أسرار الفتوحات المكية
وهو الباب 559 الذي لخص فيه الشيخ الأكبر موسوعة الفتوحات المكية وأسرار أبوابها الخمسمائة والستين
الباب التاسع والخمسين وخمسمائة من الفتوحات (ج4: ص326-444)، وهو يمثل السفرين الرابع والثلاثين والخامس والثلاثين وفق مخطوطة قونية، وهو يتحدث عن أسرار أبواب الفتوحات، وهناك مخطوطات لهذا الكتاب بعنوان: منتخب من أسرار الفتوحات المكية، أو: ملخص أسرار الفتوحات. فهذا الباب، أو الكتاب، يمثّل خلاصة أبواب الكتاب كلّها، وقد خصّ الشيخ كل باب بعبارة مختصرة تلخصه وكان يشير في البداية إلى رقم الباب ثم توقّف عن ذلك، مما يستدعي دراسة وبحثاً دقيقاً يمكننا من ربط بقية الأبواب بما ورد في هذا الباب
من أسرار الباب (458): [الانتهاء إلى سدرة المنتهى]
![]() |
![]() |
[الانتهاء إلى سدرة المنتهى]
ومن ذلك الانتهاء إلى سدرة المنتهى من الباب 475 قال السدرة المنتهى عروقها دون السماء وأصلها في السماء وفروعها عليون فتنتهي إليها أعمال العباد الصالحة والطالحة فإذا مات الإنسان وقبضت روحه قرنت بعملها حيث انتهى عمله من السدرة فالذي لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ عمله في عروق هذه السدرة والذين تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ عملهم في موضع ثمر هذه السدرة ولهذا لا يجوع السعيد ولا يعري للورق والثمر اللذين في الفروع والشقي يجوع ويعري لعدم التمر والورق في العروق وعدم الورق علم مدرج في مثال ومن ذلك عوارف آناء الليل في أطراف النهار قال الصباح والمساء أطراف النهار فالمساء ابتداء الليل والصباح انتهاء الليل والنهار ما بين الانتهاء والابتداء والليل ما بين الابتداء والانتهاء والعوارف الإلهية هي ما يعطي الحق في تجليه لعباده فأمرنا بالتسبيح آناءَ اللَّيْلِ وأَطْرافَ النَّهارِ وما تعرض لذكر النهار في هذا الحكم لأنه قال إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا أي فراغا فالنهار لك والليل وأطراف النهار له فإذا كنت له في الليل وأطراف النهار كان لك هو في النهار فعطايا الليل وأطراف النهار جزاء التسبيح وعطايا النهار جزاء الاشتغال والفراغ إلى الحق في آناء الليل وأطراف النهار فما ثم من الله للعبد الأجزاء والابتداء للعبد فإن النفس إذا أكلت من كسبها لها إدلال كما إن لها انكسارا في الهبة فلهذا كان الجزاء عاما لأنه على الصورة ولا انكسار ينبغي لها ومن ذلك الدعاء من الوعاء قال لا يكون الوعاء وعاء حتى يكون فيه ما يعي عليه وإذا امتلأ لا يكون فيه غير ما امتلأ به فلهذا يدعو الإنسان فإنه ملآن بما يدعو به فإذا دعا فرغ أنيته فملأها الله بما أجابه به مما دعاه فيه وزيادة فما شرع الدعاء إلا لتفريغ المحل مما ملأه الحق به ولهذا ما ثم إلا من يدعو ويبتهل وقال انظر إلى الكأس إذا كان ملآن بالماء ثم فرغته أو فرغت منه ما فرغت ما يخرج منه شيء في حين خروجه إلا عمر موضعه الهواء فهذه بشرى بسرعة إجابة الله من دعاه ومن ذلك آداب الحق ما نزلت به الشرائع قال لما كان الأمر العظيم يجهل قدره ولا يعلم ويعز الوصول إليه تنزلت الشرائع بآداب التوصل فقبلها أولو الألباب لأن الشريعة لب العقل والحقيقة لب الشريعة فهي كالدهن في اللب الذي يحفظه القشر فاللب يحفظ الدهن والقشر يحفظ اللب كذلك العقل يحفظ الشريعة والشريعة تحفظ الحقيقة فمن ادعى شرعا بغير عقل لم يصح دعواه فإن الله ما كلف إلا من استحكم عقله ما كلف مجنونا ولا صبيا ولا من خرف من الكبر ومن ادعى حقيقة من غير شريعة فدعواه لا يصح ولهذا قال الجنيد علمنا هذا يعني الحقائق التي يجيء بها أهل الله مقيد بالكتاب والسنة أي أنها لا تحصل إلا لمن عمل بكتاب الله وسنة رسوله وذلك هو الشريعة وقال إن الله أدبني فحسن أدبي
وما هو إلا ما شرع له فمن تشرع تأدب ومن تأدب وصل ومن ذلك عين القلب في القلب قال خلق
الله الإنسان مقلوب النشأة فآخرته في باطنه ودنياه في ظاهره وظاهره مقيد بالصورة فقيده الله بالشرع فكما لا يتبدل لا يتبدل وهو في باطنه يتنوع ويتقلب بخواطره في أي صورة خطر له كما يكون عليه في نشأة الآخرة فباطنه في الدنيا صورة ظاهرة في النشأة الآخرة وظاهرة في الدنيا باطنه في النشأة الآخرة لهذا جاء كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فالآخرة مقلوب نشأة الدنيا والدنيا مقلوب نشأة الآخرة والإنسان هو الإنسان عينه فاجهد أن يكون خواطرك هنا محمودة شرعا فتجمل صورتك في الآخرة وبالعكس
![]() |
![]() |





