المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التحريم: [الآية 2]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة التحريم | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)
[الجار قبل الدار: ]
شهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لآسية امرأة فرعون بالكمال ، فقالت العارفة المشهود لها بالكمال «رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ» دار المآل ، فقدّمت الحق على البيت ، وقدمت الجار على الدار ، لما علمت أن بالدار يصح الجوار ، وهو الذي جرى به المثل في قولهم : الجار قبل الدار ؛ ولم تطلب مجاورة موسى ولا أحد من المخلوقين ، بل قدمت الحق ، وطلبت جواره والعصمة من أيدي عداته ، فقالت «وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» حتى لا تنتهك الحرمة .
[سورة التحريم (66) : آية 12]
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (12)
روح عيسى منفوخ بالجمع والكثرة ، ففيه قوى جميع الأسماء والأرواح ، فإنه قال : «فَنَفَخْنا فِيهِ» بنون الجمع «مِنْ رُوحِنا» فإن جبريل عليه السلام وهب لها بشرا سويا ، فتجلى في صورة إنسان كامل ، فنفخ وهو نفخ الحق ، كما قال على لسان عبده [ سمع اللّه لمن حمده ] «وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّه» وما هو إلا عيسى عليه السلام ،
وقد قال عنه تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) فجعله كلمات لها لأنه كثير من حيث نشأته الظاهرة والباطنة ، فكل جزء منه ظاهرا كان أو باطنا فهو كلمة ، فلهذا قال فيه:" وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها»
لان عيسى روح اللّه من حيث جملته ، ومن حيث أحدية كثرته هو قوله : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ)
ولذلك كان شرف مريم وكمالها الذي شهد لها به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنسبة عيسى عليه السلام إليها فقيل : عيسى ابن مريم.
(67) سورة الملك مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
ورد أن هذه السورة تجادل عن قارئها في قبره .
تبارك ملك الملك جل جلاله ***وعز فلم يدرك بفكر ولا ذكر
تعالى عن الأمثال علو مكانة *** تبارك حتى ضمه القلب في صدري
ولم أدر ما هذا ولا ينجلي لنا *** مقالته فيه وبالشفع والوتر
عرفناه لما أن تلونا كتابه *** فللجهر ذاك الوتر والشفع للستر
------------
(11) الفتوحات ج 3 / 11 - ج 4 / 341 - ج 3 / 460 ، 11تفسير ابن كثير:
قال فأنزل الله تعالى "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج.
وقال ابن جرير أيضا حدثني يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن عليه ثنا هشام الدستوائي قال كتب إلي يحيى يحدث عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير أن ابن عباس كان يقول في الحرام يمين تكفرها وقال ابن عباس "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم جاريته فقال الله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله - قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" فكفر يمينه فصير الحرام يمينا.
ورواه البخاري عن معاذ بن فضالة عن هشام هو الدستوائي عن يحيى هو ابن أبي كثير عن ابن حكيم وهو يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في الحرام يمين تكفر وقال ابن عباس "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ورواه مسلم من حديث هشام الدستوائي به وقال النسائي أنا عبدالله بن عبد الصمد بن علي ثنا مخلد بن يزيد ثنا سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أتاه رجل فقال إني جعلت امرأتي علي حراما قال كذبت ليس عليك بحرام ثم تلا هذه الآية "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة تفرد به النسائي من هذا الوجه بهذا اللفظ وقال الطبراني ثنا محمد بن زكريا ثنا عبدالله بن رجاء ثنا إسرائيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريته ومن ههنا ذهب من ذهب من الفقهاء ممن قال بوجوب الكفارة على من حرم جاريته أو زوجته أو طعاما أو شرابا أو ملبسا أو شيئا من المباحات وهو مذهب الإمام أحمد وطائفة وذهب الشافعي إلى أنه لا تجب الكفارة فيما عدا الزوجة والجارية إذا حرم عينيهما أو أطلق التحريم فيهما في قول فأما إذا نوى بالتحريم طلاق الزوجة أو عتق الأمة نفذ فيهما وقال ابن أبي حاتم حدثني أبو عبدالله الطهراني أنا حفص بن عمر العدني أنا الحكم بن أبان أنا عكرمة عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا قول غريب.
والصحيح أن ذلك كان في تحريمه العسل كما قال البخاري عند هذه الآية ثنا إبراهيم بن موسى أنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير إني أجد منك ريح مغافير.
قال "لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا" "تبتغي مرضاة أزواجك" هكذا أورد هذا الحديث ههنا بهذا اللفظ.
وقال في كتاب الأيمان والنذور ثنا الحسن بن محمد ثنا الحجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول سمعت عائشة تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل له إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك له فقال: "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له" فنزلت "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله تعالى - إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" لعائشة وحفصة.
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } أي: قد شرع لكم، وقدر ما به تنحل أيمانكم قبل الحنث، وما به الكفارة بعد الحنث، وذلك كما في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا } إلى أن قال: { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ } .
فكل من حرم حلالًا عليه، من طعام أو شراب أو سرية، أو حلف يمينًا بالله، على فعل أو ترك، ثم حنث أو أراد الحنث، فعليه هذه الكفارة المذكورة، وقوله: { وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ } أي: متولي أموركم، ومربيكم أحسن تربية، في أمور دينكم ودنياكم، وما به يندفع عنكم الشر، فلذلك فرض لكم تحلة أيمانكم، لتبرأ ذممكم، { وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } الذي أحاط علمه بظواهركم وبواطنكم، وهو الحكيم في جميع ما خلقه وحكم به، فلذلك شرع لكم من الأحكام، ما يعلم أنه موافق لمصالحكم، ومناسب لأحوالكم.
تفسير البغوي
( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) أي بين وأوجب أن تكفروها إذا حنثتم وهي ما ذكر في سورة المائدة ( والله مولاكم ) وليكم وناصركم ( وهو العليم الحكيم )
واختلف أهل العلم في لفظ التحريم ، فقال قوم : ليس هو بيمين ، فإن قال لزوجته : أنت علي حرام ، أو حرمتك ، فإن نوى به طلاقا فهو طلاق ، وإن نوى به ظهارا فظهار . وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين بنفس اللفظ . وإن قال ذلك لجاريته فإن نوى عتقا عتقت ، وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين ، وإن قال لطعام : حرمته على نفسي فلا شيء عليه ، وهذا قول ابن مسعود وإليه ذهب الشافعي .
وذهب جماعة إلى أنه يمين ، فإن قال ذلك لزوجته أو جاريته فلا تجب عليه الكفارة ما لم يقربها كما لو حلف أن لا يطأها . وإن حرم طعاما فهو كما لو حلف أن لا يأكله ، فلا كفارة عليه ما لم يأكل ، يروى ذلك عن أبي بكر وعائشة وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة رضي الله عنه :
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا معاذ بن فضالة ، حدثنا هشام عن يحيى ، عن ابن حكيم ، وهو يعلى بن حكيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في الحرام : يكفر . وقال ابن عباس : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ( الأحزاب - 21 ) .
الإعراب:
(قَدْ فَرَضَ اللَّهُ) قد حرف تحقيق وماض وفاعله والجملة استئنافية لا محل لها (لَكُمْ) متعلقان بالفعل (تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) مفعول به مضاف وأيمانكم مضاف إليه (وَ) الواو حالية (اللَّهُ مَوْلاكُمْ) مبتدأ وخبره والجملة حال.
(وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) معطوف على ما قبله.