Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


11. الموقف الحادي عشر

قال تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾[الأنعام: 6/ 54].

وقال: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الروم: 30 /47].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ حقّاً على الله ما رفع شيئاً في الدنيا إلاَّ وضعه)).

ونحو هذا من الآي والأخبار، الدالّة على وجوب أشياء على الحق تعالى فلا يفهم من هذا الحقيقة المعروفة في العرف، الوجوب، الذي يستحق فاعله المدح وتاركه الذم، حتى يكون الحق تعالى داخلاً تحت الحجر والحصر، تعالى عن ذلك، وإنم الحق تعالى أخبرنا ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن الأشياء وأمثاله اقتضتها مرتبة الألوهية اقتضاء ذاتياً لها، لا مقتضى لها غيرها، إذ لا يصدر من الحق تعالى شيء إلاَّ ولذلك الشيء اسم إلهي، اقتضى صدور ذلك الشيء كائناً م كان، فالألوهية نسبة ومرتبة، لها أحكام وخصوصيات، لابّد منها لتحقيق المرتبة، والحق ـ تعالى مختار في كل فعل وترك لا مكره له، ولا مقتضى إلا ألوهيته من ألوهيته، أعني مرتبته، كأن يفعل الملك مثلاً أشياء من لوازم المملكة ومقتضياتها، فيرى السوقة أن الملك تكلّفها، وألزم نفسه ما ليس بلازم عليه، وما يدري السوقة أن رتبة المملكة اقتضت ذلك الفعل لذاتها، لا لمقتضى آخر خارج منها، ولو ترك الملك ذلك الفعل، الذي اقتضته رتبة المملكة، لما أكرهه غيره عليه، ولكن ما تصح له رتبة المملكة بالحقيقة؛ فإنَّ المرتبة تعزله في نفس الأمر لنقص شيء من مقتضياتها وخصوصيتها. ورتبة الألوهية ثابتة لله تعالى عقلاً ونقلاً، ظاهراً وباطناً، فهو يفعل ما تقتضيه ألوهيته من غير اعتبار شيء زايد على ذلك، وقد تكلم إمامنا محي الدين على هذه المسألة بغير هذا والكّل من عند الله تعالى ﴿كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾ [الإسراء: 17 /20].


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!