فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي
![]() |
![]() |
: يقول الله هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية. يقول العبد اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولَا الضَّالِّينَ: يقول الله فهؤلاء لعبدي ولعبدي «1» ما سأل. فخلُصَ هؤلاء لعبده كما خَلُصَ الأول له تعالى. فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد الله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده.
ولما كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحقَّ فقد جالَسَ الحق وجَالَسَهُ الحقُّ، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومَنْ جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية. فإن لم يكن ذا «2» بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا. فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه «3» يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، ويلقي السمع لما يردُّ به عليه الحق «4». فإن كان إماماً لعالَمِهِ الخاص به وللملائكة «5» المصلين معه- فإن كل مصلٍ فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر- فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله. إذا قال سمع الله لمن حَمِدَه، فيخبر نفسه ومنْ خلْفَه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون «6» ربنا ولك الحمد.
فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها. فمن لم يحصِّل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه «7» فيها فما هو ممن ألقى سمعه «8». ومن لم يحضر فيها مع ربه مع
(1) ب: ساقطة
(2) ا: ذو
(3) ب: كأن
(4) ب: من الحق
(5) ن: والملائكة
(6) ب: الحاضرون
(7) ا: ما يرده الحق عليه. ب:
ما يرد به من الحق عليه
(8) ن: السمع.
![]() |
![]() |





