المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النساء: [الآية 129]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة النساء | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 / 352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 94 - ج 2 / 107تفسير ابن كثير:
وقوله تعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) أي : لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه ، فإنه وإن حصل القسم الصوري : ليلة وليلة ، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع ، كما قاله ابن عباس ، وعبيدة السلماني ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والضحاك بن مزاحم .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) في عائشة . يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعني : القلب .
لفظ أبي داود ، وهذا إسناد صحيح ، لكن قال الترمذي : رواه حماد بن زيد وغير واحد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة مرسلا قال : وهذا أصح .
وقوله ( فلا تميلوا كل الميل ) أي : فإذا ملتم إلى واحدة منهم فلا تبالغوا في الميل بالكلية ( فتذروها كالمعلقة ) أي : فتبقى هذه الأخرى معلقة .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان : معناه لا ذات زوج ولا مطلقة .
وقد قال أبو داود الطيالسي : أنبأنا همام ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط " .
وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث همام بن يحيى ، عن قتادة ، به . وقال الترمذي : إنما أسنده همام ، ورواه عن قتادة - قال : " كان يقال " . ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث همام .
وقوله : ( وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ) أي : وإن أصلحتم في أموركم ، وقسمتم بالعدل فيما تملكون ، واتقيتم الله في جميع الأحوال ، غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يخبر تعالى: أن الأزواج لا يستطيعون وليس في قدرتهم العدل التام بين النساء، وذلك لأن العدل يستلزم وجود المحبة على السواء، والداعي على السواء، والميل في القلب إليهن على السواء، ثم العمل بمقتضى ذلك. وهذا متعذر غير ممكن، فلذلك عفا الله عما لا يستطاع، ونهى عما هو ممكن بقوله: { فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ْ} أي: لا تميلوا ميلا كثيرا بحيث لا تؤدون حقوقهن الواجبة، بل افعلوا ما هو باستطاعتكم من العدل. فالنفقة والكسوة والقسم ونحوها عليكم أن تعدلوا بينهن فيها، بخلاف الحب والوطء ونحو ذلك، فإن الزوجة إذا ترك زوجها ما يجب لها، صارت كالمعلقة التي لا زوج لها فتستريح وتستعد للتزوج، ولا ذات زوج يقوم بحقوقها. { وَإِنْ تُصْلِحُوا ْ} ما بينكم وبين زوجاتكم، بإجبار أنفسكم على فعل ما لا تهواه النفس، احتسابا وقياما بحق الزوجة، وتصلحوا أيضا فيما بينكم وبين الناس، وتصلحوا أيضا بين الناس فيما تنازعوا فيه، وهذا يستلزم الحث على كل طريق يوصل إلى الصلح مطلقا كما تقدم. { وَتَتَّقُوا ْ} الله بفعل المأمور وترك المحظور، والصبر على المقدور. { فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ْ} يغفر ما صدر منكم من الذنوب والتقصير في الحق الواجب، ويرحمكم كما عطفتم على أزواجكم ورحمتموهن.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ) أي : لن تقدروا أن تسووا بين النساء في الحب وميل القلب ، ( ولو حرصتم ) على العدل ، ( فلا تميلوا ) أي : إلى التي تحبونها ، ( كل الميل ) في القسم والنفقة ، أي : لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم ، ( فتذروها كالمعلقة ) أي فتدعوا الأخرى كالمنوطة لا أيما ولا ذات بعل . وقال قتادة : كالمحبوسة ، وفي قراءة أبي بن كعب : كأنها مسجونة .
وروي عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه ، فيعدل ويقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " ، ورواه بعضهم عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها متصلا .
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " . ( وإن تصلحوا وتتقوا ) الجور ، ( فإن الله كان غفورا رحيما ) .
الإعراب:
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا) فعل مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب مفعول به وظرف المكان (بَيْنَ) متعلق بالفعل قبله (النِّساءِ) مضاف إليه (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) فعل ماض وفاعله ولو شرطية والجملة في محل نصب حال (فَلا تَمِيلُوا) فعل مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم لأنها سبقت بفاء الفصيحة (كُلَّ الْمَيْلِ) كل مفعول مطلق الميل مضاف إليه وجواب لو محذوف (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية والواو فاعل والهاء مفعول به والمصدر المؤول معطوف على مصدر مؤول من الفعل السابق: لا يكن منكم ميل وترك أو الفاء عاطفة تذروها معطوف على تميلوا كالمعلقة متعلقان بتذروها.
(وَإِنْ تُصْلِحُوا) فعل الشرط مجزوم بحذف النون والواو فاعل (وَتَتَّقُوا) عطف والجملة (فَإِنَّ اللَّهَ) تعليلية وجواب الشرط محذوف تقديره: وإن تصلحوا وتتقوا يغفر اللّه لكم.
(فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) سبق اعراب مثلها.