المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأعراف: [الآية 162]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأعراف | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)
«إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ» وهم الملائكة المقربون «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ» يقول : يذلون ويخضعون له «وَيُسَبِّحُونَهُ» أي ينزهونه عن الصفات التي لا تليق به وهي التي تقربوا بها إليه من الذل والخضوع وصدقهم اللّه في هذه الآية في قولهم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فأخبر اللّه عنهم بما أخبروه عن نفوسهم «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» وصفهم بالسجود له عزّ وجل مع هذه الأحوال المذكورة ، وهنا يسجد التالي للقرآن في هذه السجدة اقتداء بسجود الملأ الأعلى وبهديهم ، قال اللّه تعالى لما ذكر النبيين عليهم السلام لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وذكر أنه تعالى آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة قال له : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) وهم بشر مثله ، فما ظنك بالملائكة الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وأي هدي
أعظم مما هدى اللّه تعالى به الملائكة ، فمن سجد فيها ولم يحصل له نفحة مما حصل للملائكة في سجودها من حيث ملكيته الخاصة به فما سجدها ، وهكذا في كل سجدة ترد .
(8) سورة الأنفال مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(206) الفتوحات ج 1 / 509تفسير ابن كثير:
وقوله تعالى فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم قال: البخاري حدثني محمد حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة - فدخلوا يزحفون على استاهم فبدلوا وقالوا حبة في شعرة" ورواه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عبدالرحمن به موقوفا وعن محمد بن عبيد بن محمد عن ابن المبارك ببعضه مسندا في قوله تعالى "حطة" قال فبدلوا وقالوا حبة وقال عبدالرزاق أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لبني إسرائيل "ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم" فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على استاهم فقالوا حبة في شعرة" وهذا حديث صحيح رواه البخاري عن إسحاق بن نصر ومسلم عن محمد بن رافع والترمذي عن عبدالرحمن بن حميد كلهم عن عبدالرزاق به وقال الترمذي حسن صحيح وقال محمد بن إسحاق كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وعمن لا أتهم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدا - يزحفون على استاهم وهم يقولون حنطة في شعيرة" وقال أبو داود حدثنا أحمد بن صالح وحدثنا سليمان بن داود حدثنا عبدالله بن وهب حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم" قال الله لبني إسرائيل "ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم" ثم قال أبو داود حدثنا أحمد بن مسافر حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بمثله هكذا رواه منفردا به في كتاب الحروف مختصرا وقال: ابن مردويه حدثنا عبدالله بن جعفر حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا أحمد بن محمد بن المنذر القزاز حدثنا محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل أجزنا فى ثنية يقال لها ذات الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل "ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم" وقال: سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن البراء "سيقول السفهاء من الناس" قال: اليهود قيل لهم ادخلوا الباب سجدا قال: ركعا وقولوا حطة أي مغفرة فدخلوا على أستاههم وجعلوا يقولون حنطة حمراء فيها شعيرة فذلك قول الله تعالى "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وقال الثوري عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن أبي الكنود عن ابن مسعود وقولوا حطة فقالوا حنطة حبة حمراء فيها شعيرة فأنزل الله "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وقال أسباط عن السدي عن مرة عن ابن مسعود أنه قال إنهم قالوا هطا سمعانا أزبة مزبا فهي بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء فذلك قوله تعالى" فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وقال الثورى عن الأعمش عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس في قوله تعالى" ادخلوا الباب سجدا" قال ركعا من باب صغير فدخلوا من قبل استاهم وقالوا حنطة فذلك قوله تعالى "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وهكذا روى عن عطاء ومجاهد وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس ويحيى بن رافع.
وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل فأمروا أن يدخلوا سجدا فدخلوا يزحفون على استاهم من قبل استاهم رافعي رؤسهم وأمروا أن يقولوا حطة أي احطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزءوا فقالوا حنطة في شعيرة وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته.
ولهذا قال "فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون" وقال الضحاك عن ابن عباس كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب وهكذا روى عن مجاهد وأبي مالك والسدي والحسن وقتادة أنه العذاب وقال أبو العالية الرجز الغضب وقال الشعبي الرجز إما الطاعون وإما البرد وقال سعيد بن جبير هو الطاعون وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد يعني ابن أبي وقاص عن سعد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت رضي الله عنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطاعون رجز عذاب عذب به من كان قبلكم" وهكذا رواه النسائي من حديث سفيان الثوري به وأصل الحديث في الصحيحين من حديث حبيب بن أبي ثابت "إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخولها" الحديث قال ابن جرير أخبرني يونس بن عبدالأعلى عن ابن وهب عن يونس عن الزهري قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن هذا الوجع والسقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم" وهذا الحديث أصله مخرج في الصحيحين من حديث الزهري ومن حديث مالك عن محمد ابن المنكدر وسالم بن أبي النضر عن عامر بن سعد بنحوه.
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أي: عصوا اللّه واستهانوا بأمره قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فقالوا بدل طلب المغفرة، وقولهم: حِطَّة (حبة في شعيرة)، وإذا بدلوا القول - مع يسره وسهولته - فتبديلهم للفعل من باب أولى، ولهذا دخلوا وهم يزحفون على أستاههم. فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ حين خالفوا أمر اللّه وعصوه رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ أي: عذابا شديدا، إما الطاعون وإما غيره من العقوبات السماوية. وما ظلمهم اللّه بعقابه وإنما كان ذلك بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ أي: يخرجون من طاعة الله إلى معصيته، من غير ضرورة ألجأتهم ولا داع دعاهم سوى الخبث والشر الذي كان كامنا في نفوسهم.
تفسير البغوي
( فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا ) عذابا ( من السماء بما كانوا يظلمون )
الإعراب:
(فَبَدَّلَ الَّذِينَ) الفاء عاطفة وماض، واسم الموصول فاعله (ظَلَمُوا) الجملة صلة.
(قَوْلًا) مفعول به.
(غَيْرَ) صفة.
(الَّذِي) اسم موصول في محل جر بالإضافة (قِيلَ) ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر (لَهُمْ) متعلقان به، (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ).
(بِما) ما مصدرية والمصدر الأول في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بأرسلنا. وقد تقدم إعراب هذه الآية في سورة البقرة برقم 59 مع اختلاف لا يكاد يذكر.