الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


33. الموقف الثالث والثلاثون

سمعت المؤذن في المسجد الحرام يتلو على المنارة قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء﴾[آل عمران: 3/ 5].

فعجبت من هذا الإخبار لرسوله (صلى الله عليه وسلم) مع تأكيده بأنَّ!! ثم ألقى الحق إليَّ: أنَّ المقصود بهذا الخطاب والإخبار العامّة الجاهلون بالحقّ. وأما العارفون فإنهم عرفوه تعالى عين كلّ شيء في الأرض والسماء، فكيف يخفى عليه شيء في الأرض والسماء؟ وهل تخفى عليه عينه؟ فهذا الخطاب بمنزلة قوله: أن عالم بذاتي، ولا يخفى علّي شيء من ذاتي. وهذا غير مفيد للعارفين شيئاً لم يكن عندهم، وجلّ الحق تعالى عن الخطاب بغير فائدة، فتعيّن أنَّ المقصود بهذ الإخبار العوام لأنَّ تأكيد الخبر لا يكون إلاَّ لمنكر أو متردد، والرسول (صلى الله عليه وسلم) وورثته، ما وقع منهم تردد، فضلاً عن الإنكار.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!