«عينا» بدل زنجبيلا «فيها تسمى سلسبيل» يعني أن ماءها كالزنجبيل الذي تستلذ به العرب سهل المساغ في الحلق.
يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (31)
لو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له ، من عدم مبالاة الحق بأهل الشقاء ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف اللّه نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ،
وقد قيل في أهل الشقاء (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) فلو لا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
(77) سورة المرسلات مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
جاء في نزول سورة المرسلات وغيرها أنها نزلت مرتين .
------------
(31) الفتوحات ج 3 /
463
( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) أي : الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلا .
قال عكرمة : اسم عين في الجنة . وقال مجاهد : سميت بذلك لسلاسة سيلها وحدة جريها .
وقال قتادة : ( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) عين سلسة مستقيد ماؤها .
وحكى ابن جرير عن بعضهم أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق . واختار هو أنها تعم ذلك كله ، وهو كما قال .
قوله تعالى {ويطاف عليهم بأنية من فضة وأكواب} أي يدور على هؤلاء الأبرار الخدم إذا أرادوا الشراب {بآنية من فضة} قال ابن عباس : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء؛ أي ما في الجنة أشرف وأعلى وأنقى. ثم لم تنف الأواني الذهبية بل المعنى يسقون في أواني الفضة، وقد يسقون في أواني الذهب. وقد قال تعالى {يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب}[
الزخرف : 71]. وقيل : نبه بذكر الفضة على الذهب؛ كقوله {سرابيل تقيكم الحر}[
النحل : 81] أي والبرد؛ فنبه بذكر أحدهما على الثاني. والأكواب : الكيزان العظام التي لا آذان لها ولا عرى، الواحد منها كوب؛ وقال عدي : متكئا تقرع أبوابه ** يسعى عليه العبد بالكوب وقد مضى في الزخرف . {قوارير من فضة} أي في صفاء القوارير وبياض الفضة؛ فصفاؤها صفاء الزجاج وهي من فضة. وقيل : أرض الجنة من فضة، والأواني تتخذ من تربة الأرض التي هي منها. ذكره ابن عباس وقال : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه، إلا القوارير من فضة. وقال : لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الذباب لم تر من ورائها الماء، ولكن قوارير الجنة مثل الفضة في صفاء القوارير. {قدروها تقديرا} قراءة العامة بفتح القاف والدال؛ أي قدرها لهم السقاة الذين يطوفون بها عليهم. قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : أتوا بها على قدر ريهم، بغير زيادة ولا نقصان. الكلبى : وذلك ألذ وأشهى؛ والمعنى : قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم. وعن ابن عباس أيضا : قدروها على ملء الكف لا تزيد ولا تنقص، حتى لا تؤذيهم بثقل أو بإفراط صغر. وقيل : إن الشاربين قدروا لها مقادير في أنفسهم على ما اشتهوا وقدروا. وقرأ عبيد بن عمير والشعبي وابن سيرين {قدروها} بضم القاف وكسر الدال؛ أي جعلت لهم على قدر إرادتهم. وذكر هذه القراءة المهدوي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما؛ وقال : ومن قرأ {قدروها} فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى، وكأن الأصل قدروا عليها فحذف الجر؛ والمعنى قدرت عليهم؛ وأنشد سيبويه : آليت حب العراق الدهر آكله ** والحب يأكله في القرية السوس وذهب إلى أن المعنى على حب العراق. وقيل : هذا التقدير هو أن الأقداح تطير فتغترف بمقدار شهوة الشارب؛ وذلك قوله تعالى {قدروها تقديرا} أي لا يفضل عن الري لا ينقص منه، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهى حتى تغترف بذلك المقدار. ذكر هذا القول الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . قوله تعالى {ويسقون فيها كأسا} وهي الخمر في الإناء. {كان مزاجها زنجبيلا} {كان} صلة؛ أي مزاجها زنجبيل، أو كان في حكم الله زنجبيلا. وكانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته؛ لأنه يحذو اللسان، ويهضم المأكول، فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب. وقال المسيب عن علس يصف ثغر المرأة : وكأن طعم الزنجبيل به ** إذ ذقته وسلافة الخمر ويروى. الكرم. وقال آخر : ، كأن جنيا من الزنجبيـ ** ـل بات بفيها وأريا مشورا ونحوه قول الأعشى : كأن القرنفل والزنجبيـ ** ـل باتا بفيها وأريا مشورا وقال مجاهد : الزنجبيل اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار. وكذا قال قتادة : والزنجبيل اسم العين التي يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة. وقيل : هي عين في الجنة يوجد فيها طعم الزنجبيل. وقيل : إن فيه معنى الشراب الممزوج بالزنجبيل. والمعنى كأن فيها زنجبيلا. {عينا} بدل من كأس. ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل أي يسقون عينا. ويجوز نصبه بإسقاط الخافض أي من عين على ما تقدم في قوله تعالى {عينا يشرب بها عباد الله}[الإنسان : 6]. {فيها} أي في الجنة {تسمى سلسبيلا} السلسبيل الشراب اللذيذ، وهو فعليل من السلالة؛ تقول العرب : هذا شراب سلس وسلسال وسلسل وسلسبيل بمعنى؛ أي طيب الطعم لذيذه. وفي الصحاح : وتسلسل الماء في الحلق جرى، وسلسلته أنا صببته فيه، وماء سلسل وسلسال : سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه، والسلاسل بالضم مثله. وقال الزجاج : السلسبيل في اللغة : اسم لما كان في غاية السلاسة؛ فكأن العين سميت بصفتها. وعن مجاهد قال : سلسبيلا : حديدة الجرية تسيل في حلوقهم انسلالا. ونحوه عن ابن عباس : إنها الحديدة الجري. ذكره الماوردي؛ ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه : يسقون من ورد البريص عليهم ** بردى يصفق بالرحيق السلسل وقال أبو العالية ومقاتل : إنما سميت سلسبيلا؛ لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم، تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنة. وقال قتادة : سلسة منقاد ماؤها حيث شاؤوا. ونحوه عن عكرمة. وقال القفال : أي تلك عين شريفة فسل سبيلا إليها. وروي هذا عن علي رضي الله عنه. وقوله {تسمى} أي إنها مذكورة عند الملائكة وعند الأبرار وأهل الجنة بهذا الاسم. وصرف سلسبيل؛ لأنه رأس آية؛ كقوله تعالى{الظنونا}[
الأحزاب : 10] و{السبيلا}[
الأحزاب : 67].
ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضيَّة، وأكواب الشراب من الزجاج، زجاج من فضة، قدَّرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص، ويُسْقَى هؤلاء الأبرار في الجنة كأسًا مملوءة خمرًا مزجت بالزنجبيل، يشربون مِن عينٍ في الجنة تسمى سلسبيلا؛ لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه.
{ عَيْنًا فِيهَا } أي: في الجنة، { تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا } سميت بذلك لسلاستها ولذتها وحسنها.
"عيناً فيها تسمى سلسبيلاً"، قال قتادة: سلسلة منقادة لهم يصرفونها حيث شاؤوا، وقال مجاهد: حديدة شديدة الجرية.
وقال أبو العالية ومقاتل بن حيان: سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنان وشراب الجنة على برد الكافور وطعم الزنجبيل وريح المسك. قال الزجاج: سميت سلسبيلاً لأنها في غاية السلاسة تتسلسل في الحلق، ومعنى قوله: "تسمى" أي توصف لأن أكثر العلماء على أن سلسبيلاً صفة لا اسم.
(عَيْناً) بدل من زنجبيلا و(فِيها) صفة عينا و(تُسَمَّى) مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر و(سَلْسَبِيلًا) مفعول به ثان والجملة صفة ثانية لعينا.
Traslation and Transliteration:
AAaynan feeha tusamma salsabeelan
(The water of) a spring therein, named Salsabil.
Orada bulunan ve şarılşarıl akan, her yana giden, boğazdan kayan selsebil kaynağından.
puisé là-dedans à une source qui s'appelle Salsabîl.
aus einer Quelle darin, die Sal-sabil heißt.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الانسان (Al-Insan - The Man) |
ترتيبها |
76 |
عدد آياتها |
31 |
عدد كلماتها |
243 |
عدد حروفها |
1065 |
معنى اسمها |
(الْإِنْسَانُ): مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْمُكَلَّفُ بِعِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الإِنْسَانِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ﴾ وَسُورَةَ ﴿ٱلدَّهۡرِ﴾ |
مقاصدها |
تَذْكِيرُ الْإِنْسَانِ بِنِعْمَةِ خَلْقِهِ وَمَصِيرِهِ لِلْاتِّعَاظِ وَالْاعْتِبَارِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءتُها فَجرَ الجُمُعَةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الْجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ﴾». (رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسْلِم).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيامَةِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الإِنْسَانِ) بِآخِرِهَا: التَّذْكِيرُ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ ...٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْإِنْسَانِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ): خُتِمَتِ (الْقِيَامَةُ) بِتَذْكِيرِ الْإِنْسَانِ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ، فَقَالَ: ﴿أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ ٣٧ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ ٣٨﴾، وَافْتُتِحَتِ (الْإِنْسَانُ) بِالْمَوضُوعِ نَفْسِهِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢﴾ |