجل ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) ( الحديد - 16 ) .
الإعراب:
(نَحْنُ) مبتدأ وجملته مستأنفة (نَقُصُّ) مضارع فاعله مستتر والجملة خبر (عَلَيْكَ) متعلقان بنقص (أَحْسَنَ) مفعول به (الْقَصَصِ) مضاف إليه (بِما) ما مصدرية وهي وما بعدها في محل جر ومتعلقان بنقص (أَوْحَيْنا) ماض وفاعله والجملة صلة (إِلَيْكَ) متعلقان بأوحينا (هذَا) ذا اسم إشارة مفعول به والها للتنبيه (الْقُرْآنَ) بدل من اسم الإشارة (وَإِنْ) الواو حالية وإن مخففة من إن الثقيلة واسمها ضمير الشأن والجملة حالية (كُنْتَ) كان واسمها والجملة خبر إن (مِنْ قَبْلِهِ) متعلقان بمحذوف حال والهاء مضاف إليه (لَمِنَ الْغافِلِينَ) اللام الفارقة ومتعلقان بالخبر المحذوف لكان