الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


154. الموقف الرابع والخمسون بعد المائة

قال تعالى: ﴿لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾ [الكهف:18/ 26]..

لا غيب في حق الحق تعالى ، بل الكل شهادة في حقه، وإنما انقسمت الأشياء على غيب وشهادة ب النسبة إلينا. فالخبر في الآية محذوف، تقديره: غيب السماوات، والأرض شهادة: أبصر به وأسمع، أي ما أبصر الحق تعالى وما أسمعه، إذ كل بصر بصره، وكل سمع سمعه، فما أبصر مبصر إلاَّ ببصره، ولا سمع سميع إلاَّ بسمعه، وهو السميع بسمعه والبصير ببصره، فلا سمع ولا سميع إلاَّ هو، ولا بصر ولا بصير إلاَّ هو، فكيف يتصوّر في حقه غيب، تعالى عن ذلك. ويصح أن يكون الأمر على بابه، والخطاب له (صلى الله عليه وسلم) والمراد نحن أمرنا الحق تعالى أن نعمل على الحصول والوصول إلى مرتبة: بي يسمع وبي يبصر، إلى آخر القوى، وليس المراد أمره (صلى الله عليه وسلم) أن يبصر بالحق تعالى ويسمع به، فإنه قد حصل له ذلك ل محالة، بل الحق يبصر به (صلى الله عليه وسلم) ويسمع به، كما هي المرتبة العليا. إن صاحب المرتبة الأولى فيه بقيّة، وذلك نقص بالنسبة لمقام النبوّة الأسمى.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!