الفتوحات المكية

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


مدبّريها «1»، وبهذا استحقت التقدم‏ «2» عليهم. وأما «3» فضل العالِم من الصنف الإنساني على العالِم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني «11»: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به‏ «4» أسرعُ من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبْصَره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور «5»: فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو «6» عين زمان عدم إدراكه. والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.

فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان‏ «7» عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد. فرأى‏ «8» في ذلك الزمان بعينه سليمانُ عليه السلام عرشَ بلقيس مستقراً عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، ولم يكن عندنا باتحاد «9» الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرَّفه وهو قوله تعالى‏ «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ «12».

ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له. وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان‏ «10» زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس. ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نَفَس لا يكون ثم يكون «13».

ولا تقل «ثُم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح‏ «11»، وإنما «ثم» تقتضي‏


(1) ب: مديره

(2) ا: التقديم‏

(3) ا: وم

(4) ن: فيه‏

(5) ن: والمنظور إليه‏

(6) «ب» و«ن»: هو ساقطة

(7) ب: وكان‏

(8) ا: فرآه‏

(9) ا: بإيجاد

(10) ن: فكل‏

(11) ب: تصحيح‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!