المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يونس: [الآية 51]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يونس | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهي العلم بوجود الرب أنه ربنا ، ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ولا يحشر إلا مؤمنا ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ، ويؤيد ذلك قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا» حين رأوا البأس «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» فهذا معنى قولنا : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ومتى شاء ، فثبت أن انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود ، ودلت هذه الآية على أن يونس عليه السلام كان محبوبا للّه ، حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها ، وعرفنا بذلك ، فعامل قوم يونس بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم ، فآمنوا ، أرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ، ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها ، ومتعهم إلى حين فأمدّ لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب ، فلما اشتد البلاء
على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ، ذكر أنه تعالى في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم أنه متعهم إلى حين ، فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمنا طويلا ، لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة واللّه أعلم .
------------
(98) الفتوحات ج 3 / 383 - ج 2 / 415تفسير ابن كثير:
"أثم إذا ما وقع آمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون" يعني : أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا : ( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] ، وقال تعالى : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر : 84 ، 85 ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} فإنه لا ينفع الإيمان حين حلول عذاب الله، ويقال لهم توبيخًا وعتابًا في تلك الحال التي زعموا أنهم يؤمنون، {الْآنَ} تؤمنون في حال الشدة والمشقة؟ {وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} فإن سنة الله في عباده أنه يعتبهم إذا استعتبوه قبل وقوع العذاب، فإذا وقع العذاب لا ينفع نفسًا إيمانها، كما قال تعالى عن فرعون، لما أدركه الغرق {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وأنه يقال له: {الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} .
وقال تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} وقال هنا: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ، آلْآنَ} تدعون الإيمان {وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} فهذا ما عملت أيديكم، وهذا ما استعجلتم به.
تفسير البغوي
( أثم إذا ما وقع ) قيل : معناه أهنالك؟ وحينئذ ، وليس بحرف عطف ، " إذا ما وقع " نزل العذاب ، ( آمنتم به ) أي بالله في وقت اليأس . وقيل : آمنتم به أي صدقتم بالعذاب وقت نزوله ، ( آلآن ) فيه إضمار ، أي : يقال لكم : آلآن تؤمنون حين وقع العذاب؟ ( وقد كنتم به تستعجلون ) تكذيبا واستهزاء .
الإعراب:
(أَثُمَّ) الهمزة للاستفهام وثم عاطفة (إِذا) ظرف يتضمن معنى الشرط (ما) زائدة (وَقَعَ) ماض فاعله مستتر والجملة مضاف إليه (آمَنْتُمْ) ماض وفاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (بِهِ) متعلقان بآمنتم (آلْآنَ) الهمزة للاستفهام والآن ظرف زمان (وَقَدْ) الواو حالية قد حرف تحقيق (كُنْتُمْ) كان واسمها والجملة حالية (بِهِ) متعلقان بتستعجلون (تَسْتَعْجِلُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون الواو فاعل والجملة خبر كنتم