الرسالة القشيرية
للشيخ عبد الكريم القشيري
1/23
، مَا تصور فِي الأوهام فَهُوَ بخلافه ،
كَيْفَ يحل بِهِ مَا منه بدأ، أَوْ يعود إِلَيْهِ مَا هُوَ أنشاه ، لا تماقله
العيون ، ولا تقابله الظنون، قربه كرامته ، وبعده إهانته، علوه من غَيْر توقل ،
ومجيئه من غَيْر تنقل، هُوَ الأَوَّل والآخر والظاهر والباطن ، القريب البعيد
الَّذِي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر الطوسي السراج ، يحكي عَن يُوسُف بْن
الْحُسَيْن ، قَالَ: قام رجل بَيْنَ يدي ذي النون الْمِصْرِي ، فَقَالَ: أخبرني
عَنِ التوحيد مَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ أَن تعلم أَن قدرة اللَّه تعالي فِي الأشياء
بلا مزاج ، وصنعه للأشياء بلا علاج ، وعلة كُل شَيْء صنعه ، ولا علة لصنعه، وليس
فِي السموات العلا ولا فِي الأرضين السفلي مدير غَيْر اللَّه، وكل مَا تصور فِي
وهمك فالله بخلاف ذَلِكَ.
وَقَالَ الجنيد: التوحيد علمك وإقرارك بأن اللَّه فرد فِي أزليته لا ثاني مَعَهُ ،
ولا شيء يفعل فعله.
وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن خفيف: الإيمان تصديق القلوب بِمَا علمه الحق من
الغيوب وَقَالَ أَبُو عَبَّاس السياري: عطاؤه عَلَى نوعين: كرامة ، واستدراج ،
فَمَا أبقاه عليك فَهُوَ كرامة، وَمَا أزاله عَنْك فَهُوَ استدراج ، فقل: أنا مؤمن
إِن شاء اللَّه تعالي وأبو الْعَبَّاس السياري كَانَ شيخ وقته.