المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأعراف: [الآية 188]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأعراف | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)
«إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ» وهم الملائكة المقربون «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ» يقول : يذلون ويخضعون له «وَيُسَبِّحُونَهُ» أي ينزهونه عن الصفات التي لا تليق به وهي التي تقربوا بها إليه من الذل والخضوع وصدقهم اللّه في هذه الآية في قولهم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فأخبر اللّه عنهم بما أخبروه عن نفوسهم «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» وصفهم بالسجود له عزّ وجل مع هذه الأحوال المذكورة ، وهنا يسجد التالي للقرآن في هذه السجدة اقتداء بسجود الملأ الأعلى وبهديهم ، قال اللّه تعالى لما ذكر النبيين عليهم السلام لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وذكر أنه تعالى آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة قال له : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) وهم بشر مثله ، فما ظنك بالملائكة الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وأي هدي
أعظم مما هدى اللّه تعالى به الملائكة ، فمن سجد فيها ولم يحصل له نفحة مما حصل للملائكة في سجودها من حيث ملكيته الخاصة به فما سجدها ، وهكذا في كل سجدة ترد .
(8) سورة الأنفال مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(206) الفتوحات ج 1 / 509تفسير ابن كثير:
أمره الله تعالى أن يفوض الأمور إليه ، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب ، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه ، كما قال تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا . [ إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ] ) [ الجن : 26 ، 27 ]
وقوله : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) قال عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد . ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) قال : لو كنت أعلم متى أموت ، لعملت عملا صالحا .
وكذلك روى ابن أبي نجيح عن مجاهد : وقال مثله ابن جريج .
وفيه نظر ; لأن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ديمة . وفي رواية : كان إذا عمل عملا أثبته
فجميع عمله كان على منوال واحد ، كأنه ينظر إلى الله ، عز وجل ، في جميع أحواله ، اللهم إلا أن يكون المراد أن يرشد غيره إلى الاستعداد لذلك ، والله أعلم .
والأحسن في هذا ما رواه الضحاك ، عن ابن عباس : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) أي : من المال . وفي رواية : لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه ، فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه ، وما مسني السوء ، قال : ولا يصيبني الفقر .
وقال ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة ، ولعرفت الغلاء من الرخص ، فاستعددت له من الرخص .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( وما مسني السوء ) قال : لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون ، واتقيته .
ثم أخبر أنه إنما هو نذير وبشير ، أي : نذير من العذاب ، وبشير للمؤمنين بالجنات ، كما قال تعالى : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ) [ مريم : 97 ]
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا فإني فقير مدبر، لا يأتيني خير إلا من اللّه، ولا يدفع عني الشر إلا هو، وليس لي من العلم إلا ما علمني اللّه تعالى. وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ أي: لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه، لعلمي بالأشياء قبل كونها، وعلمي بما تفضي إليه. ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب. إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ أنذر العقوبات الدينية والدنيوية والأخروية، وأبين الأعمال المفضية إلى ذلك، وأحذر منها. وَبَشِيرٌ بالثواب العاجل والآجل، ببيان الأعمال الموصلة إليه والترغيب فيها، ولكن ليس كل أحد يقبل هذه البشارة والنذارة، وإنما ينتفع بذلك ويقبله المؤمنون، وهذه الآيات الكريمات، مبينة جهل من يقصد النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوه لحصول نفع أو دفع ضر. فإنه ليس بيده شيء من الأمر، ولا ينفع من لم ينفعه اللّه، ولا يدفع الضر عمن لم يدفعه اللّه عنه، ولا له من العلم إلا ما علمه اللّه تعالى، وإنما ينفع من قبل ما أرسل به من البشارة والنذارة، وعمل بذلك، فهذا نفعه صلى الله عليه وسلم، الذي فاق نفع الآباء والأمهات، والأخلاء والإخوان بما حث العباد على كل خير، وحذرهم عن كل شر، وبينه لهم غاية البيان والإيضاح.
تفسير البغوي
( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن أهل مكة قالوا : يا محمد ، ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتريه وتربح فيه عند الغلاء؟ وبالأرض التي يريد أن تجدب فترتحل منها إلى ما قد أخصبت؟ فأنزل الله تعالى " قل لا أملك لنفسي نفعا " أي : لا أقدر لنفسي نفعا ، أي : اجتلاب نفع بأن أربح ولا ضرا ، أي دفع ضر بأن أرتحل من أرض تريد أن تجدب إلا ما شاء الله أن أملكه .
( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) أي : لو كنت أعلم الخصب والجدب لاستكثرت من الخير ، أي : من المال لسنة القحط ( وما مسني السوء ) أي : الضر والفقر والجوع .
وقال ابن جريج : " قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا " يعني : الهدى والضلالة ، ( ولو كنت أعلم الغيب ) أي : متى أموت ، لاستكثرت من الخير ، يعني : من العمل الصالح وما مسني السوء .
قال ابن زيد : واجتنبت ما يكون من الشر واتقيته .
وقيل : معناه ولو كنت أعلم الغيب أي متى الساعة لأخبرتكم حتى تؤمنوا وما مسني السوء بتكذيبكم . وقيل : ما مسني السوء : ابتداء ، يريد : وما مسني الجنون لأنهم كانوا ينسبونه إلى الجنون . ( إن أنا إلا نذير ) لمن لا يصدق بما جئت به ، ( وبشير ) بالجنة ، ( لقوم يؤمنون ) يصدقون .
الإعراب:
(قُلْ) الجملة مستأنفة (لا) نافية (أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور فاعله مستتر نفعا مفعوله والجملة مقول القول.
(وَلا ضَرًّا) عطف.
(إِلَّا) أداة استثناء.
(ما) اسم موصول في محل نصب على الاستثناء والجملة الفعلية (شاءَ اللَّهُ) صلته.
(وَلَوْ) حرف شرط غير جازم.
(كُنْتُ) كان واسمها. وجملة (أَعْلَمُ الْغَيْبَ) خبرها. وجملة (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) جواب شرط غير جازم لا محل لها (وَما) الواو عاطفة وما نافية.
(مَسَّنِيَ) فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والنون للوقاية.
(السُّوءُ) فاعل والجملة معطوفة.
(إِنْ) نافية.
(أَنَا) مبتدأ.
(إِلَّا) أداة حصر.
(نَذِيرٌ) خبر.
(وَبَشِيرٌ) معطوف والجملة مستأنفة.
(لِقَوْمٍ) متعلقان ببشير. وجملة (يُؤْمِنُونَ) في محل جر صفة.