«لا يسمع» بالياء والتاء «فيها لاغية» أي نفس ذات لغوٍ: هذيان من الكلام.
فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)
أي إنما أنت مبلغ عن اللّه لا غير ، كما قال له (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وقوله (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) وقوله «إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ» والمذكر لا يكون إلا لمن كان على حالة منسية ، ولو لم يكن كذلك لكان معلما لا مذكرا ، فدل أنه لا يذكرهم إلا بحال إقرارهم بربوبيته تعالى عليهم حين قبض الذرية من ظهر آدم في الميثاق الأول .
------------
(21) الفتوحات ج 2 /
388
( لا تسمع فيها لاغية ) أي : لا يسمع في الجنة التي هم فيها كلمة لغو . كما قال : ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ) [ مريم : 62 ] وقال : ( لا لغو فيها ولا تأثيم ) [ الطور : 23 ] وقال : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) [ الواقعة : 25 ، 26 ]
قوله تعالى {وجوه يومئذ ناعمة} أي ذات نعمة. وهي وجوه المؤمنين؛ نعمت بما عاينت من عاقبة أمرها وعملها الصالح. {لسعيها} أي لعملها الذي عملته في الدنيا. {راضية} في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها. ومجازه : لثواب سعيها راضية. وفيها واو مضمرة. المعنى : ووجوه يومئذ، للفصل بينها وبين الوجوه المتقدمة. والوجوه عبارة عن الأنفس. {في جنة عالية} أي مرتفعة، لأنها فوق السموات حسب ما تقدم. وقيل : عالية القدر، لأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. وهم فيها خالدون. قوله تعالى {لا تسمع فيها لاغية} قوله تعالى {لاغية} أي كلاما ساقطا غير مرضي. وقال {لاغية}، واللغو واللغا واللاغية : بمعنى واحد. قال : عن اللَّغا ورفث التكلم وقال الفراء والأخفش أي لا تسمع فيها كلمة لغو. وفي المراد بها ستة أوجه : أحدها : يعني كذبا وبهتانا وكفرا باللّه عز وجل؛ قال ابن عباس. الثاني : لا باطل ولا إثم؛ قال قتادة. الثالث : أنه الشتم؛ قاله مجاهد. الرابع : المعصية؛ قاله الحسن. الخامس : لا يسمع فيها حالف يحلف بكذب؛ قاله الفراء. وقال الكلبي : لا يسمع في الجنة حالف بيمين برة ولا فاجرة. السادس : لا يسمع في كلامهم كلمة بلغو؛ لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد اللّه على ما رزقهم من النعيم الدائم؛ قال الفراء أيضا. وهو أحسنها لأنه يعم ما ذكر. وقرأ أبو عمرو وابن كثير {لا يسمع} بياء غير مسمى الفاعل. وكذلك نافع، إلا أنه بالتاء المضمومة؛ لأن اللاغية اسم مؤنث فأنث الفعل لتأنيثه. ومن قرأ بالياء فلأنه حال بين الاسم والفعل الجار والمجرور. وقرأ الباقون بالتاء مفتوحة {لاغية} نصا على إسناد ذلك للوجوه، أي لا تسمع الوجوه فيها لاغية.
وجوه المؤمنين يوم القيامة ذات نعمة؛ لسعيها في الدنيا بالطاعات راضية في الآخرة، في جنة رفيعة المكان والمكانة، لا تسمع فيها كلمة لغو واحدة، فيها عين تتدفق مياهها، فيها سرر عالية وأكواب معدة للشاربين، ووسائد مصفوفة، الواحدة جنب الأخرى، وبُسُط كثيرة مفروشة.
{ لَا تَسْمَعُ فِيهَا } أي: الجنة { لَاغِيَةً } أي: كلمة لغو وباطل، فضلًا عن الكلام المحرم، بل كلامهم كلام حسن [نافع] مشتمل على ذكر الله تعالى، وذكر نعمه المتواترة عليهم، و[على] الآداب المستحسنة بين المتعاشرين، الذي يسر القلوب، ويشرح الصدور.
"لا تسمع فيها لاغية"، لغو وباطل ، قرأ أهل مكة والبصرة : " لا يسمع " بالياء وضمها ، " لاغية " رفع . وقرأ نافع " لا تسمع " بالتاء وضمها ، " لاغية " رفع ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها " لاغية " [ بالنصب ] على الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - .
(لا) نافية (تَسْمَعُ) مضارع فاعله مستتر (فِيها) متعلقان بالفعل (لاغِيَةً) مفعول به والجملة صفة لجنة.
Traslation and Transliteration:
La tasmaAAu feeha laghiyatan
Where they hear no idle speech,
Orada boş söz duymazlar.
où ils n'entendent aucune futilité.
Du hörst darin kein sinnloses Gerede.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الغاشية (Al-Gashiyah - The Overwhelming) |
ترتيبها |
88 |
عدد آياتها |
26 |
عدد كلماتها |
92 |
عدد حروفها |
378 |
معنى اسمها |
الْغِشَاءُ: الْغِطَاءُ. وَ(الْغَاشِيَةِ): مِنْ أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَِنَّهَا تَغْشَى الْخَلائِقَ بِشَدَائِدِهَا |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْغَاشِيَةِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْغَاشِيَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ﴾ |
مقاصدها |
التَّذْكِيرُ بِأَحْدَاثِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَالدَّعْوَةُ إِلَى التَّأَمُّلِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللهِ تَعَالَى |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
تُسَنُّ قِرَاءَتُهَا فِي صَلاَةِ العِيدَيْنِ والجُمُعَة، فَعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِــ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ و ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ﴾. (رَوَاهُ مُسْلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (الغَاشِيَةِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (الأَعْلَىْ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ تَعَالَى (الْأَعْلَى) بِذِكْرِ الْآخِرَةِ بِقَولِهِ: ﴿وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ ١٧﴾، افْتَتَحَ (الْغَاشِيَةَ) بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الْآخِرَةِ وَوَصْفِهَا فَقَالَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ ١﴾... الآياتِ |