المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يونس: [الآية 74]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يونس | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهي العلم بوجود الرب أنه ربنا ، ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ولا يحشر إلا مؤمنا ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ، ويؤيد ذلك قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا» حين رأوا البأس «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» فهذا معنى قولنا : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ومتى شاء ، فثبت أن انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود ، ودلت هذه الآية على أن يونس عليه السلام كان محبوبا للّه ، حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها ، وعرفنا بذلك ، فعامل قوم يونس بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم ، فآمنوا ، أرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ، ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها ، ومتعهم إلى حين فأمدّ لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب ، فلما اشتد البلاء
على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ، ذكر أنه تعالى في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم أنه متعهم إلى حين ، فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمنا طويلا ، لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة واللّه أعلم .
------------
(98) الفتوحات ج 3 / 383 - ج 2 / 415تفسير ابن كثير:
يقول تعالى : ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى قومهم ، فجاءوهم بالبينات ، أي : بالحجج والأدلة والبراهين على صدق ما جاءوهم به ، ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ) أي : فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم ، بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم ، كما قال تعالى : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) [ الأنعام : 110 ] .
وقوله : ( كذلك نطبع على قلوب المعتدين ) أي : كما طبع الله على قلوب هؤلاء ، فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم ، هكذا يطبع الله على قلوب من أشبههم ممن بعدهم ، ويختم على قلوبهم ، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم .
والمراد : أن الله تعالى أهلك الأمم المكذبة للرسل ، وأنجى من آمن بهم ، وذلك من بعد نوح ، عليه السلام ، فإن الناس كانوا من قبله من زمان آدم عليه السلام على الإسلام ، إلى أن أحدث الناس عبادة الأصنام ، فبعث الله إليهم نوحا ، عليه السلام ؛ ولهذا يقول له المؤمنون يوم القيامة : أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض .
وقال ابن عباس : كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام .
وقال الله تعالى : ( وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ) [ الإسراء : 17 ] ، وفي هذا إنذار عظيم لمشركي العرب الذين كذبوا بسيد الرسل وخاتم الأنبياء والمرسلين ، فإنه إذا كان قد أصاب من كذب بتلك الرسل ما ذكره الله تعالى من العقاب والنكال ، فماذا ظن هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من أولئك ؟
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
أي: {ثُمَّ بَعَثْنَا} من بعد نوح عليه السلام {رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} المكذبين، يدعونهم إلى الهدى، ويحذرونهم من أسباب الردى.
{فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} أي: كل نبي أيد دعوته، بالآيات الدالة على صحة ما جاء به.
{فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} يعني: أن الله تعالى عاقبهم حيث جاءهم الرسول، فبادروا بتكذيبه، طبع الله على قلوبهم، وحال بينهم وبين الإيمان بعد أن كانوا متمكنين منه، كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}
ولهذا قال هنا: {كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} أي: نختم عليها، فلا يدخلها خير، وما ظلمهم [الله]، ولكنهم ظلموا أنفسهم بردهم الحق لما جاءهم، وتكذيبهم الأول.
تفسير البغوي
( ثم بعثنا من بعده رسلا ) أي : من بعد نوح رسلا . ( إلى قومهم فجاءوهم بالبينات ) بالدلالات الواضحات ، ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ) أي : بما كذب به قوم نوح من قبل ، ( كذلك نطبع ) أي : نختم ، ( على قلوب المعتدين ) .
الإعراب:
(ثُمَّ) عاطفة (بَعَثْنا) ماض وفاعله والجملة معطوفة (مِنْ بَعْدِهِ) متعلقان ببعثنا والهاء مضاف إليه (رُسُلًا) مفعول به (إِلى قَوْمِهِمْ) متعلقان بجاءوهم (فَجاؤُهُمْ) الفاء حرف عطف وماض وفاعله ومفعوله (بِالْبَيِّناتِ) متعلقان بالفعل.
(فَما) الفاء عاطفة وما نافية (كانُوا) كان واسمها (لِيُؤْمِنُوا) اللام لام الجحود ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود واللام وما بعدها متعلقان بمحذوف خبر كانوا (بِما) اسم موصول في محل جر ومتعلقان بيؤمنوا (كَذَّبُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (بِهِ) متعلقان بكذبوا (كَذلِكَ) الكاف جارة واسم الإشارة في محل جر ومتعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف (نَطْبَعُ) مضارع فاعله مستتر والجملة مستأنفة (عَلى قُلُوبِ) متعلقان بنطبع (الْمُعْتَدِينَ) مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم.