المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التوبة: [الآية 65]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة التوبة | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
«فَإِنْ تَوَلَّوْا» عما دعوتموهم إليه «فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» أي في اللّه الكفاية يكفيني أمرهم
[ توحيد الاستكفاء ]
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» وهذا هو التوحيد الحادي عشر ، وهو توحيد الاستكفاء ، وهو من توحيد الهوية لما قال تعالى : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال التعاون على البر والتقوى أن يرد كل واحد صاحبه إلى ربه في ذلك ، ويستكفي به فيما كلفه ،
وهو قوله : (واستعينوا بالله) خطاب تحقيق «عليه توكلت» التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»
فإذا كان رب العرش والعرش محيط بعالم الأجسام وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف باللّه ، الذي هو رب مثل هذا العرش ، ومن كان اللّه حسبه انقلب بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي اللّه ، واللّه ذو فضل عظيم على من جعله حسبه .
(10) سورة يونس مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(129) الفتوحات ج 2 / 409 ، 199 ، 409تفسير ابن كثير:
قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا : قال رجل من المنافقين : ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا ، وأكذبنا ألسنة ، وأجبننا عند اللقاء . فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته ، فقال : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . فقال : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) إلى قوله : ( مجرمين ) وإن رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متعلق بنسعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال عبد الله بن وهب : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلسك ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء ، أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المسجد : كذبت ، ولكنك منافق . لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن . قال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) .
وقد رواه الليث ، عن هشام بن سعد ، بنحو من هذا .
وقال ابن إسحاق : وقد كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد ، من بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له : مخشن بن حمير يشيرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن بن حمير : والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر : أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا . فانطلق إليهمعمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على راحلته ، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، [ فأنزل الله - عز وجل - : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) ] فقال مخشن بن حمير : يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي . فكان الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير ، فتسمى عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر .
وقال قتادة : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) قال : فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا : يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها . هيهات هيهات . فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا ، فقال : علي بهؤلاء النفر . فدعاهم ، فقال : قلتم كذا وكذا . فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب .
وقال عكرمة في تفسير هذه الآية : كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول : اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها ، تقشعر منها الجلود ، وتجب منها القلوب ، اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك ، لا يقول أحد : أنا غسلت ، أنا كفنت ، أنا دفنت ، قال : فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} عما قالوه من الطعن في المسلمين وفي دينهم، يقول طائفة منهم في غزوة تبوك {ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ـ يعنون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ـ أرغب بطونا، [وأكذب ألسنا] وأجبن عند اللقاء} ونحو ذلك.
ولما بلغهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قد علم بكلامهم، جاءوا يعتذرون إليه ويقولون: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} أي: نتكلم بكلام لا قصد لنا به، ولا قصدنا الطعن والعيب.
قال اللّه تعالى ـ مبينا عدم عذرهم وكذبهم في ذلك ـ : {قُلْ} لهم {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} فإن الاستهزاء باللّه وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين لأن أصل الدين مبني على تعظيم اللّه، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) الآية ، وسبب نزول هذه الآية على ما قال الكلبي ومقاتل وقتادة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير في غزوة تبوك وبين يديه ثلاثة نفر من المنافقين ، اثنان يستهزئان بالقرآن والرسول ، والثالث يضحك .
قيل : كانوا يقولون : إن محمدا يزعم أنه يغلب الروم ويفتح مدائنهم ما أبعده من ذلك!
وقيل كانوا يقولون : إن محمدا يزعم أنه نزل في أصحابنا المقيمين بالمدينة قرآن ، وإنما هو قوله وكلامه ، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك ؛ فقال : احبسوا علي الركب ، فدعاهم وقال لهم : قلتم كذا وكذا ، فقالوا : إنما كنا نخوض ونلعب ، أي كنا نتحدث ونخوض في الكلام كما يفعل الركب لقطع الطريق بالحديث واللعب .
قال عمر فلقد رأيت عبد الله بن أبي يشتد قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه وهو يقول : إنما كنا نخوض ونلعب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، ما يلتفت إليه ولا يزيد عليه .
قوله تعالى : ( قل ) أي : قل يا محمد ( أبالله وآياته ) كتابه ، ( ورسوله كنتم تستهزئون ) .
الإعراب:
(وَلَئِنْ) الواو للاستئناف. واللام موطئة للقسم وإن شرطية.
(سَأَلْتَهُمْ) فعل ماض، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والميم لجمع الذكور، والجملة استئنافية.
(لَيَقُولُنَّ) اللام رابطة لجواب القسم.
(يقولن) مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة لكراهة توالي الأمثال، والواو المحذوفة في محل رفع فاعل، والنون هي نون التوكيد الثقيلة. والجملة لا محل لها جواب القسم، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.
(إِنَّما) كافة ومكفوفة.
(كُنَّا) كان واسمها وجملة (نَخُوضُ) في محل نصب خبر كان وجملة إنما كنا.. مقول القول.
(وَنَلْعَبُ) عطف.
(قُلْ) الجملة مستأنفة (أَبِاللَّهِ) متعلقان بالفعل تستهزئون، والهمزة للاستفهام.
(وَآياتِهِ) اسم معطوف (وَرَسُولِهِ) اسم معطوف.
(كُنْتُمْ) كان والتاء اسمها والميم علامة جمع الذكور.
(تَسْتَهْزِؤُنَ) مضارع وفاعله والجملة في محل نصب خبر كنتم وجملة كنتم تستهزئون.. مقول القول.