المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التوبة: [الآية 20]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة التوبة | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
«فَإِنْ تَوَلَّوْا» عما دعوتموهم إليه «فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» أي في اللّه الكفاية يكفيني أمرهم
[ توحيد الاستكفاء ]
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» وهذا هو التوحيد الحادي عشر ، وهو توحيد الاستكفاء ، وهو من توحيد الهوية لما قال تعالى : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال التعاون على البر والتقوى أن يرد كل واحد صاحبه إلى ربه في ذلك ، ويستكفي به فيما كلفه ،
وهو قوله : (واستعينوا بالله) خطاب تحقيق «عليه توكلت» التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»
فإذا كان رب العرش والعرش محيط بعالم الأجسام وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف باللّه ، الذي هو رب مثل هذا العرش ، ومن كان اللّه حسبه انقلب بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي اللّه ، واللّه ذو فضل عظيم على من جعله حسبه .
(10) سورة يونس مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(129) الفتوحات ج 2 / 409 ، 199 ، 409تفسير ابن كثير:
قال العوفي في تفسيره ، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية ، قال : إن المشركين قالوا : عمارة بيت الله ، وقيام على السقاية ، خير ممن آمن وجاهد ، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره ، فذكر الله استكبارهم وإعراضهم ، فقال لأهل الحرم من المشركين : ( قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون ) [ المؤمنون : 66 ، 67 ] يعني : أنهم كانوا يستكبرون بالحرم قال : ( به سامرا ) كانوا يسمرون به ، ويهجرون القرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم - فخير الله الإيمان والجهاد مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على عمارة المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به إن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه .
قال الله : ( لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ) يعني : الذين زعموا أنهم أهل العمارة ، فسماهم الله " ظالمين " بشركهم ، فلم تغن عنهم العمارة شيئا .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية ، قال : نزلت في العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر قال : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي [ الحاج ] ونفك العاني ، قال الله - عز وجل - : ( أجعلتم سقاية الحاج ) إلى قوله : ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) يعني أن ذلك كان في الشرك ، ولا أقبل ما كان في الشرك .
وقال الضحاك بن مزاحم : أقبل المسلمون على العباس وأصحابه ، الذين أسروا يوم بدر ، يعيرونهم بالشرك ، فقال العباس : أما والله لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونفك العاني ، ونحجب البيت ، ونسقي الحاج ، فأنزل الله : ( أجعلتم سقاية الحاج [ وعمارة المسجد الحرام ] ) الآية .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن عيينة ، عن إسماعيل ، عن الشعبي قال : نزلت في علي ، والعباس - رضي الله عنهما - تكلما في ذلك .
وقال ابن جرير : حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرت عن أبي صخر قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار ، وعباس بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت ، معي مفتاحه ، ولو أشاء بت فيه . وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، ولو أشاء بت في المسجد . فقال علي - رضي الله عنه - : ما أدري ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله - عز وجل - : ( أجعلتم سقاية الحاج ) الآية كلها .
وهكذا قال السدي ، إلا أنه قال : افتخر علي ، والعباس ، وشيبة بن عثمان ، وذكر نحوه .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن عمرو ، عن الحسن قال : نزلت في علي ، وعباس وعثمان ، وشيبة ، تكلموا في ذلك ، فقال العباس : ما أراني إلا تارك سقايتنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقيموا على سقايتكم ، فإن لكم فيها خيرا .
ورواه محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن فذكر نحوه .
وقد ورد في تفسير هذه الآية حديث مرفوع ، فلا بد من ذكره هاهنا ، قال عبد الرزاق :
أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير [ عن رجل ] عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن رجلا قال : ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام ، إلا أن أسقي الحاج . وقال آخر : ما أبالي ألا أعمل بعد الإسلام ، إلا أن أعمر المسجد الحرام . وقال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم . فزجرهم عمر - رضي الله عنه - وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صلينا الجمعة دخلنا عليه . فنزلت ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ) إلى قوله : ( لا يستوون عند الله )
طريق أخرى : قال الوليد بن مسلم : حدثني معاوية بن سلام ، عن جده أبي سلام الأسود ، عن النعمان بن بشير الأنصاري قال : كنت عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه ، فقال رجل منهم : ما أبالي ألا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج . وقال آخر : بل عمارة المسجد الحرام . وقال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم . فزجرهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيته فيما اختلفتم فيه . قال : ففعل ، فأنزل الله - عز وجل - : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ) إلى قوله : ( والله لا يهدي القوم الظالمين )
رواه مسلم في صحيحه ، وأبو داود - وابن جرير وهذا لفظه - وابن مردويه ، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم وابن حبان في صحيحه .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
ثم صرح بالفضل فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ} بالنفقة في الجهاد وتجهيز الغزاة {وَأَنْفُسِهِمْ} بالخروج بالنفس {أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} أي: لا يفوز بالمطلوب ولا ينجو من المرهوب، إلا من اتصف بصفاتهم، وتخلق بأخلاقهم.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة ) فضيلة ، ( عند الله ) من الذين افتخروا بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام . ( وأولئك هم الفائزون ) الناجون من النار .
الإعراب:
(الَّذِينَ) اسم موصول مبتدأ.
(آمَنُوا) فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول وما بعدها معطوف.
(أَعْظَمُ) خبر المبتدأ والجملة الاسمية مستأنفة.
(دَرَجَةً) تمييز.
(عِنْدَ) ظرف مكان متعلق بأعظم.
(اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه وجملة (وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) مستأنفة.