الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصية)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصية)

(وصية)

وعليك بالجهاد الأكبر وهو جهادك هواك فإنه أكبر أعدائك وهو أقرب الأعداء إليك الذين يلونك فإنه بين جنبيك والله يقول سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ من الْكُفَّارِ ولا أكفر عندك من نفسك فإنها في كل نفس تكفر نعمة الله عليها من بعد ما جاءتها فإنك إذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك الجهاد الآخر في الأعداء الذي إن قتلت فيه كنت من الشهداء الأحياء الذين عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ الله من فَضْلِهِ مستبشرين بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ من خَلْفِهِمْ وقد علمت فضل المجاهد في سبيل الله في حال جهاده حتى يرجع إلى أهله بما اكتسبه من أجر أو غنيمة إنه كالصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا من صيام حتى يرجع المجاهد وقد علمت بالحديث الصحيح أن الصوم لا مثل له وقد قام الجهاد مقامه ومقام الصلاة وثبت هذا عن رسول الله ص‏

وهذا في الجهاد الذي فرضه الله تعالى المعين ويعصي الإنسان بتركه لا بد من ذلك ولا يزال العبد العالم الناصح نفسه المستبرئ لدينه في جهاد أبدا لأنه مجبول على خلاف ما دعاه إليه الحق فإنه بالأصالة متبع هواه الذي هو بمنزلة الإرادة في حق الحق فيفعل الحق ما يريده فإننا كلنا عبيده ولا تحجير عليه ويريد الإنسان أن يفعل ما يهوى وعليه التحجير فما هو مطلق الإرادة فهذا هو السبب الموجب في كونه لا يزال مجاهدا أبدا ولذلك طلب أصحاب الهمم أن يلحقوا بدرجات العارفين بالله حتى تكون إرادتهم إرادة الحق أي يريدون جميع ما يريده الحق وهو ما هم الخلق عليه فيريدونه من حيث إن الله أراد إيجاده ويكرهون منه بكراهة الحق ما كرهه الحق ووصف نفسه بأنه لا يرضاه فهو يريده ولا يرضاه ويريده ويكرهه في عين إرادته إن أراد أن يكون مؤمنا وإن لم يكن كذلك وإلا فقد انسلخ من الايمان نعوذ بالله من ذلك فإنه غاية الحرمان وهذا هو الحق الممقوت كما تقول في الغيبة إنها الحق المنهي عنه‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!