الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


287. الموقف السابع والثمانون بعد المائتين

قال تعالى: ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[الذاريات: 51/49].

قرأها ابن السماك برفع «كل». أخبر تعالى أنَّه كلُّ شيء، من حيث الذات، من معدوم وموجود، فإن الشيء أعمّ العام، وهو كلّ ما يصحّ أن يعلم ويخبر عنه. فهو من حيث هو: العدم والوجود والمعدوم والموجود. فقولنا: العدم المطلق، والوجود المطلق، والعدم المقيّد، والوجود المقيّد، وهذا كان معدوماً ودخل في الوجود، ومعدوم لا يدخل في الوجود، وعدم إضافي، وعدم حقيقي... ونحو هذا. كلّ ذلك كناية عنه، فل يتصوّر شيء يكون محسوساً أو معلوماً أو مكتوباً أو ملفوظاً إلاَّ وهو هو. وليس الوجود بشيء زائد على الموجود، ولا العدم بشيء زائد على المعدوم. فانبساط النور، وليس إلاَّ مرتبة الصفات، على العدم، حتى كان منه قابل للنور، وليس إلاَّ للممكنات، وغير قابل... وليس إلاَّ الممتنعات، المشار إلى ذلك بقوله (صلى الله عليه وسلم) «إنَّ الله خلق الخلق في ظلمة، ثمَّ رشَّ عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضلَّ»، هو هو... فهو النور المنبسط، وهو الظلمة المنبسط عليها، فم قبل النور من العدم، وليس إلاَّ الذات، فإنها مادة العدم والوجود حصلت له صور في العلم تسمّى أعياناً ثابتة، ومالم يقبل النور ضلَّ يعني في العدم، وهو ظلمة الذات، وما وجد وانعدم، وليس إلاَّ الصور والأعراض، رجع إلى الظلمة. وأمَّا الجواهر فإنه لا تنعدم بعد الوجود.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!